صمت الأطفال المعتدى عليهم يفاقم المشكلة اجتماعياً(تعبيرية)
صمت الأطفال المعتدى عليهم يفاقم المشكلة اجتماعياً(تعبيرية)
الأحد 29 مايو 2016 / 10:45

الإمارات: مختصون يطالبون باعتماد التوعية الجنسية في المناهج الدراسية

24- الشارقة- صفوان إبراهيم

أكد عدد من المختصين في قضايا الطفل والطب النفسي أهمية التوعية الجنسية السليمة للأطفال مع الأخذ بعين الاعتبار الجانب الاجتماعي والأخلاقي والديني حول هذا الموضوع دون اهماله لأي محظورات غير مبررة، إذ أثبتت البحوث والدراسات الاجتماعية الحديثة أن التربية الجنسية تؤدي إلى تقليص الانحرافات الجنسية عند الاطفال وتمنحهم المزيد من المسؤولية، على عكس ما هو متوقع.

وقال مدير إدارة حماية حقوق الطفل في دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة أحمد إبراهيم الطرطور، إن "الثقافة الجنسية جزء مهم من ثقافة الطفل التي يجب أن يكتسبها سواء من والديه أو من خلال المراحل الدراسية المختلفة وبدرجات متفاوتة حسب عمره، ولا شك أن انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في العالم العربي بشكل عام سببها غياب الثقافة الجنسية بذريعة العيب والحرام دون إدراك أهمية توعية الأبناء به بطرق سليمة، فعندما نثقف الطفل بهذه الأمور سيستطيع التعامل مع أي موقف صعب قد يتعرض له".

اللمسة المؤذية
وأضاف الطرطور: "من عمر 3 إلى 6 سنوات، يقع على عاتق الوالدين تعريف الطفل بحقيقة جسده والأعضاء التناسلية ودورها بطريقة صحيحة تعينهم على إدراك الأمور، ومن 6 -9 سنوات يجب تعليم الطفل الفرق بين اللمسة العادية واللمسة المؤذية، ومن له الحق أن يلمسه ويقبله وما يجب أن يراه الناس وما لا يجب أن يروه، وأن يعرف أن لأعضائه التناسلية خصوصية ولا يجب إظهارها أمام الغير، فيعرف الطفل ما هو العيب".

وذكر مدير إدارة حماية حقوق الطفل في دائرة الخدمات الاجتماعية: "بعد التسع سنوات يبدأ تعليم الطفل وتثقيفه بالجهاز التناسلي ومما يتكون والاهتمام بنظافته وهي بالمناسبة ثقافة مذكورة في المنهاج الدراسية".

الثقافة الجنسية والدين
وأكد الطرطور أن "لا تعارض بين الثقافة الجنسية والدين، فالدين وضع ضوابط توثيقية للبلوغ ووضع محاذير لعدم تناقل الأمراض والنظافة واجتناب الممارسات غير الصحيحة التي يمكن أن تسبب الأذى، والأمراض، قال تعالى: "وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً"، يجب أن نعلم ونفهم أولادنا بعد صف التاسع أن الزنا فاحشة، ونوضح ما هو وذلك، وذلك ليس عيباً أو حراماً، ويجب أن يتوقف المجتمع عن الخوف من كلمة (جنس) ويتجاوز الاعتقادات الخاطئة ويلتزم بما يثبته العلم والدين".

وقال مدير إدارة حماية حقوق الطفل: "يجب اعتماد الثقافة الجنسية في المناهج الدراسية بما يتناسب مع عمر وعقل وجسد الطفل، ويجب أن يكون هناك نوع من الثقافة الجنسية داخل الأسر وفق مقاربات دينية وتربوية وثقافية يساهم الإعلام في إشاعتها والتوعية بها"، ونوه أنه "يجب مراعاة واختيار الألفاظ عندما نريد أن نفهم الطفل هذه الأمور، بحيث نقولها بطريقة لا تُثير الفضول لدى الطفل".

الحوار والثقة

وأكد الطرطور أهمية الحوار والصراحة بين الآباء والأبناء وأن يكونوا أصدقاء لهم، ويشعروهم بالأمان النفسي لبناء الثقة فيما بينهم ويكون لدى الطفل الجرأة ليخبر والديه إذا وقع في مشكلة صعبة من هذا النوع، ما يسهل الوصول إلى الجاني لينال عقابه.

الأهل مصدر المعلومة

من جهتها أوضحت استشارية النفس الأسرية في جمعية النضهة بدبي هالة الأبلم أنه "لا يجوز ترك الطفل يكتسب معلوماته عن موضوع الجنس من مصادر غير موثوقة كالأصدقاء أو من وسائل الإعلام والإنترنت، خاصة مع وجود هذا الكم الهائل من المعلومات الناقصة والمضللة، التي يتم تداولها، ولا يوجد أفضل من الوالدين لتعليم ابنهم هذه الثقافة منذ الصغر بطرق مبنية على أسس علمية وبأسلوب يراعى فيه المجتمع و عاداته و تقاليده".

وأكدت الأبلم أن "التوعية الجنسية للأطفال لا تتعارض مع الدين إذا كانت في حدود الوعي والتوجيه السليم وعلى حسب الأعمار ولا تضر بالطفل إذا كانت بطريقة راقية ومحببة وحوار فعال".

