الثلاثاء 28 يونيو 2016 / 19:18

رهانات حماس الناقصة

الواضح من خلال السياق الذي جاءت فيه التصريحات المثيرة للجدل ان أبو مرزوق حاول التلويح للأتراك بالانفتاح على إيران في حال غياب قطاع غزة عن خطوة التطبيع التركي ـ الإسرائيلي فيما عبر مشعل عن ترحيب حركة الاسلام السياسي الفلسطيني الاولى بتطمينات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الخادعة حول تمسك تركيا بشرط رفع الحصار عن القطاع لتطبيع العلاقة مع اسرائيل

تتأرجح حركة حماس بين رهانين ناقصين مع انحسار خيارات اللحاق بأقطاب الإسلام السياسي الشيعي والسني ومحاولتها توزيع بيضها بالتساوي على السلتين الإيرانية والتركية دون مراعاة لتباينات وتبدلات الأجندات الإقليمية.

نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى ابو مرزوق أشاد بالدعم الإيراني الذي يأخذ أشكال "التدريب" و"الإمداد" و"التمويل" ووصفه بالسقف الذي لا يوازيه سقف آخر ولا تستطيع معظم الدول تقديمه.

لم تمض أيام قليلة على تصريحات أبو مرزوق حين ظهر رئيس المكتب السياسي خالد مشعل في مؤتمر صحافي ليشكر أنقرة على اشتراطها رفع الحصار عن غزة مقابل تطبيع العلاقات مع اسرائيل ويتوجه في وقت لاحق إلى اسطنبول للقاء الرئيس رجب طيب أردوغان ويتبين في نهاية المطاف أن شكره كان فائضاً عن الحاجة .

الواضح من خلال السياق الذي جاءت فيه التصريحات المثيرة للجدل ان أبو مرزوق حاول التلويح للأتراك بالانفتاح على إيران في حال غياب قطاع غزة عن خطوة التطبيع التركي ـ الإسرائيلي فيما عبر مشعل عن ترحيب حركة الاسلام السياسي الفلسطيني الاولى بتطمينات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الخادعة حول تمسك تركيا بشرط رفع الحصار عن القطاع لتطبيع العلاقة مع إسرائيل.

الأول تجاهل فقدان الثقة الإيرانية بحركته بعد قفزها من مركب "الممانعة" المتداعي الى سراب "المد الإخواني" المحفوف بمجهول زوابع الخريف العربي وافتقار حماس لشروط تلبية متطلبات العودة إلى الحضن الإيراني بعد تحول "المقاومة" إلى شعار بلا معنى فيما غيب الثاني تقلبات السياسة التركية واحتمالات إفضائها الى خيبة كبيرة للآمال الحمساوية ولم يضع في اعتباراته تبعات رفع الحصار عن غزة إذا جاء ثمرة لاتفاق تطبيع بين أنقرة وتل ابيب.

والظاهر في تناقضات مشعل وأبو مرزوق أن الحركة لا تستبعد أياً من خياري "المقاومة" و"التسوية" الناقصين ولا يضيرها غياب فرص نجاح أي خيار من الخيارين بقدر ما هي معنية بتجاوز المنعطف الحاد الذي وصلت إليه بعد سلسلة من المغامرات.

في ظل تداعيات الرهان على الفرص غير المكتملة لتجاوز الأزمات المتراكمة وقابلية التماهي مع أجندات الحلفاء دون التدقيق فيها تتجه مؤشرات السياسات غير المتوازنة التي تتبعها قيادة حماس نحو دفع فاتورة التخبط وضيق الأفق من الاحتمالات المتضائلة لإنهاء الانقسام الفلسطيني وبالتالي شرذمة القضية الى عدة قضايا قابلة للتفريخ والتناسل.

دلالات التباس "توزيع الأدوار" و "تضارب الرهانات" في التفكير الحمساوي لا تقتصر على "ضآلة خيارات" أو "أزمة هوية" انتهى إليهما الاسلام السياسي بعد سلسلة من الإخفاقات والصدمات. ففي التطورات التي تعبر عنها تناقضات تصريحات مشعل وأبو مرزوق اضافة جديدة إلى آثار الخريف العربي الذي هوى بالقضية الفلسطينية إلى أسفل أولويات المنطقة وتهدد تداعياته بتصفيتها.