أطفال أوروبيون في أحد مخيمات اللجوء في الشرق الأوسط في 1945(لافانغوراديا)
أطفال أوروبيون في أحد مخيمات اللجوء في الشرق الأوسط في 1945(لافانغوراديا)
الأحد 29 مايو 2016 / 16:12

بالصور: عندما كانت مصر وفلسطين وسوريا ملاذاً لآلاف اللاجئين الأوروبيين

24 - سليم ضيف الله

أصبح تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط على أوروبا، إضافة إلى البعد الإنساني الذي يرتبط بأزمة تهجيرهم من أوطانهم، ملفاً سياسياً بامتياز في أوروبا التي تسعى جاهدةً إلى منع وصولهم إليها، بإقامة المخيمات المؤقتة والدائمة وإغلاق الحدود، وإجبار أعدادٍ كبيرة منهم على مغادرة القارة نحو بلدانهم أو مناطق أخرى، بما يكشف قصر ذاكرة وتغاضٍ عن الحقائق التاريخية كما قالت صحيفة لافانغوارديا الإسبانية، التي نشرت تقريراً بالصور عن تدفق آلاف اللاجئين والنازحين قبل 70 سنة من أوروبا في اتجاه الشرق الأوسط.

وذكر تقرير الصحيفة الإسبانية الأحد، أن العالم الذي نسي مآسي الحرب العالمية الثانية، التي كانت وراء إقامة المفوضية الأممية لللاجئين، مُطالب اليوم بتذكر لجوء آلاف اليونانيين و مواطني دول البلقان ويوغوسلافيا السابقة من صرب وكروات وصولاً إلى البولنديين، إلى الشرق الأوسط عبر البحر، مروراً باليونان وبتركيا في اتجاه مصر وفلسطين وسوريا، شرقاً ودول شمال أفريقيا، غرباً.

أول أزمة لجوء بالمعنى الحديث
وقالت الصحيفة إن المفوضية الأممية للاجئين ظهرت في بدايتها تحت مُسمى الإدارة الأممية للإغاثة وإعادة التأهيل في 1943، للتصدي لمأساة اللاجئين الأوروبيين إلى جانب منظمات مثل الصليب الأحمر و"سايف ذا شيلدرن"(أنقذوا الطفولة) وغيرها.

واعتماداً على الوثائق التاريخية وأبحاث مؤرخين من مختلف دول العالم، المتعلقة بأزمة اللاجئين بداية من 1943، قالت صحيفة لافانغوارديا إن احتلال إيطاليا في 1943 أعطى إشارة انطلاق لأكبر موجة لجوء أوروبية إلى الشرق الأوسط عبر يوغوسلافيا السابقة، على شكل جسر بحري نظمته القوات المتحالفة ضد ألمانيا أجلت بواسطته مئات الآلاف في اتجاه دول الشرق.

ففي 1944 افتتحت الإدارة الأممية الناشئة المكلفة بشؤون اللاجئين والمهجرين أول مخيم من نوعه في العالم في منطقة الشط والجطاطبة في مصر، الذي احتضن آلاف الهاربين من يوغوسلافيا من صرب وكروات وسلوفينين.

طاقة قصوى
ولكن المخيم المصري، لم يعد قادراً بعد أسابيع قليلة فقط من إحداثه على استقبال المزيد من اللاجئين، في ظل وصول 1800 لاجئ جديد كل أسبوع، من يوغوسلاف ويونانيين وألبان وبلغار وبولنديين، ما اضطر السلطات البريطانية يومها، إلى وقف الجسر البحري عبر بحر الأدرياتيكي من إيطاليا بسبب التدفق الهائل للاجئين في مايو(أيار) 1944، بعد تصاعد موجة التصفية العرقية النازية لليهود والغجر والشيوعيين والمسلمين في المناطق المحتلة في وسط وشرق أوروبا.

وفي الفترة الممتدة بين مايو (آيار) وسبتمبر (أيلول) 1944 وحدها تدفق حسب الصحيفة على المخيمات في مصر، آلاف اليوغوسلافيين من مختلف الأعراق، وتوزعوا على مخيمات طلمبات والجطاطبة والشط على سواحل البحر الأحمر، والعريش في سيناء، والعامرية في الإسكندرية.

وافتتحت بريطانيا مخيماً آخر في قاعدتها العسكرية "موزيس ويليس"، على ضفاف البحر الأحمر أيضاً والذي خصصته لاحتضان آلاف اليونانيين الهاربين من نير النازية، والحرب الدائرة في بلادهم.

غزة وحلب
وإلى جانب مصر نقلت بريطانيا والحلفاء عشرات الآلاف الآخرين من الهاربين من الحرب والدمار الذي طال أوروبا، إلى مخيم النصيرات في المنطقة التي تعرف اليوم باسم قطاع غزة، زمن الانتداب البريطاني.

وفي سوريا، كانت حلب وذلك منذ 1923 قبلة وملاذاً لعشرات اليونانيين المهجرين من تركيا بعد الحرب التركية اليونانية، وتهجير آلاف اليونانيين من آسيا الوسطى وطردهم من مناطق تجمعهم وسط وجنوب تركيا، ليتجه عشرات الآلاف منهم إلى حلب كبرى المدن في الشمال السوري، ليقيموا مخيماتهم في أريافها وضواحيها، لتتضاعف محنتهم بعد تدفق آلاف آخرين أثناء الحرب العالمية الثانية واحتلال ألمانيا لبلادهم.

أحداث تتكرر وأبطال مختلفون
ويُعيد تقرير الصحيفة الإيطالية عن مخيمات اللاجئين الأوروبيين في الشرق الأوسط إلى الأذهان، نفس الأحداث التي تعيشها المنطقة اليوم، مع تكرر نفس المآسي السابقة، من الصراعات الحزبية بين المهاجرين واللاجئين، بسبب الانتماءات العرقية والدينية والسياسية، وانتشار الأمراض والأوئبة، والحاجة، وشح التمويل، ونُدرة الإمكانيات المادية والبشرية للإحاطة باللاجئين ومساعدتهم على ضمان ظروف العيش اللائق والكريم، قبل 70 سنة، وكأن الزمن يُعيد نفسه والأحداث تتكرر ولكن بأبطال مختلفين فقط.

لاجئات أوروبيات ويونانيات في قاعدة موزيس ويليس البريطانية في مصر بين 1945 و1948


مخيم اللاجئين الأوروبيين في النصيرات قرب غزة



أطفال يونانيون ناجون من احتراق باخرة في البحر قبل وصولها إلى مصر



أطفال يدرسون على شاطئ البحر في مخيم طلمبات المصري



لاجئات يغسلن بعض الأواني والملابس في مخيم الشط المصري