الثلاثاء 31 مايو 2016 / 10:49

القنفذ الليبرالي يدخل المنافسة بين الفيل الجمهوري والحمار الديموقراطي

لطالما برزت الثنائية كطابع رئيسي في الحياة السياسية الأمريكية. فالسلطة التشريعية تتألف من مجلس للنواب ومجلس للشيوخ، ونظام الحكم الرئاسي، يفصل السلطتين التشريعية والتنفيذية بشكل حاد بين الرئيس الأمريكي والكونغرس. وهنالك طبعاً، النظام الحزبي في أمريكا المعروف بثنائيته الديموقراطية والجمهورية.

لا يتخذ الليبيراليون موقفاً معيناً من عقوبة الإعدام، بل يميلون إلى تأييد نظام التعويض على المتضررين عوضاً عن تطبيق الإعدام إلّا في حال طالب هؤلاء بذلك. كذلك ينادون بفصل الدين عن الدولة وبحرّية المعتقد

والانتخابات الرئاسية التي تشهد منافسة بين مرشحين يختارهما الحزبان المهيمنان، لا تشذّ عن تلك القاعدة كثيراً. لكن على الرغم من طغيان تلك السمة على الحياة السياسية والحزبية بشكل عام، تبقى النوافذ غير موصدة بالكامل أمام محاولة تسلل سياسي يقوم بها طرف ثالث على سبيل طرق باب الحظ أو محاولة إثبات الوجود.

وكان ذلك تماماً، ما أقدم عليه الحزب الليبيرالي الأمريكي يوم الأحد، عبر ترشيح أحد وجوهه إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية. لكن، وبحسب ما يقوله مسؤولون من داخل الحزب، إنّ هذا الترشيح مدفوع بأمل جدّي في تحقيق نتيجة إيجابيّة.

مبادئ الحزب
تأسس الحزب الليبيرالي سنة 1971. ويعزو البعض أسباب نشأته في جزء منها إلى الحرب الفييتنامية ومناهضة التجنيد الإلزامي بالإضافة إلى رفض ربط العملة الأمريكية بالذهب. والليبيراليون، بحسب الموقع الالكتروني الخاص بحزبهم، يعتقدون أن أفضل ردّ على المشاكل التي تواجه أمريكا يكمن في الالتزام باقتصاد السوق الحرّة وحماية الحريات المدنية والشخصية. ويشدّدون أيضاً على سياسة خارجية غير تدخلية والترويج للسلام العالمي وكذلك الالتزام بالتجارة الحرّة على الصعيد العالمي.

لماذا القنفذ؟
في الأصل، اختار الحزب الليبيرالي تمثال الحرية كشعار له. لكنّ القنفذ أصبح في ما بعد شعاراً يمثل الليبيراليين في أمريكا، لأنّه حيوان دفاعي لا يؤذي من يتركونه وشأنه. وتشير مراجع عدّة إلى أن كيفين برين لجأ في مارس (آذار) 2006 إلى فكرة تجسيد الحزب بتلك الطريقة تقليداً للحمار الديموقراطي والفيل الجمهوري. ومنذ ذلك الحين، راج استخدام ذلك الشعار على نطاق واسع بين مؤيدي الليبيراليين.

التعليم ... إلى المنزل در
بحسب الموقع الرسمي الأمريكي للأحزاب في الولايات المتحدة، يذهب الحزب الليبيرالي بشكل عام، إلى الإيمان بحرية فردية كاملة غير منتقصة: مثل تشريع المخدرات (الماريوانا)، تشريع زواج المثليين، حماية حرية المرأة في الإجهاض على الرغم من وجود بعض الخلافات حول المسألة، حرية التعليم في المنزل، حماية حق الفرد بحمل السلاح إلخ ...

لا للحدّ الأدنى للأجور
وعلى نفس المستوى من الأهمية، يبرز دفاعهم عن حرية اقتصادية قصوى: فهم مناهضون للدولة الرعائية ولتنظيم الدولة لقطاع الأعمال. ويقفون أيضاً في مواجهة تحديد حدّ أدنى للأجور وفرض ضرائب على الدخل. باختصار هم يؤيّدون تطبيق نظرية آدام سميث الشهيرة "دعه يعمل دعه يمرّ" ويشرحونها بالطريقة الأكثر كلاسيكية. ويعتقدون أيضاً بأهمية الخصخصة، إذ يؤيدون خصخصة كلّ ما يتعلّق بالطاقة، التعليم، الصحة، البيئة وغيرها من القطاعات.

التعويض بديلاً عن الإعدام

لا يتخذ الليبيراليون موقفاً معيناً من عقوبة الإعدام، بل يميلون إلى تأييد نظام التعويض على المتضررين عوضاً عن تطبيق الإعدام إلّا في حال طالب هؤلاء بذلك. كذلك ينادون بفصل الدين عن الدولة وبحرّية المعتقد. ويشددون على إيقاف المساعدات الخارجية لأنّها تجعل الحكومات الخارجية اِتّكالية ولأنّ هذه المساعدات شكل من أشكال الرعاية. أمّا عسكرياً، فهم يؤيدون تحجيم الأسلحة النووية الأمريكية ويحدّدون شروط استخدام القوى العسكرية بحماية الحريّة والملكيّة فقط.

