الثلاثاء 28 يونيو 2016 / 14:49

استفتاء بريطانيا غير ملزم...هل يرفضه رئيس الوزراء الجديد؟

ليست رغبة البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي، والنزعة لاستقلالية القرار الوطني، جديدة، وإنما تعود إلى الأيم الأولى لانضمام لندن إلى المجموعة الإقتصادية الأوروبية.

لا بد من التساؤل عن الخطوة التالية، وخاصة لأن معاهدة لشبونة وضعت آليات انسحاب أي عضو من الكتلة الأوروبية، فيما يعرف حالياً بالمادة ٥٠.

ظهرت تلك المشاعر  في مسلسل كوميدي بثته محطة بي بي سي البريطانية حمل اسم" يِس مينيستر" ويصور علاقة موظف حكومي بوزير بريطاني، في عهد المجموعة الاقتصادية الأوروبية التي تشكلت في خمسينات القرن الماضي، من 12 بلداً أوروبياً، من أجل تحقيق مستوى أعلى من التكامل الاقتصادي بين أعضائها.

وبرأي كريشناديف كلامور، كبير محرري مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية، تعود بذور الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، والذي أجري يوم الخميس الماضي، إلى الفترة التي أعقبت انضمامها للمجموعة الأوروبية القديمة في عام 1973.

انقسام
فقد حصل انقسام كبير حول تلك القضية بين حزب المحافظين الحاكم حالياً، وبين حزب العمال المعارض والسكان. وخلال الإعداد لانتخابات العام التالي، تعهد حزب العمال بإجراء استفتاء عام على عضوية المملكة المتحدة في المجموعة الأوروبية. وفي نهاية المطاف، فاز العمال، وأقر البرلمان قانون الاستفتاء في عام ١٩٧٥، محققاً وعده الانتخابي. وأجري الاستفتاء في ٥ يونيو( حزيران)، من ذلك العام، وجاءت النتيجة كما تمنت الكتلة السياسية، بتأييد ٦٧٪ من الناخبين لعضوية بريطانيا في المجموعة الأوروبية المشتركة.

"حديث بلومبرغ"
بالعودة إلى يوم 23 يناير( كانون الثاني)، 2013، وما صدر عن ديفيد كاميرون فيما عرف باسم" حديث بلومبرغ"، ذكر كلامور بما قاله كاميرون عن خيبة أمل البريطانيين من سياسات الاتحاد الأوروبي، وأن الكتلة المكونة من 28 عضواً لا تسير في الاتجاه الذي توقعه البريطانيون.

ولكن، بحسب الكاتب، لم تشارك بريطانيا في اتفاق العملة النقدية الموحدة، التي أقرتها معاهدة ماستريخت لعام 1992، والتي نجم عنها تبني عملة اليورو، ومنح مزيد من السلطات للبرلمان الأوروبي، وفقاً لاتفاقية لشبونه لعام 2007.

كابوس
في كلمته أشار كاميرون لما يشبه كابوساً أصاب الذين رأوا بأن الاتحاد الأوروبي أصبح كبيراً وواسع السلطات، قائلاً: "يشعر هؤلاء باستياء كبير من التدخل في شؤوننا الوطنية، بما يعتبرونه قوانين وتنظيمات غير ضرورية. إنها يتساءلون عن الفائدة من كل ذلك، ويقولون: لماذا لا نحقق فقط الأهداف التي انضممنا للاتحاد من أجلها، السوق المشتركة؟".

البقاء
ويلفت كلامور إلى تعهد كاميرون بإجراء استفتاء سريع من أجل ضمان نتيجة "البقاء". وبعد نقاشات مستفيضة، مرر البرلمان البريطاني قانون الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي، وحدد له موعد في يوم 23 يونيو( حزيران) الأخير. واليوم، وبعد ظهور النتيجة التي بتنا نعرفها، لا بد من تذكر أن القانون المذكور لا يحوي فقرة تجعله ملزماً، وحيث لم يتضمن أية إشارة لخطوات مقبلة ستتخذ في حال صوت الناخبون على" الانسحاب".

ويقول كلامور أن تلك المهمة تعود، في المملكة المتحدة، إلى البرلمان، لأن هذا البلد، كما هو حال الديموقراطيات البرلمانية، يعتبر التشريعات الصادرة عن البرلمان ملزمة وسيادية.

الخطوة التالية

ومن هنا، لا بد من التساؤل عن الخطوة التالية، وخاصة لأن معاهدة لشبونة وضعت آليات انسحاب أي عضو من الكتلة الأوروبية، فيما يعرف حالياً بالمادة 50. ولكن نتائج الاستفتاء لا تؤدي إلى تحريك تلقائي لتلك الفقرة، بل لا بد للبرلمان من العودة إليها من أجل المباشرة في المفاوضات حول كيفية خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد.

وقد عبر مسؤولون أوروبيون كبار، في بيان مشترك، عن استيائهم من تصويت المملكة المتحدة على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي رغم توجيه زعماء أوروبا نداءات عدة، وتقديم حوافز من أجل بقائها. ودعا البيان بريطانيا إلى احترام خيار ناخبيها، والتسريع في إتمام عملية الانسحاب.

فسحة للمناورة
ولكن في كلمة ألقاها مساء الجمعة الماضية، أعلن رئيس الوزراء البريطاني أنه سوف يستقيل في أكتوبر(تشرين الثاني) المقبل، وأكد أن خطوات الانسحاب ستكون مدروسة، وفي نفس الوقت ترك كاميرون لخلفه فسحة من المناورة، عندما أشار إلى أن تطبيق المادة 50 يحتاج لموافقة رئيس الوزراء الجديد، من أجل البدء بالمفاوضات للخروج من الاتحاد الأوروبي".

عند هذه النقطة، يتساءل البعض عما إذا كان رئيس الوزراء البريطاني المقبل سيرجئ اتخاذ ذلك القرار، وخاصة أنه يحق له ذلك، وفقاً للقانون. ولكن من المؤكد أنه، أو البرلمان، وحيث يحظى المحافظون بزعامة كاميرون على الأغلبية، لن يتجاهلوا رغبات 52٪ من الناخبين( رغم عريضة تقدم بها أكثر من مليوني بريطاني يطالبون فيها برفض النتيجة).

ورغم ذلك، وبحسب كلمات سير هامفري آبلي الوزير في المسلسل المذكور( يس مينسيتر): "تعمل الديبلوماسية على البقاء حتى القرن المقبل، فيما تعمل السياسات على الاستمرار إلى مساء الجمعة المقبل، وحسب".