الأربعاء 25 مايو 2016 / 17:52

حلّ المعضلة السورية برحيل.. الإيرانيين

تتوسع إيران يوماً بعد يوم في انخراطها بالصراع المحتدم في سوريا؛ إذ بلغ عدد المقاتلين الذين أرسلهم الحرس الثوري الإيراني حتى الآن أكثر من 60 ألف جندي (حوالي ثمانية الآف من ميليشيات فيلق القدس وآلاف الجنود والمرتزقة من أفغانستان والعراق ولبنان وباكستان)، وذلك بحسب ما أورده تقرير منشور على موقع "ذا هيل" الأمريكي.

إيران تخوض في الوقت الراهن معركة متكاملة الأركان من أجل مساندة النظام "الوحشي" لبشار الأسد، لدرجة أنه تم إرسال لواء من الجيش الإيراني إلى سوريا والذي يحمل اسم "لواء 65" أو ما يُطلق عليه اسم "ملالي القبعات الخضر"

ويشير التقرير، الذي أعده شهريار كيا عضو منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة والمتحدث الإعلامي لسكان مخيم ليبرتي في العراق، إلى أن إيران تخوض في الوقت الراهن معركة متكاملة الأركان من أجل مساندة النظام "الوحشي" لبشار الأسد، لدرجة أنه تم إرسال لواء من الجيش الإيراني إلى سوريا والذي يحمل اسم "لواء 65" أو ما يُطلق عليه اسم "ملالي القبعات الخضر".

وينوه التقرير إلى أن منع سقوط نظام بشار الأسد هي المهمة الأولى التي يتولاها مقاتلو "لواء 65" خلال سبعة وعشرين عاماً، الأمر الذي يعكس إلى أي مدى تفرض الأوقات العصيبة على إيران اتخاذ تدابير يائسة للحؤول دون سقوط الأسد.

محافظة إيرانية جديدة
ويوضح التقرير أن المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي قد اتخذ بالفعل خطوات إضافية من خلال تعيين مبعوث شخصي له في سوريا أو "ممثل خاص"، على غرار ممثليه الرسميين في المحافظات الإيرانية (31 محافظة). ويعزز هذا التعيين المنظور الإيراني الذي يتعامل مع سوريا باعتبارها المحافظة الإيرانية الرقم 35، وأن الهزيمة في سوريا تُعد بمثابة ضربة قاسية للنظام الإيراني.

ويفسر ذلك المنظور قيام رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء حسن فيروز آبادي، بإجراء زيارة مؤخراً إلى دمشق يوم 30 أبريل (نيسان) الماضي، من أجل تولي القيادة المباشرة لجميع القوات الإيرانية وقوات حزب الله اللبناني والقوات السورية التي تقاتل في جميع أنحاء البلاد.

خسائر فادحة وتدابير بائسة
ويلفت التقرير إلى أن إيران تدفع ثمناً باهظاً لتدخلها في سوريا. وأثار ارتفاع عدد الضحايا السخط في مختلف أنحاء العراق. ولا تلوح في الأفق إشارات للتراجع عن هذا الصراع الشرس؛ حيث تفيد التقارير عن تعرض الالاف من القوات الإيرانية إلى القتل والجرح، فضلاً عن فقدان ما لا يقل عن 40 قائداً من كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني.

ويقول التقرير: "خشية من ردود الأفعال الناتجة عن انخفاض الروح المعنوية لجنود الحرس الثوري، لجأت إيران إلى المزيد من التدابير المميتة لإرسال المجندين للحرب في سوريا؛ إذ يدعو فيديو دعائي، انتجه مؤخراً الحرس الثوري الإيراني، الفتيان في سن المراهقة للانضمام إلى ساحة القتال في سوريا. وتتشابه، إلى حد مخيف، الأساليب الدعائية والعبارات المستخدمة مع تلك التي كان يتم استخدامها من قبل الملالي خلال الحرب بين إيران والعراق في فترة الثمانينات".

ويضيف التقرير: "لاحظت منظمة اليونيسف أن الأطفال كانوا يُستخدمون بالفعل في الحرب العراقية- الإيرانية، بصفتهم كاسحات ألغام؛ إذ كان يتم إرسالهم قبل القوات النظامية، إضافة إلى قيامهم بمهام أخرى خطرة؛ لاسيما أنه كان ينظر إليهم باعتبارهم سلعاً قابلة للنفاد مقارنة مع القوات النظامية، ومن ثم كانوا الأكثر ملائمة للقيام بمهام واسعة تتعلق بالألغام".

