الثلاثاء 26 أبريل 2016 / 18:34

الحل لسوريا وظيفة براتب كامل ودوام جزئي

أداء الهيئة اتسم بالمبدئية الدونكيشوتية التي تُعجب "جمهور المعارضة"، لكنه أداء بلا نتائج حتى الآن، كونه لا يستند إلى دعم سياسي، أو عسكري، يمكن أن يعدل الكفة بين الخصمين السوريين

يبدو ستيفان دي ميستورا حديث العهد بالديبلوماسية مقارنة مع الطرفين السوريين الخصمين في محادثات جنيف، التي لم تتقدم خطوة واحدة خلال ثلاث جولات منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.

هذا بالرغم من التفوق النظري لديبلوماسية المبعوث الأممي على وفد النظام المدعوم من روسيا وإيران، بقيادة المندوب الدائم للنظام في الأمم المتحدة بشار الجعفري، وتفوقه على وفد الهيئة العليا للمفاوضات التي شكل رياض حجاب زخماً لها منذ تشكيلها في الرياض في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أداء الهيئة اتسم بالمبدئية الدونكيشوتية التي تُعجب "جمهور المعارضة"، لكنه أداء بلا نتائج حتى الآن، كونه لا يستند إلى دعم سياسي، أو عسكري، يمكن أن يعدل الكفة بين الخصمين السوريين.

وبالرغم من أن دي ميستورا لا يأمل كثيراً، أو قليلاً، بنجاح مساعيه، يحاول أن يقول إن الموقف الأقصى في التشدد من الطرفين سيصبح ليناً مع مرور الوقت، كلما ازدادت قناعة كل منهما بأن كامل بنود موقفه لن تتحقق.

وتشير نتائج تحركات فريق مبعوث الأمم المتحدة المؤلف من مئات الموظفين إلى نجاح في نطاق العلاقات العامة، ليس أكثر. فروسيا لم تسمع منهم ، وأمريكا أوباما ليست في صدد إسماع روسيا كلمة قوية، ولا النظام على استعداد للتنازل عن مظاهر قوته.

لم يبق، إذاً، أمام الفريق سوى أن يستمر في نفخ مزاميره أمام وفد المعارضة، الذي يدرك ديبلوماسياً وعسكرياً أن الخسارة على الأرض لن تضر بعد كل تضحيات السوريين إذا ما ظل متمسكاً بمبدأ الثورة الذي رفعه الناس.

في حالة المعارضة المتمثلة أولاً بوفد الهيئة العليا للمفاوضات، وثانياً بالمعارضات "الاستشارية" التي دعاها دي ميستورا إلى جنيف، تحاول الأولى على الأقل ألا تكون منافقة، مع شيء من المرونة التي سماها دي ميستورا استعراضاً، فيما أحجم عن وصف وفد النظام بأي نعت سلبي حتى الآن.

دي ميستورا وفريقه الكبير يؤدي وظيفة، ويتمسك بها حتى الآن، لكن استمرار مراكمة فشله ستقود إلى انتهاء صلاحية أفكاره ومبادراته، شأن سابقيه، كوفي أنان، والأخضر الإبراهيمي.

وفي هذه الحالة سيفقد هو وفريقه وظائفهم ورواتبهم، ولعل هذا أكثر ما يتمسكون به حالياً قياساً إلى هزالة نتائج عملهم. في المقابل، لا يبدو أن لدى الأمم المتحدة بديلاً من مبعوثها الحالي وفريقه، وهي تعلم أن المهمة المستحيلة التي سيعجز عن حلها ستجعل مسألة إيجاد بديل منه مهمة صعبة على الأقل، إلا إذا كانت مجرد ملء شاغر.

بالطبع، سيفضل المبعوث الدولي استمرار مهمته وتحقيق نجاح ما يضاف إلى سيرته الطويلة في الديبلوماسية، لكن فشله أصبح محتوماً أمام عجز الولايات المتحدة عن تقديم دعم للأمم المتحدة في مواجهة التعنت الروسي الذي يستفرد في إدارة المسألة السورية بدوام شبه كامل جعل أوروبا وأمريكا تنسيان أن تتابع الضغط على روسيا كي تخفف عن حليفتهما أوكرانيا.

ربما يستند رهان دي ميستورا إلى جدوى قوة الضربات الجوية الروسية الداعمة لنظام الأسد لإعلان المعارضة استسلامها. ودون تحقق هذا الرهان لن يتأخر الوقت كي تقيله الأمم المتحدة إن لم يستقل من نفسه.

أمام هذا الاحتمال، يبدو تشرذم المعارضة السورية إلى معارضات إيجابياً من هذه الناحية، لأن معنى ذلك أن استسلام تلك المعارضات معاً مستحيل.

ودي ميستورا يراهن على شيء من هذا القبيل، فدعوته للهيئة، إلى جانب منصة القاهرة، وموسكو، والأستانة، وحميميم، تؤشر إلى خطة "ب" في برنامجه. ففي حال قاطعت الهيئة المفاوضات، سيلجأ إلى واحدة من هذه، أو إلى جميعها، بدوام جزئي وراتب كامل، له ولفريقه، ولهذه المنصات وفرقها القابلة للتوسع والاندماج في وفد النظام.

هذا ما يريده النظام وحلفاؤه، بل وما تريده الأمم المتحدة وأمريكا، على غرار المثل القائل "لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم"!