رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، وزوجته سامانثا(تليغراف البريطانية)
رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، وزوجته سامانثا(تليغراف البريطانية)
الجمعة 24 يونيو 2016 / 15:06

ديفيد كاميرون.. مسيرة كانت واعدة ولكن

24 - شادية سرحان

وضعت نتيجة الاستفتاء البريطانيي، الذي انتهى بفوز مؤيدي "الخروج من الاتحاد الأوروبي"، نهاية فعلية لديفيد كاميرون كرئيس وزراء، حيث لم يكن الاستفتاء مصيرياً فقط لبريطانيا، ولكن لمسيرة رئيس الوزراء الشاب، الذي كان يقود حملة بقاء بريطانيا داخل الاتحاد.

ووصف سياسيون رفيعو المستوى من مختلف الأحزاب السياسية، استقالة كاميرون، بعد خروج بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، برد فعل "الشرفاء".

وأعلن رئيس الوزراء استقالته اليوم الجمعة، قائلاً "البريطانيون قالوا كلمتهم ويجب أن نكون فخورين بديمقراطيتنا البرلمانية، وإرادة البريطانيين يجب أن تحترم ولا شك في النتائج المعلنة".

وأضاف "سأفعل كل ما بوسعي في المستقبل للمساعدة في نجاح هذا البلد العظيم".

ويعد ديفيد كاميرون أصغر رئيس وزراء بريطاني، منذ نحو 200 عام، حيث استطاع أن يحقق الفوز بالانتخابات 2010، ويتولى رئاسة الحكومة.

نشأته ومسيرته المهنية

ولد ديفيد وليام دونالد كاميرون في نيوبيري بلندن عام 1966، ودرس العلوم السياسية والاقتصاد والفلسفة في جامعة أكسفورد، ليتخرج 1988 بمرتبة الشرف الأولى.

وبعد تخرجه عمل لسنوات في قسم البحث في حزب المحافظين، ومستشاراً لوزير الخزانة، ليترك بعدها العمل السياسي عام 1994 ويعمل في شركة كارلتون للاتصالات.

وفي عام 2001، استقال كاميرون من منصبه ليعود إلى السياسة عبر عضوية البرلمان البريطاني، عندما احتل المحافظون فيه مقعد المعارضة.

نقطة تحول
وكانت نقطة التحول في حياة كاميرون السياسية، عند انتخابه زعيماً لحزب المحافظين 2005، حيث عمل لتحديث برنامج الحزب وآليات عمله، وإحداث ثورة كبيرة فيه الأمر الذي قاده إلى الفوز بأكثرية مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2010، إثر فوزه بـ36% من أصوات الناخبين، واختير كاميرون إثر ذلك رئيساً للوزراء، وشكل حكومة بالتحالف مع حزب الليبراليين الديمقراطيين.

الأزمة المالية
وخلال ولايته الأولى، واجه كاميرون تداعيات الأزمة المالية العالمية التي تفجرت 2008، وطبق برنامج تقشف صارم لتجاوزها امتد 5 سنوات، فضلاً عن قيادته دفة سياسة بلاده في عالم مضطرب، شهد تنامي قضايا الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

مقترحاته للحد من الهجرة
طرح كاميرون، مقترحات جذرية تهدف إلى الحد من هجرة مواطني دول الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا.

ومن بين هذه المقترحات، قطع المعونات المالية التي تعتبر في طليعة العوامل التي تغري المهاجرين بالقدوم إلى بريطانيا.

وقال كاميرون "إن على المهاجرين المقيمين في بريطانيا الانتظار أربع سنوات قبل أن يحق لهم تلقي تلك المعونات بما فيها الدعم المالي للأطفال والسكن"، مضيفاً "أن الأجانب الساعين إلى العمل في بريطانيا يجب إبعادهم إذا لم يتمكنوا من الحصول على وظائف في غضون ستة أشهر".

وثائق بنما
وواجه كاميرون هذا العام، تساؤلات عدة بشأن تدابير ضريبية اتخذتها عائلته كُشفت في تسريبات وثائق بنما واضطرت الحكومة البريطانية إلى توضيح موقفه رسمياً.

وطالبت تظاهرات، احتشد فيها أكثر من 50 ألف متظاهر ضد التقشف في شوارع العاصمة البريطانية لندن، برحيل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، بعد ظهور تسريبات مكتب محاماة عبر "وثائق بنما"، ذكرت تهربه من الضرائب، بعد حيازة والده ممتلكات في جزر ساحلية بالخارج.

