الأحد 1 مايو 2016 / 21:05

د. علي بن تميم: أبوظبي شيدت صرحاً يفيء إليه العلماء والمبدعون

كرمت "جائزة الشيخ زايد للكتاب" في نسختها العاشرة اليوم الأحد، 7 شخصيات في مجالات ثقافية وأدبية، أبرزهم الكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف، الذي اختير شخصية العام الثقافية.

وقال أمين عام الجائزة الدكتور علي بن تميم خلال حفل تسليم الجوائز: "نقف اليوم إزاء لحظة مشرقة .. لحظة بهية.. لحظة فارقة .. مولد الجائزة قبل عشر سنوات وميلاد الرؤية.. رؤية أبو ظبي التي شيدت صرحاً معرفياً  يفيء إليه العلماء والمفكرون والمبدعون والمثقفون في العالم العربي، إنها الرؤية التي تتجذر في الحاضر وتمتد إلى المستقبل وتؤرخ في الوقت عينه لانبثاق روح جديدة في دولة الامارات العربية المتحدة .. الأفكار لها أجنحة تعود إلى أصحابها .. هكذا تحدث ابن رشد، الشخصية التي يحتفي معرض أبو ظبي الدولي للكتاب بها، ونقول للقيادة الحكيمة في أبوظبي إن الرؤية لها أجنحة تعود بها إلى فرسانها".

وأضاف بن تميم: "فلم يتقدم من يريد تأخرا.. ولم يتأخر من يريد تقدما. أجدني في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ المنطقة العربية أتساءل عن العلاقة بين الصورة والواقع، تساؤل ينبع من صلب راهن نعايشه ونراه وقد نختلف في تشخيصه ورسم معالمه".

وتابع: "ذات يوم شتائي من سبعينات القرن الماضي، زار الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد مبنى التلفزيون وبعد أن تحدث مع العاملين فيه حديثا فياضا بالمحبة، عابقا بالحكمة، عامرا بالتفاؤل، توقف، رحمه الله، عند مقدمة برنامج تلفزيوني كان يتحدث عن الذهب الأسود قائلا:
إنكم تعرضون في المقدمة صورة الغاز وهو يحترق، فكأنكم تقولون إن الإمارات تبدد الثروة التي حباها الله بها. سارع العاملون بالاعتذار، معلنين أنهم سيغيرون تلك الصورة. فرد عليهم الشيخ زايد بعطف الأب وحزم القائد: ما الفائدة من تغيير الصورة إذا لم يتغير الواقع، لا تغيروا الصورة نحن من سيغير الواقع أولاً".

واعتبر أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب أن "هذا هو الدرس الذي رسخه الراحل الكبير في دولة الامارات، معلناً منهجاً نسير عليه في المصالحة بين الصورة والواقع فلا يستقيم الظل والعود أعوج ، والرائد لا يكذب أهله كما جاء في الأثر. هذا هو الدرب الذي سار عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الدعم غير المحدود للثقافة والفكر والفن لأنها الحجر الأساس في بناء الدولة. فنحن في أبو ظبي نصدر عن وعي حقيقي بأن مجابهة التحديات الكبرى تقوم على المعرفة وتتواصل بالعلم وتنهض بالثقافة وتنتهي بالاستتنارة".

وقال: "يسعدنا أن يكون بيننا إلى جوار الفائزين الكرام الأديب العالمي أمين معلوف وهو من تقدم إبداعاته صورة تطابق تاريخيننا وتنزلها منزلتها ولا تتعالى على الواقع وتعري الهويات القاتلة وتفضح زيف من يتاجرون بها. ويسرني أن أتقدم بخالص التهنئة للعلماء والمفكرين والمبدعين الفائزين وكلي ثقة أنهم سيستلهمون نهج الراحل الكبير الشيخ زايد في عدم التفريط بالواقع من أجل الصورة أو تشويه الصورة أمام صخرة الواقع وأنهم يفيؤون إلى ظلال السماحة والتواصل والحوار واحترام الآخر والعمل بتفان وإخلاص".

وأضاف الدكتور بن تميم قائلاً: "يطيب لي أن أتوجه لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان حفظه الله على حضور الحفل وتكريم الفائزين وهو من تلقى الثقافة عنده بهاءها وألقها ويعرف للثقافة فضلها والفضل يعرفه ذووه والشكر موصول لمجلس الأمناء الموقر والهيئة العلمية ولجان التحكيم والمكتب الإداري للجائزة".

وختم" إن يختلف ماء الوصال فماؤنا
عذب تحدَّر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلف بيننا
أدب أقمناه مقام الوالد"

وقال معلوف في كلمة مقتضبة بعد تسلمه الجائزة "كلمة واحدة في ذهني هذه الليلة من الكتب تبدأ إعادة البناء، بناء العقول والقلوب، العقول النيرة، والقلوب المتآلفة، بناء الأمل، بناء الثقة بالنفس، الثقة بأن المستقبل ليس فقط للآخرين، بل هو أيضاً لنا، لأبنائنا وبناتنا، وهو لكل من يعشق العلم والفكر والفن والأدب، لكل من يعشق المعرفة والابتكار والإبداع".

وأضاف "المستقبل لمن يعشق الكتب، أي لمن يعشق الحياة".

وسلم الجوائز نائب رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، خلال احتفال أقيم في مركز أبوظبي للمعارض، على هامش معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي يستمر حتى الثالث من مايو (أيار).

وإضافة إلى معلوف، حاز الإماراتي جمال سند السويدي "جائزة الشيخ زايد للتنمية وبناء الدولة" عن كتابه "السراب"، والمصري إبراهيم عبد المجيد "جائزة الشيخ زايد للآداب" عن كتاب "ما وراء الكتابة، تجربتي مع الإبداع"، و"جائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات النقدية" للمغربي سعيد يقطين عن كتاب "الفكر الأدبي العربي، البنيان والأنساق"، و"جائزة الشيخ زايد للترجمة" للعراقي كيان أحمد حازم يحيى عن ترجمته لكتاب "معنى المعنى" لأوغدن ورتشاردز، و"جائزة الشيخ زايد للثقافة العربية في اللغات الأخرى" للمصري رشدي راشد عن كتاب "الزوايا والمقدار" الصادر بالعربية والفرنسية.

أما "جائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الأخلاقية" فمنحت لدار الساقي للنشر اللبنانية.

وتأسست الجائزة في العام 2006، بدعم ورعاية هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وتحمل إسم مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، وتمنح سنوياً "للمبدعين من المفكرين والناشرين والشباب تكريماً لمساهماتهم في مجالات التأليف والترجمة في العلوم الإنسانية".

وتضم الجائزة 10 فئات بينها شخصية العام الثقافية. واستثنيت هذه السنة فئات أدب الأطفال والناشئة، والمؤلف الشاب، والفنون والدراسات النقدية.

وتبلغ القيمة الإجمالية للجوائز 7 ملايين درهم إماراتي (مليوني دولار أمريكي). وينال الفائز في كل فرع من فروع الجائزة 750 ألف درهم، بينما تخص شخصية العام الثقافية بمليون درهم.