المرتزقة
ويذكر التقرير أيضاً أن إيران تسعى إلى انتهاج خطط جديدة من خلال توظيف آلالاف من الأفغان ونشرهم للقتال في سوريا. وتفيد الاحصاءات الرسمية للنظام الإيراني الحاكم بوجود أكثر من مليون ونصف لاجئ أفغاني يعيشون في إيران في الوقت الراهن، من بينهم ما يقارب 800 أو مليون شخص يفتقرون إلى وثائق التسجيل الرسمية، الأمر الذي يجعلهم يعانون من البطالة وعذابات الفقر المدقع.

وبحسب التقرير، تدفع إيران راتباً شهرياً إلى الأفغان الذين يبدون استعداداً للانضمام إلى القتال في سوريا يصل إلى 600 دولار شهرياً. وإذا عادوا إلى إيران يحصلون على الجنسية الإيرانية الكاملة. وإذا قتلوا في ساحة المعركة بسوريا تحصل عائلاتهم على المواطنة الكاملة. وقد أسس الحرس الثوري الإيراني "لواء الفاطميون" تحت الإشراف المباشر لفيلق القدس خصيصاً من أجل تنظيم هؤلاء المجندين الذين ينتشر نحو 2500 منهم سوريا حالياً. وتشير التقارير إلى أن مزيداً من هؤلاء ينضمون إلى العركة تباعاً.

مستنقع مميت
وعلى الرغم من حملة التعبئة المكثفة، يرى التقرير أن إيران تواجه مستنقعاً مميتاً في سوريا، وخصوصاً في ظل ارتفاع أعداد الضحايا. ولا تلوح في الأفق أي إشارات لإحراز تقدم وشيك. وبالأساس كانت إيران تطمح إلى هزيمة الجيش السوري الحر الذي يدعمه الغرب، واحتلال حلب والمعاقل الأخرى التي تسيطر عليها المعارضة، وذلك في ظل الغطاء الجوي الذي تقدمه روسيا، بيد أن كل هذا لم يسفر إلا عن فشل ذريع.

يقول التقرير: "أثار قرار موسكو، بالانسحاب التدريجي من سوريا والاتجاه إلى التفاوض مع الولايات المتحدة وجهاً لوجه، الانزعاج والخوف لدى كبار المسؤولين الإيرانيين. وتُعد الزيارة التي قام بها، مؤخراً، الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني إلى موسكو بمثابة محاولة استجداء واضحة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل المزيد من التدخل في سوريا".

جذور الشر
ويخلص التقرير إلى أن سياسة التهدئة التي انتهجها الغرب تجاه إيران هي العامل الرئيسي الذي ساهم في تصعيد الكابوس الذي تشهده سوريا في الوقت الراهن، وكذلك صعود تنظيم داعش الإرهابي؛ حيث إن تمسك إيران بدعم بشار الأسد في قمعه الوحشي لشعبه قد مهد الطريق لداعش.

وعلاوة على ذلك، سمحت فترة حكم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي (التي استمرت ثماني سنوات، وكان معروفاً بإخلاصه الشديد لطهران) لداعش بالاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي في جميع أنحاء بلاد الشام وشمال العراق. ونتيجة لذلك تشهد أوروبا أكبر أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية وما بعدها.

وبحسب التقرير، لا تلوح في الأفق دلائل تشير إلى نهاية النزاع السوري الذي يتجاوز حدود السيطرة. ويحتاج الغرب، إلى إدراك أن حل الأزمة السياسية والإنسانية في سوريا لن يتم إلا من خلال إزاحة عاجلة لبشار الأسد من السلطة. ويقول التقرير:"يلعب الرئيس الأمريكي دوراً حاسماً في تنفيذ هذا السيناريو لحل الأزمة؛ إذ ينبغي عليه أن يرتقي إلى مستوى هذه المسؤولية في المرحلة الأخيرة من فترة ولايته".

وينتقد التقرير الرئيس أوباما؛ لرفضه اتخاذ إجراءات جادة وحاسمة في سوريا بينما تخطى كل الحدود من أجل التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي دفع سوريا نحو دوامة الصراع التي تجتاح الشرق الأوسط اليوم برمته، وما نتج عنها من تداعيات واضطرابات.

ويختتم قائلاً: "إن التدخل الإيراني في العراق وسوريا هو السبب الأساسي لحدوث هذه المعضلة بأكملها، ولاشك في أن الطريق لتحقيق السلام في كل من العراق وسوريا لن يحدث إلا إذا رحل عنهما الإيرانيون في المقام الأول".