ورد كاميرون على جميع التساؤلات بقوله "إنه وزوجته كانا يمتلكان حصة في ودائع والده السرية في الخارج لكنهما قاما ببيعها بقيمة 30.000 جنيه استرليني في 2010".

كما أكد كاميرون أنه سدد جميع الضرائب المستحقة على الفوائد التي جناها جراء بيع تلك الأسهم، مشيراً إلى أن الهدف من إنشاء والده لتلك الشركة لم يكن التجنب الضريبي.

وأصدرت رئاسة الحكومة البريطانية بيان بهذا الخصوص، وقالت إنه "لا توجد أي أموال أو ودائع" قد يستفيد منها رئيس الوزراء وعائلته المباشرة "في المستقبل".

سياسته الخارجية
منذ تولي كاميرون رئاسة الحكومة 2010، تراجعت المساهمة البريطانية على صعيد التدخلات العسكرية في الخارج، جراء الثمن الفادح الذي دفعوه نتيجة حربين على بلدين مسلمين، أفغانستان والعراق.

بينما تظل المشاركة البريطانية ضمن حملة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الجوية ضد قوات العقيد الليبي الراحل معمر القذافي في عام 2011، أكبر مساهمة للندن في العمليات العسكرية بالخارج، ولا يأتي بعدها من حيث الأهمية سواء مشاركتها ضمن الحملة المستمرة على مواقع تنظيم داعش في العراق وسوريا.

وبحسب ما يرى السياسيون في لندن، فإن مكانة بريطانيا الاستراتيجية قد تراجعت داخل أوروبا، بسبب الخلافات الدائمة حول إصلاح الاتحاد الاوروبي، التي لم تمارس لندن دوراً محورياً مثلاً في الأزمة الأوكرانية التي لعبت فيها المانيا وفرنسا الأدوار الأهم.

ومن ناحية أخرى، حاولت الحكومة البريطانية بزعامة كاميرون، إيجاد صيغة مثالية بين سياسة خارجية تعتمد على القوة العسكرية من ناحية، وعلى قوة الحوار والتوسط لحل النزاعات والمساعدات الانسانية والتنمية من ناحية اخرى.

وعلى الأرجح فإن التغيرات التي حدثت في العالم العربي غيرت وقلبت الأولويات، فلم يعد الصراع العربي الإسرائيلي أولوية في السياسات الخارجية، بل أصبحت القضايا الأخرى أكثر أهمية كملفات الهجرة والنزوح، وقضايا أخرى كالأوضاع في العراق والإرهاب وغيرها.

اسكتلندا تحت لواء بريطانيا
ونجح كاميرون، وعبر حملة نشطة، في إقناع الاسكتلنديين بالبقاء تحت لواء بريطانيا، حيث صوت 55% من شعب أسكتلندا لصالح الوحدة مع بريطانيا في استفتاء أجرى سبتمبر (أيلول) 2014.

استفتاء عضوية الاتحاد الأوروبي
وفي ظل الضغوط التي تعرض لها كاميرون من الأعضاء المشككين في الاتحاد الأوروبي من حزبه وصعود شعبية حزب الاستقلال المعارض للاتحاد الأوروبي وعد رئيس الوزراء بإجراء استفتاء حول مستقبل بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، في حال فوزه في الانتخابات التشريعية عام 2015، وذلك استجابة للأصوات التي تصاعدت بشكل كبير بين نواب حزب المحافظين وحزب الاستقلال البريطاني.

استقالته
وأعلن كاميرون، اليوم الجمعة، 24 يونيو (حزيران) 2016، استقالته، وذلك بعد أن خسر الحملة التي كان يقودها لإبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي.

وعقب صدور النتائج النهائية التي أظهرت أن نحو 52 % من الناخبين صوتوا لصالح خروج بريطانيا، أكد كاميرون، في مؤتمر صحفي، نيته الاستقالة.

وقال رئيس الوزراء الذي كان يقود حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي "إنه سيستقيل من منصبه، وذلك في مؤتمر حزب المحافظين الحاكم في الخريف المقبل".

وأضاف أن "بريطانيا في حاجة لقيادة جديدة"، مشيراً إلى أنه لن يشرف على عملية خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي وسيتركها لغيره.