الثلاثاء 24 مايو 2016 / 18:58

"دار الحرب" معكوسة في الرقة والفلوجة والموصل

بينما بدأت معركة الفلوجة في العراق، تؤشر حركة "الخنينة" إلى قرب بدء معركة الرقة

وجود "الخنينة" المديد في سماء مدينة الرقة، وهو الاسم المحلي لطائرة الاستطلاع، مثلما كان اسمها في فلسطين والعراق "الزنانة"، يثير رعب من تبقى من السكان فيها ربما أكثر من الطائرات الحربية التي تفرغ سمومها سريعاً على السكان المدنيين، ثم تغادر.

وبينما بدأت معركة الفلوجة في العراق، تؤشر حركة "الخنينة" إلى قرب بدء معركة الرقة.

سكان المدينة يعيشون على الشائعات، حتى قبل تصريحات لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تعود إلى شهر مارس (آذار) الماضي، قال فيها إن مهمة الروس ضد داعش اقتصرت على مساعدة النظام في السيطرة على تدمر وريفها القريب.

ووفقاً لتصريح لافروف، تحددت المهمة المستقبلية لأمريكا بإزاحة داعش من الرقة والموصل وسائر العراق، دون ذكر لوضع المدينة النفطية، ديرالزور، التي يلاعب فيها داعشوقوات النظام في أحياء متجاورة يتقاسمان السيطرة عليها بشكل أقرب للودية، بدليل أن داعش لم يتزحزح من الحقول النفطية التي يسيطر عليها منذ عامين، ويبيع منها النظام حاجته من النفط.

وحسب ناشطين في المدينة، وصل إلى الرقة في الأسابيع الأخيرة ما يقارب عشرة آلاف من "جند الخلافة"، من أصحاب الخبرة القتالية والانتحاريين، دون تحديد جنسياتهم.

من استطاع من سكان الرقة خرج من المدينة، بأقل متاع ممكن، إلى القرى والمزارع القريبة ضمن سيطرة "الدولة"، بينما منع التنظيم تماماً خروج أي أحد إلى الريف الذي خرج عن سيطرته.

في المدينة، وخاصة بعد رمي طائرات التحالف منذ أيام، أوراقاً و"مناشير" تنصح السكان بمغادرة المدينة، قلل التنظيم من أثر ذلك، معتبراً ذلك التصرف من التحالف "تغطية على خسائره".

لكن تحركات داعش في المدينة تؤكد إنه أخذ تهديدات التحالف على محمل الجد، من خلال تغيير مقراته باستمرار، وتغيير أماكن سكن قادته من "المهاجرين" خاصة.

انقطاع الاتصالات الهاتفية منذ سنوات مع المدينة جعل الوصول إلى المعلومات شبه مستحيل، خاصة بعد تشديد مراقبة الاتصالات على الإنترنت، وحصرها في المقاهي الممسوكة من قبل "عسس" التنظيم، وتفتيش الهواتف الذكية في الشوارع بشكل عشوائي.

وللدلالة على ذلك، نُذكِّر أن أحدث صورة أتت من الرقة عمرها أكثر من سنة ونصف، باستثناء الصور التي يبثها التنظيم عبر موقع "أعماق"، وجريدة "دابق" الناطقتين باسمه.

في الإعلام، الوضع في الرقة مختلف عن العراق، وتحديداً عن الفلوجة والموصل. ففي الرقة سقط ادعاء الحاضنة الشعبية، وثبت أن الذين ضربوا بعصا النظام هم أنفسهم الذين حولوا ولاءهم إلى التنظيم، أما في العراق فإن الطائفية هي المعيار، وقوات "الحشد الشعبي" صنفت الفلوجة "إرهابية"، بالرغم من محاولة أصوات شيعية تبرئة السكان من هذه التهمة، حين نصحوا السكان بمغادرة المدينة قبل قصفها بكل أنواع الأسلحة.

ماذا لو كان سكان الفلوجة رهائن في يد داعش! تبدو الفكرة غير مغرية لسلطات الأمر الواقع في العراق.

دار الحرب، كاصطلاح استخدمته تنظيمات إسلامية أصولية، يعني نقل الحرب إلى "بلاد الأعداء"، أي بلاد غير المسلمين.

دار الحرب أصبحت عندنا اليوم، وسكان بلاد الأعداء جاؤوا إلينا محاربين، بدعوة غير كريمة من داعش وأخواته.

هذا لا يقلل بالطبع من ميزة فشل دولة البعث في العراق، التي أفضت إلى دولة فاشلة، ثم طائفية، ثم داعش القابلة للتصدير. كما لا يقلل من ميزة فشل دولة البعث في سوريا، التي تمسكت بالسلطة بمواجهة ثورة لا تزال مستمرة دون انتصار، أو هزيمة.

في كل الأحوال، تبدو نظرية المؤامرة مغرية لناس العراق وسوريا، في الفلوجة والموصل والرقة، تجاه داعش وأخواته، والداعمين لهم، وتجاه نظامي حكم الأمر الواقع في البلدين، والداعمين لهما، وقبل ذلك تجاه "الأعداء" الذين عكسوا محتوى مصطلح "دار الحرب".