الخميس 5 مايو 2016 / 19:11

تركيا: تنازع صلاحيات بين "الخوجا" و"السلطان" ينتهي باستقالة

24 - علي العائد

كان يمكن لرئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، أن يتخذ خيار المواجهة مع رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، فيضطر الأخير إلى إقالته من رئاسة الوزراء.

لكن الاستقالة، وكلمة داوود أوغلو أمام اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية، تُظهر أن رئيس الوزراء لايزال على مبادئه كأستاذ "خوجا"، ولم تأخذه السياسة إلى معركة كسر عظم مع صديقه وزعيمه.

وربما تذكر داوود أوغلو أن صديقه الآخر، الرئيس التركي السابق، عبدالله غُل، فشل في مجابهة الطموح الجامح للسلطان أردوغان، فآثر ألا يجرب ما فشل فيه غُل، مفضلاً أن تبقى العلاقة الإنسانية بينه وبين صديقه، وأن يستمر حزبهما متماسكاً، دون هزات تؤدي إلى الانشقاق، وهو ما قد يبعثر أوراق السلطان في استحقاقات عام 2023 التي وعد فيها أن تكون تركيا ضمن أقوى عشرة اقتصادات في العالم.

أصل الخلاف بين الرجلين هو تنازع الصلاحيات بين الرئاستين، وإصرار أردوغان على التدخل في صلاحيات داوود أوغلو، في رئاسة مجلس الوزارء، وفي رئاسة الحزب.

فأردوغان استبق التعديل المنتظر للدستور، ولم تعجبه ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية الفخرية، وغير التنفيذية، خاصة أنه اعتاد على العمل الميداني التنفيذي، منذ أن كان رئيساً لبلدية اسطنبول، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء لمدة 11 سنة.

كذلك كان أردوغان يتدخل في إدارة حزب العدالة والتنمية، بسحب سُلطة تعيين قيادات الحزب الفرعية من رئيس الحزب، لصالح الهيئة العليا التي انتقاها أردوغان، بعد أن ظلت تلك السلطة لأربعة عشر عاماً في يد رئيس الحزب.

يفسر بعضهم ذلك بأن الحزب يمنح هذه السلطة للهيئة العليا، لكنه منحها بشكل استثنائي لأردوغان! ثم عاد الحزب ليعيد السلطة إلى أصلها، وكأن لا نظام داخلياً في الحزب يوضح ذلك بالنص.

بعد الاستقالة، سيعود داوود أوغلو إلى صفوف الحزب، ما يعني أن فرصته في الاستمرار في ممارسة السياسة قائمة، خاصة أنه نائب عن مدينته قونية، وربما يكون الرئيس المقبل لتركيا بعد أن يستنفد أردوغان فرصه الدستورية.

يتعزز هذا الاحتمال مع الحديث الذي لم يفت أوانه عن كتابة دستور جديد بديل من الدستور الحالي الذي كتبه عسكر تركيا في ثمانينيات القرن الماضي، ليصبح فيه نظام الحكم في تركيا رئاسياً.

بدايات الخلاف كانت بعد الانتخابات النيابية عام 2015، انظلاقاً من الفارق بين كاريزما داوود أوغلو، وكاريزما أردوغان، حين فشل الحزب في الحصول على الأغلبية النيابية في انتخابات حزيران (يونيو) 2015، لكن ذلك الحديث خفت حين استعاد الحزب الإغلبية البرلمانية في انتخابات الإعادة في نوفمبر الماضي.

على كل حال، ظل داوود أغلو في صفوف الحزب، محافظاً على علاقة الود التي تربطه برئيسه ومعلمه، هو الخوجا، والأستاذ، الذي يصف نفسه بأنه مسلم فقط، وإن كان يتشارك مع أردوغان في الرؤى العثمانية، وبارغم من قوله ".. أنا مصري في القاهرة، وكردي في ديار بكر، ويوناني في أثينا، وبوسني في ساراييفو، وسوري في دمشق..". الخوجا نفسه صرح أن دستور تركيا 2023 يجب أن لا ينص على كلمة "تركي"، لتكون تركيا وطناً متعدد الأعراق.

هذا يتقاطع، ويفترق، مع رؤية الرئيس أردوغان، كون داوود أوغلو متأثر بالإسلام الصوفي الذي نشأ عليه في قونية، مدينة جلال الدين الرومي، بينما يأتي أردوغان من الإسلام الحركي الأقرب غلى افكار الأخوان المسلمين.