الجمعة 27 مايو 2016 / 08:59

تحرير الفلوجة لا تجريفها؟

أيمن الحماد- الرياض

القصف العشوائي الذي نفذه "الحشد الشعبي" على الفلوجة، واستهدف مستشفى المدينة يبعث بإشارة خطيرة حول انحراف الهدف الرئيسي المعلن بتحرير المدينة من سيطرة "داعش" التي استولت عليها في 2014 بسبب تراخي وانفلات أجهزة الدولة العراقية واهتراء الطبقة السياسية هناك واتخاذها مسلكاً طائفياً، ويأخذ القلق مستوى متصاعداً في اليوم الرابع من عملية تحرير المدينة، مع أنباء تتحدث عن سقوط حوالي 300 من سكانها بين قتيل وجريح، مع العلم أن العملية التي يقودها الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والقوة الجوية والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية ومسلحو العشائر، لا تزال تراوح محيط الفلوجة إذ لم يتم اقتحام المدينة بعد، وهو ما يبعث الخوف من ارتفاع وتزايد أعداد الضحايا.

مبعث قلق آخر يجعل المتابعين لهذه العملية يحذرون من أن تؤدي إلى عمليات ذات طبيعة طائفية مع تصدر صور قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني المشهد وإلى جواره هادي العامري، وخروج شخصيات دينية عراقية بملابس عسكرية مثل عمار الحكيم وكذلك التصريحات التي أدلى بها نوري المالكي قرب الفلوجة، وتلك المظاهر كفيلة بإخراج العملية من إطارها المعلن إلى إطار آخر.

حسب المعلومات فأعداد أفراد تنظيم "داعش" الإرهابي يصل إلى حوالي الألف مقاتل، في حين يبلغ عدد القوات العراقية المشاركة 22 ألفاً، هذه المقارنة تجعلنا مدركين ألا توازن من حيث العدد وحتى العدة بين الطرفين، وأننا أمام عملية يتفوق فيها الجانب العراقي بشكل واضح.
هذه المقارنة هي بمثابة الإدانة الصريحة بضرورة أن تكون العمليات أكثر تركيزاً في أهدافها، وألا تُتخذ في إطار عشوائي الهدف منه بث الخوف في نفوس المدنيين المحاصرين أصلاً داخل مدينتهم والممنوعين من مغادرتها بسبب تهديدات "داعش" التي أعدمت علانية عائلة داخل المدينة في رسالة الهدف منها إثارة الرعب لديهم ومنعهم كذلك من رفع الرايات البيضاء فوق مساكنهم، وهذه التفاصيل كفيلة بأن تدفع القوات العراقية المقاتلة بمختلف أطيافها بأن تظهر العملية باعتبارها تحريراً وليس تجريفاً للفلوجة الهدف منها الحفاظ على أرواح المواطنين العراقيين لا إهدار وإراقة دمائهم، كما أن مسؤولية وسلامة مسار العمليات وضمان عدم انحرافها يقع على عاتق واشنطن كذلك التي تضطلع بشكل كبير في إدارة المعارك بأن تضمن انضباط كافة تفاصيلها، وأن التصريحات المنددة بتجاوزات الحشد الشعبي لن تكون كافية، لتفادي الحنق الذي قد ينتج عن هذه العملية وقد يمتد إلى مناطق أخرى.

صحيح أن الحكومة راغبة في الاستفادة من نقاط تحرير الفلوجة في تعزيز موقعها الضعيف، لكن يجب أن تنتهي العملية بما يضمن استدامة الأمن في هذه المدينة التي عانت كثيراً منذ الاحتلال الأمريكي، فنجاحها ولجم طيش الطائفيين القائمين على بعض فصائلها كفيل باستعادة رئيس الحكومة حيدر العبادي زمام المبادرة والعكس صحيح.