الأحد 29 مايو 2016 / 09:03

احترام التعدد رسالتنا العالمية

ابن الديرة - الخليج

يقدر لدولة الإمارات أيضاً هذا الجهد المتعاظم في مواجهة الإرهاب والتطرف على صعيد الثقافة والفكر، ومن ذلك الحرص على الحضور الفعال والمؤثر في المحافل الدولية المتخصصة بالتصدي لتيارات الظلام وأفكار التكفير. آخر ذلك إسهام الإمارات في مؤتمر الحوار بين الأديان في الدنمارك، وذلك عبر وفد رفيع ومتخصص، مشتمل، في الوقت نفسه، على أطياف مسيحية من يعيش على أرض الإمارات وينعم بتسامحها.

التسامح لم يعد شأناً داخلياً في الإمارات، وتعدى إلى كونه اليوم هاجساً وطريقاً ورسالةً. التعامل الجدي مع مسألة التسامح والتعايش وصف لازم للحالة الإماراتية المتفردة، ومن هنا فإن إطلاق وزارة دولة للتسامح تتويج لواقع التعدد والانفتاح وقبول الآخر في الإمارات. بهذا نطرح الأنموذج أمام العالم كله، فأجدر بنا، والحالة تلك، تطبيق النظر وتحويله إلى عمل وسلوك عملي، فليس منا من يشتغل على إثارة الفتن وإذكاء روح العداوة والبغضاء، وللمتأمل أن يتأمل في ما وراء الكلمة الوافية الشافية التي ألقتها لبنى القاسمي وزيرة دولة للتسامح في مؤتمر الدنمارك، كما لو كانت الكلمة المذكورة برنامج عمل أو خريطة طريق، وبقدر ما اشتملت على إشارات مستقبل تضمنت عرضاً مختصراً ودالاً للمنجز الإماراتي في التسامح، ومواجهة الإرهاب، واحترام التعدد.

احترام التعدد هنا يمثل عنوان المشروع ومربط الفرس كما يقال، فلكلٍ أن يعتقد كما يشاء في مناخ من الحرية والمساواة وعدم التمييز. المعنى هنا أن كل إنسان مسؤول أمام ربه عن نفسه، فلا علاقة له بعقيدة أو طريقة تفكير الآخر، والشرط احترام الرموز والمقدسات جميعا، وكذلك احترام مبدأ الحوار الذي هو أساس كل نهضة أو تقدم.

اللافت أن ظاهرة الإلغاء والإقصاء، بالأسلوب المشاهد والمحسوس الحاضر، ظاهرة جديدة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لكنها، للأسف، تجد من المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية من يغذيها ويؤجج غباءها وخرابها بكل الوسائل الممكنة، حيث التحريض اليومي على القتل الإرهابي والطائفي، وحيث الغفلة الرسمية في عديد بلدان معنية بشكل مباشر أمر بات محيراً بالفعل، وداعياً إلى القلق حتى لا نقول الاشمئزاز.
القضية قضية فكر ووعي وثقافة في الأساس، لكنها أيضاً من حيث المنطلقات والنتائج قضية أمن أوطان، ومسألة متصلة بمصائر شعوب وأمم، ومهم جداً مواجهتها بالطريقة الجدية ذاتها التي اختارتها الإمارات منذ فجر تعاملها مع ظاهرة هي، بالتأكيد، بلا لغة أو دين أو مذهب أو جنسية أو جنس، ظاهرة عابرة للقارات بكل المقاييس، والمسؤولية تجاهها مشتركة، وإلا أنها الغفلة والتخاذل والجهل.

نقطة أخيرة: من مراجعة أسماء وسير فريق الإمارات المشارك في مؤتمر حوار الأديان في الدنمارك، يلاحظ التميز والقوة، ما يستدعي المحافظة عليه، وتنميته عبر تزويده المستمر بعناصر جديدة وقادرة تستفيد من خبرات أعضاء الفريق المخضرمين، خصوصاً من فئة الشباب.