دوافع الترشيح
موقع كونسيرفاتيف ريفيو الأمريكي، أشار إلى أنّ محرّك البحث "غوغل"، وفي أوائل شهر مايو (أيار) شهد ارتفاعاً في البحث عن كلمتي "الحزب الليبيرالي" بعد انسحاب تيد كروز من السباق الرئاسي عن الحزب الجمهوري وحسم دونالد ترامب لترشيح الحزب إلى انتخابات الرئاسة. وقطع الحزب الشك باليقين حين رشّح حاكم نيومكسيكو الأسبق غاري جونسون للانتخابات الرئاسية.

في الواقع، لم يكن ترشيح جونسون هو الأول في هذا السياق. فقد سبق له أن خاض غمار الانتخابات الرئاسية سنة 2012، في ظلّ تنافس المرشّحين البازين آنذاك باراك أوباما وميت رومني. لكنّه لم ينل تصويت سوى 1% من الناخبين. إلا أنّ الحزب يبدو أكثر تفاؤلاً هذه المرّة.

أمل بسنة 2016
كتب ألان رابورت في صحيفة نيويورك تايمز يقول إنّ الحزب الليبيرالي، الثالث أمريكياً على صعيد تسجيل الناخبين، والذي ينظر إليه على أنّه أكثر من ليبيرالي في المسائل الاجتماعية وأكثر من محافظ على الصعيد الضريبي، جلب له العام 2016 الأمل بأن يتمّ قبوله ضمن التيار السياسي الرئيسي. ويأتي ذلك ضمن استياء واسع من المرشّحَين المحتملَين الأساسيين.

ونقلت الصحيفة عن لاري شارب، أحد رجال الأعمال المنتمين إلى الحزب، تأكيده أنّ ترامب وكلينتون كانا بمثابة "هدية" للحزب. وقال رئيس الهيئة التنفيذية في الحزب، نيكولاس سارفاك يوم الأحد، إنّ أشخاصاً كثيرين في الحزبين عندما يرون المرشّحين، سيشعرون بأنهم خدعوا وعند ذلك "نقدّم نحن خياراً لهم".

استطلاعات رأي متضاربة
ويشير رابورت إلى استطلاع رأي أجرته قناة أن بي سي نيوز وصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكيتين في هذا الشهر، أظهر أنّ 47% من الناخبين المسجّلين قد يأخذون بالاعتبار مرشّحاً ثالثاً إذا كان ترامب وكلينتون هما المتنافسين في الانتخابات الرئاسية. وإذا استطاع جونسون (63 عاماً) الحصول على تأييد 15% من استطلاعات الرأي، فسيكون قادراً على اعتلاء منصّة النقاشات.

بالفعل، وبعد شكره لممثلي حزبه على اختيارهم له كمرشّح ليبيرالي للرئاسة بعد جولتي تصويت قال: "بالحد الأدنى، أنا أعتقد أنّنا في النقاشات الرئاسية".

لكن من المبكر أن تعني تلك الأرقام أي دلالة واضحة، في وقت تواجه خلاله أرقاماً سلبية أبرزتها استطلاعات رأي أخرى. فبحسب استطلاع لقناة فوكس نيوز، حصل جونسون على تأييد 10% من أصوات الناخبين المسجّلين، معظمهم دون الخامسة والثلاثين من العمر.

افتتاح العهد بمهاجمة ترامب

جونسون الذي سيكون نائبه في حال الفوز، حاكم ماساشوستس الأسبق بيل ويلد، كان حاكماً لنيو مكسيكو عن الحزب الجمهوري بين سنتي 1995 و2003. وهاجم سياسة ترامب تجاه المهاجرين واصفاً إيّاها بأنها "مجرّد عنصرية"، خصوصاً أن حزبه معروف بدعم حدود مفتوحة أمام المهاجرين واللاجئين. وتحدث عن أن فئة كبيرة من المواطنين لا تعلم من هو الليبيرالي، وأن مهمته تقضي بتغيير ذلك الواقع.

مؤتمر هرج ومرج ... وتعرٍّ
على كلّ حال لم يمرّ مؤتمر الحزب بالسلاسة المطلقة خصوصاً أنّ أجنحة عدة تتصارع داخله. فقد نقلت وسائل إعلامية عدة غضب مرشحين كثر واعتراضهم على المناقشات داخل المؤتمر طوال النهار. فشهد الاجتماع اِقتحام مندوبين للقاعات هاتفين ورافعين لافتات سلبيّة، في حين تعرّى أحدهم على خشبة المسرح، وجلس أمام الجمهور والشاشات بملابسه الداخلية.

ردّاً على ذلك المشهد، قال كريستوفر باربر، أحد المندوبين الليبيراليين عن ولاية جورجيا: "لا تستخفّوا مطلقاً بقدرة الليبيراليين على إطلاق النار على أرجلهم".