مجزة حلب (أرشيف)
مجزة حلب (أرشيف)
الأحد 1 مايو 2016 / 08:57

الدم في حلب

صادق ناشر - الخليج

ما الذي يجري في سوريا؟ لماذا يستعر القتال ويزداد شراسة في مختلف المناطق ويتكتف المشهد في حلب بصورة أبشع من بقية المناطق السورية، على الرغم من حديث عن "هدنة" تم الإعلان عنها منذ أسابيع؟ لماذا هذا الصمت من قبل المجتمع الدولي، الذي لا يكترث لما يدور في حلب؟ ولماذا هذه الوحشية التي يمارسها النظام وغيره ضد أبناء المدينة؟

أسئلة كثيرة لا توجد لها إجابة إلا لدى اللاعبين الكبار، الذين يجيدون فن التلاعب بالأنظمة والشعوب، من دون أن يحرك ذلك لديهم أي شعور بفداحة ما يرتكبونه من أعمال قتل وتدمير وتهجير.

اتفق الأمريكيون والروس على وقف القتال في دمشق واللاذقية، وهما مدينتان لا تشهدان ذلك القتال الدامي، كما هي الحال في حلب التي تم استثناؤها من الاتفاق، الذي عرف بـ"الصمت القتالي"، وهو مصطلح جديد لم نعرفه إلا بالاتفاق الذي جرى بين الأمريكيين والروس على حساب دماء الأبرياء في سوريا.

قبل النظام أن يتحول إلى قفاز في أيدي الدب الروسي، كما قبلت بعض فصائل المعارضة أن تكون في خدمة المشروع الأمريكي الذي بشرت به وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس للشرق الأوسط، إضافة إلى خدمة مشاريع سياسية لبعض دول المنطقة، بخاصة منها تركيا، وفي النهاية يموت الأبرياء من أبناء الشعب السوري بطريقة عبثية وبدم بارد.

يناهز عدد ضحايا الحرب في سوريا المليون شخص، فضلاً عما يقرب من خمسة ملايين جرى تهجيرهم إلى مناطق داخل سوريا وخارجها، وفقدت البلاد مليارات الدولارات، ناهيك عن تدمير بنية تحتية دفع الشعب السوري ثمنها من تضحياته طوال العقود الماضية، فيما لا يزال مصير البلد مجهولاً مع استمرار الحرب بصور مختلفة، بعد دخول روسيا على خط التدخل المباشر دعماً للنظام.

صحيح أن العديد من الملاحظات يمكن قولها في تطرف بعض الفصائل التي تقاتل النظام منذ اندلاع التظاهرات لإسقاطه قبل خمس سنوات، وغياب مشروع وطني لديها، وهناك مخاوف من تمدد تنظيم "داعش" وفصائل أخرى مشابهة في حال سقوط النظام، إلا أن ذلك لا يعطي بشار الأسد ولا غيره حق تدمير البلاد، بل إن الأمر يحتاج لأن يتنازل السوريون لبعضهم بعضاً حتى يتم تجنيب البلاد مزيداً من الدمار، فالتنازل لابن البلد أفضل من التنازل للأجنبي، الذي سيأتي حاملاً لمشروع لا وطني ومستورد من الخارج.

اليوم يسيل الدم بكثافة في حلب وفي غيرها من المناطق السورية، ويعجز الإنسان عن التعبير عن مشاعره حيال الصور القادمة من هذه المدينة وغيرها، فالصور تحمل مقداراً هائلاً من البشاعة وأذى النفس، فيما لم تحرك هذه الصور وبشاعتها المجتمع الدولي الذي ترك مهمة حل الأزمة السورية للأمريكيين والروس، الذين صاروا يتحكمون بمصائر شعوب المنطقة، غير آبهين بحجم الخراب الذي يتسببون به كل يوم.