التوعية ضرورة
من جانبها قالت المستشارة النفسية الأسرية، الدكتورة هند البدواوي أن "التوعية الجنسية للأطفال بهدف الوقاية من المحظورات وبعض الممارسات الخاطئة التي قد يتعرض لها الطفل خلال يومه واحتكاكه بالآخرين سواء في المنزل أو المدرسة والبقالة والأماكن التي يرتادها، لا تعتبر خدشاً للحياء ولا تتعارض مع الدين، مع مراعا الأسلوب الأمثل للتوعية المنهجية المبنية على التوعية وتوضيح أهم النقاط المتعلقة بالألفاظ المرفوضة والسلوكيات الخاصة بالمعتدي".

وقالت: "يجب توضيح طرق التصرف في حال تعرض الطفل لأي موقف غير لائق، وهذا يدعمه نفسياً لتقبل أي طارئ يواجهه بشخصية قوية، ويقلل من الأثر النفسي السلبي في حالة عدم إدراكه أو قلة وعيه بالتحرش الجنسي، وبالتالي يساهم في رفع مستوى الوعي والتقليل المباشر في حالات الاعتداءات وما يتبعها من أضرار مستقبلية على المجتمع".

وشددت البدواوي على ضرورة مراعاة الفئة العمرية للطفل واختيار الأسلوب المناسب للتوعية، فمن هم في سن أصغر يستخدم معهم أسلوب التعميم، ومن هم فوق 7-8 سنوات يستخدم معهم أسلوب التفصيل المباح، كما يجب مراعاة الهدوء والثقة في الطرح".

الخوف من الأهل
وأشارت المحامية مي عبدالرحمن نصيب إلى أن "الطفل المُتحرش به يتحول إلى مدان في الكثير من المجتمعات، لذا نجد أن الكثير من الأطفال يكتمون ما يتعرضون له، وهنا تتفاقم المشكلة وتتأثر شخصية الطفل وقد تسبب له مشكلات اجتماعية مستقبلية، لذا فإن مجتمعاتنا العربية بحاجة إلى تثقيف بمعنى التحرش الجنسي بالأطفال ومخاطره على نفسية الطفل وسلوكياته في الغد".

وقالت نصيب: "من خلال تجاربي في محاكم الدولة مرت عليّ أكثر من قضية تحرش جنسي بالأطفال، والقاسم المشترك بين جميع القضايا هي صمت الطفل أو الطفلة لمدة طويلة خوفاً من رد فعل والديهم، وعند سؤال الوالدين هل ثقفتما أبناءكما جنسياً؟ يكون الرد "لا" ، لذا المسؤول الأول هما الوالدان، فديننا الحنيف حث على تربية الطفل وتوعيته".

أساس التربية

وأضافت المحامية نصيب: "يجب أن يكون في أساس التربية تعليم الطفل معنى التحرش الجنسي، وهذا لا يتنافى مع القيم، بل يتلاحم معه، فنحن مسؤولون يوم القيامة عن كل طفل يذهب ضحية تكتم المجتمع على هذه الأمور بحجة المعتقدات والعادات، كما أتوقع أن يحل قانون "وديمة" أغلب مشاكل الطفل وأتمنى أن يُضاف للقانون عقوبات للعائلات التي تمتنع عن تثقيف أطفالها جنسياً لمنع التحرش بهم".

ودعت الأسر إلى تبليغ الجهات الرسمية في حال تعرض أحد أطفالها للتحرش، لأنه إذا بقي المتحرش طليقاً، فمن الممكن أن يكرر فعلته مع أطفال آخرين.

ونوهت أنه "يجب وضع مادة تتحدث عن التحرش الجنسي للأطفال في المرحلة الابتدائية، يُشرح بها معنى التحرش وماذا يجب على الطفل أن يفعل، وناشدت نصيب وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات لدراسة هذا الطلب بجدية".

الموقف الديني
وقال أخصائي أول وعظ وإرشاد في دبي الشيخ عبدالله موسى: "من الخطأ توعية الطفل وفتح عينيه على أمور لا يجب أن يعرفها وهو في سن صغير، ولكن من المهم أن يتم تعليم الأطفال الثقافة التربوية والتي أشار لها الإسلام، من حيث ستر العورة، وكيفية الاهتمام بالنظافة الشخصية، وأن يعرف الطفل كيف يمنع الآخرين من الاقتراب من جسده، وأن يعلم أن هذه الأشياء مرتبطة بكرامته وشخصيته ومستقبله وعليه الدفاع عن نفسه فيها، وهذا لا يدخل في إطار ما يعتقده البعض بأن هذه المعلومات تدفع الطفل نحو التفكير بأمور لا زال مبكراً الحديث عنها".

تقوية الشخصية
وأضاف: "يجب ألا تغيب عين الأهل عن الطفل، ويجب أن يعلموه كيف يدافع عن نفسه، ويقووا شخصيته لأن الطفل ضعيف الشخصية هو الذي يكون مطمعاً للمتحرش، لذلك يجب تعليمه على الرد بجرأة إذا حاول أحدهم الاقتراب منه".

وأكد موسى ضرورة أن يتعلم الطفل الحياء لأنه زينة الإنسان، وتنبيهه بأن لا يخلع ثيابه أمام الغرباء ولا أمام أحد وأن لا أن لا يأخذ شيئاً من أي أحد أو يذهب مع أشخاص غير معروفين من قبل أهله".