الخميس 23 يونيو 2016 / 10:50

البركزيت.. صعب على أوروبا ومأساة على بريطانيا

دعا مايكل ويلكنسون قرّاءه عبر صحيفة تليغراف البريطانية إلى تخيّل أنّ يوم 24 يونيو (تمّوز) قد حلّ وأن النتائج النهائية أظهرت تصويت بريطانيا لصالح البركزيت (الخروج من الاتحاد الأوروبي). وسأل: "ما الذي سيحصل بعدها؟".

تكلفة العطلة الصيفية العائلية في حوض المتوسّط وغيره من الوجهات الشعبية الأوروبية سترتفع بمقدار 230 ليراً استرلينياً (338 دولاراً) إذا تمّ التصويت للبركزيت بحسب ما قاله ديفيد كاميرون الشهر الماضي

وأجاب ويلكنسون بأن لا أحد يعرف. مع ذلك، يقول إنّ أمراً واحداً مؤكد، وهو أن أحد أكبر القرارات السياسية التي اتخذها البريطانيون سيكون له أثر مهم على نواحٍ ليست سياسية وحسب، وإنما تطال الحياة اليومية أيضاً للمواطنين في المملكة المتحدة.

هيمنة جديدة على أوروبا
واستشهد الصحافي بما كتبه سايمون هيكس، برفسور العلوم السياسية في مدرسة لندن للإقتصاد والعلوم السياسية، عن أنّه "إذا انسحبت المملكة المتحدة، فإن المشروع الديموقراطي الليبرالي لأوروبا سيهمّش، في وقت سيصبح الاتحاد الأوروبي مهيمَناً عليه من أصحاب المصالح الخاصة والغرائز البيروقراطية لبعض النخب الفرنسية والألمانية وسياسات التيارات اليمينية الشعبوية".

صعب على أوروبا ...
وحذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بريطانيا من أنّها ستعامل "كطرف ثالث" وأنّها لن تتمكّن من الوصول إلى السوق الموحّدة. وقال جان كلود يونكر، الفيديرالي الأوروبي المخضرم: "لا أعتقد أنّ الاتحاد الأوروبي سيتعرض لخطر الموت إذا غادرت بريطانيا. سنتابع عملية توثيق التعاون في أوروبا، إن لم يكن تعميق الاتحاد، وبشكل رئيس الاتحاد المالي والاقتصادي". أمّا وزير المال الفرنسي ميشال سابين فأشار إلى أنّ البركزيت سيشكّل "صعوبة لأوروبا ولأنفسنا، لكن أوّلاً وقبل كلّ شيء مأساة لبريطانيا".

دولة أخرى ستطالب بالإستقلال

وأشار ويلكنسون إلى طلب نيكولا ستيرجون، رئيسة وزراء اسكتلندا، من رسميين أن يرسموا خططاً محتملة لاستفتاء ثانٍ من أجل الاستقلال إذا غادرت بريطانيا الاتحاد بطريقة تعاكس إرادة غالبية الإسكتلنديين. وأبلغت مجلس النواب أنّ "جميع خياراتنا لحماية علاقتنا مع أوروبا والاتحاد الأوروبي ستتطلّب أن تؤخذ بالاعتبار" إذا واجهت البلاد هذا الخيار. وأكّد الناطق الرسمي باسمها لاحقاً أنّها كانت تشير إلى إجراء استفتاء ثانٍ بخصوص الإستقلال.

العطلات ستصبح أقل متعة
ورأى الكاتب أنّ تكلفة العطلة الصيفية العائلية في حوض المتوسّط وغيره من الوجهات الشعبية الأوروبية سترتفع بمقدار 230 جنيهاً استرلينياً (338 دولاراً) إذا تمّ التصويت للبركزيت بحسب ما قاله ديفيد كاميرون الشهر الماضي. وستظل الصور والأرقام الحقيقية مفتوحة للنقاش، لكن ستبقى هنالك أماكن يجعل البركزيت الحياة فيها أكثر كلفة وصعوبة، وبشكل عام أقل متعة للمسافرين.

أوضاع المغتربين لن تكون مستقرّة
وقد يضطر المغتربون إلى التوقف عن العيش في الدول الأوروبية كفرنسا وإسبانيا إذا حصل البركزيت – بحسب ما توقعته الحكومة. وجادل النائب العام البريطاني السابق دومينيك غريف بأنّ الانسحاب البريطاني من الاتحاد سيؤدي إلى تحوّل البريطانيين المغتربين إلى "مهاجرين غير شرعيين بين ليلة وضحاها".

وتحدّث ويلكنسون عن بعض المخاوف بشأن قيام دول غاضبة من جرّاء قرار البركزيت في الإتحاد الأوروبي، بمحاولة الضغط على المغتربين البريطانيين كفعل انتقام. وقال إنّ هناك احتمالاً في أن يُحرم المغتربون من نظام الرعاية الصحية للإتحاد الأوروبي وبعض المنافع، لكنّ ذلك الاحتمال غير مرجّح. فهذا الفعل سيفتح الباب أمام إجراءت إنتقامية من قبل البريطانيين، إذ يوجد حوالي 3 ملايين مواطن من دول الاتحاد يعيشون في بريطانيا.

عين على فيينّا
وبشكل يكاد يكون مؤكّداً، لن ترحّل دول الاتحاد البريطانيين المغتربين الذين يعيشون على أراضيها لوجود أسباب عدّة من بينها تمتّع البريطانيين بحمايات قانونية مهمّة قد تطبّق بعد البركزيت كـ"حقوق مكتسبة" يرعاها القانون الدولي. وتستند هذه الحقوق إلى معاهدة فيينّا لسنة 1969 التي تنصّ على أن إنهاء معاهدة "لا يؤثر على أي حق أو إلتزام أو مركز قانوني للأطراف نشأ نتيجة تنفيذ المعاهدة قبل انتهائها".

بكلمات أخرى، إنّ البريطانيين الذين سبق لهم أن مارسوا حقوقهم بالعيش في دول الإتحاد الأوروبي يمكن أن يتوقعوا الاحتفاظ بهذا الحق بعد البركزيت. واستدرك الصحافي وجود نقطة إضافية: هذا ينطبق فقط على الأشخاص الذين بدأوا الحياة الإغترابية قبل البركزيت. فبعد مغادرة بريطانيا، ستعتمد قدرة البريطانيين على العيش والعمل في دول الاتحاد الأوروبي على اتفاقات جديدة تتفاوض المملكة المتحدة بشأنها مع هذه الدول.