الخميس 5 مايو 2016 / 11:29

أمريكا ستندم على تخليها عن الشرق الأوسط

24- زياد الأشقر

تحت عنوان "أمريكا ستندم على تخليها عن الشرق الأوسط" كتب الباحث البارز في مجلس العلاقات الخارجية راي تاكيه إن الحملة السوريالية للانتخابات الرئاسية هذه السنة أبرزت الفجوة بين النخبة التي تتولى السياسة الخارجية والناخبين، قائلاً: "لقد قلبت معايير مؤسسات السياسة الخارجية لدى الحزبين، بطريقة فضولية وأنتجت وفاقاً بين الحزبين من النوع الذي يتخلى عن انخراط أمريكا في العالم العربي".

الطائرات من دون طيار لا يمكن أن تخفف الكارثة الإنسانية في سوريا أو أن تستعيد أجزاء من الأراضي في العراق

وكان المرشح الجمهوري المتصدر دونالد ترامب وصف حرب العراق بالجريمة، وندد بتحالفات أمريكا التقليدية وأغدق المديح على ديكتاتوريين مثل معمر القذافي. وطاردت حرب العراق أيضاً الحزب الديموقراطي مع وصف المرشح الديموقراطي بيرني ساندرز دعم هيلاري كلينتون للحرب بأنه حكم على فشلها. وينشغل ساندرز ومؤيدوه الشبان في ترك بصمتهم القائلة بعدم التدخل في الخارج، دافعين للتعاون مع روسيا وإيران على حساب حلفاء أمريكا.

الإحتواء في الشرق الأوسط
ويذكر تاكيه في مجلة فورين بوليسي الأمريكية بأنه منذ الحرب الباردة، دعمت مؤسسة السياسة الخارجية سياسة بعيدة المدى تحافظ على جدران الاحتواء في الشرق الأوسط. فالنخب والناس كانوا موحدين وراء هدف الحفاظ على الوصول إلى نفط المنطقة، وتأمين سلامة إسرائيل وإضعاف الطموحات السوفياتية. وتجلت الظاهرة البارزة لهذه الوحدة في تجاوزها الإنقسام الوطني حول حرب فيتنام. واعتبرت إدارات متعاقبة، جمهورية وديموقراطية، أن الشرق الأوسط مهم، وأن أمريكا يجب أن تنجح في المنطقة.

وحتى في ظل فترة ما بعد الحرب الباردة، عندما لم يعد يتعين على الولايات المتحدة صد إمبراطورية سوفياتية قاسية، بقي الشرق الأوسط منطقة تحظى بإجماع صلب. وحاول كلا الحزبين أن يجد حلاً للصراع العربي-الإسرائيلي، واحتواء العراق وإيران، والتعامل مع التهديد المتزايد لإرهاب الإسلاميين. وكانت هناك خلافات على التكتيكات، ولكن ليس على مجمل الأهداف. وفي عام 2003، وقف الحزبان وراء غزو العراق والحاجة إلى التخلص من أسلحة الدمار الشامل. و لعبت مأساة 11 سبتمبر (أيلول) 2001 دوراً في جعل الحزبين يدعمان حرب العراق، بيد أن الشرق الأوسط طالما كان مكاناً لمثل هذا الإلتقاء.

انسحاب متهور من العراق

ويلفت تاكيه إلى أن حرب العراق وسنوات الإضطراب التي تلتها شتتت الوفاق على السياسة الأمريكية. وأتت رئاسة باراك أوباما كرد فعل على المحاولة الأمريكية المكلفة لزرع الديموقراطية في العراق. لكن أوباما بالغ في استخلاص الدروس من الحرب. واختار انسحاباً سريعاً متهوراً من العراق، ورسم خطوطاً حمراء في سوريا لم يفرضها بالقوة، وأطلق حرباً على الإرهاب بواسطة الطائرات بلا طيار. ففي النهاية، ليس الإرهب إلا المظهر العنيف للمؤسسات الفاشلة.

وتخفي سنوات أوباما المثيرة للجدل حقيقة أن تردد الرئيس يحظى بتأييد شعبي واضح. وكشفت الحملات للانتخابات التمهيدية في كلا الحزبين أن الرأي العام لا يشكك بالنخب ومؤسساتها فحسب، وإنما هو أيضاً يرتاب بفكرة أن على الولايات المتحدة أن تتحمل أعباء الشرق الأوسط.

لا إعادة نظر  
ولا يبدو بحسب تاكيه، أن أياً من الحزبين يميل إلى الاعتراف بأنه يعيد النظر في معتقداته الأساسية. ومع أن المرشحين النهائيين للحزبين سيتحدثان عن تدمير داعش ودعم إسرائيل، والحفاظ على نظام تحالف هزيل في الشرق الأوسط، فإن كلاهما سيبقى معتنقاً فكرة عدم إرسال قوات إلى المنطقة، وسيتجاهلان أن الحرب الأهلية السورية لا يمكن أن تنتهي، وأنه لا يمكن هزيمة داعش من دون نشر الكثير من القوات البرية. فالطائرات من دون طيار لا يمكن أن تخفف الكارثة الإنسانية في سوريا أو أن تستعيد أجزاء من الأراضي في العراق.

فترة انتقالية مضطرية
وتكمن المأساة في الشرق الأوسط أن اللامبالاة الأمريكية أتت في وقت تخضع فيه المنطقة لأكثر فتراتها الانتقالية اضطراباً. فنظام الدول العربية الذي ولد في القرن العشرين انهار أو كاد. والمجموعات الإرهابية الإنتقالية التي تدعي السلطة الروحية تتحرك لملء الفراغ. وتبتلع الحرب الأهلية الطائفية منطقة تنتشر فيها دول فاشلة.