الجمعة 22 يوليو 2016 / 18:59

الطربوش والعمامة

- أخطر ما في الاسلام السياسي إنه جعل الولاء للمذهب وليس للوطن .

- جماعة الإخوان المسلمين (السنة) يعتقدون أن تركيا العثمانية حامية كونية لهم وأحزاب الحاضنة الإيرانية (الشيعة) يعتقدون أن إيران الفارسية حامية كونية لهم ولهذا فمن دواعي سرورهم أن يتآمروا على أوطانهم لتسليمها إلى الفرس والعثمانيين، دون أن يعرق لهم جبين بل سيقولون هذا ما أمّرَ به الله! وكأن الله سبحانه وحاشاه يُفصّل أوامره ونواهيه على مقاسات خياناتهم.

 - في الحرب العالمية الأولى تعاطف المسلمون مع السلطنة العثمانية التي دخلت الحرب وهي تمشي على عكّازين.. كان مبرر هذا التعاطف أنها آخر صروح الخلافة الإسلامية ..

- كمال أتاتورك الرجل العلماني الذي ما زال يحكم الأتراك من قبره غيّر ملامح الخريطة الدينية للأتراك بعد أن تأكد له أن الدين والسياسة خطان متوازيان لا يلتقيان.. لقد اختار طريقاً يتقاطع مع تعاطف المسلمين مع السلطنة إبان الحرب العالمية الأولى تحت مبرر أنها آخر صروح الخلافة، ذلك التعاطف الذي لم يُجدِها نفعاً ولم يجعلها ترمي عكّازيها اللذين دخلت بهما الحرب لتصبح فجأة بطلة سباقٍ مارثوني.

-  الغريب أن بشراً يعيشون على أرض أوطانهم يتنفّسون هواءها ويأكلون من خيراتها ولكنهم يهتفون لأوردغان وخامنئي ويحللون لهما ما يتصارخون بتحريمه على قادتهم .. يبدو أن ثمة تبعية أخرى لا علاقة لها بالمذهب تسحبهم من شعفاتهم ولحاهم ليكونوا أتراكاً أكثر من الأتراك وفرساً أكثر من الفرس! ومع هذا فهناك من ينتقد الدول العربية التي تتخذ إجراءات دستورية وقانونية بحق هؤلاء لحماية أمنها الوطني واستقرارها الداخلي.

- بعد سقوط الدولة العثمانية 1924 أسّس حسن البنا جماعة الاخوان المسلمين في 1928 بغية استنساخ دولة الخلافة التي انتهت إلى غير رجعة، ومع ما في هذا المسار من عثرات وخفوت خاصة بعد موت البنا ورسم ملامح نظرية (السلفية الجهادية) من قبل سيد قطب، إلا أن في منتصف الخمسينيات وفي خضم الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، انتهج أيزنهاور رئيس الولايات المتحدة الأمريكية منهج استراتيجية حرب الأفكار، ولتفعيل هذه الاستراتيجية أرسل بعض مساعديه إلى المنطقة العربية والدول الإسلامية للدفع باتجاه تأسيس أحزاب دينية أو ترميم ما هو مُؤسِّس منها تحت يافطة مواجهة الشيوعية الملحدة، غير أن هذه الأحزاب واجهت الإسلام المعتدل ولم تواجه الشيوعية الملحدة.

- حزب الدعوة الإسلامي الذي تأسس في إيران في منتصف الخمسينيات 1957 والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي تأسس في إيران أيضاً في 1982 إبان الحرب العراقية الايرانية، كان لهذين الحزبين هدف وحيد هو أن يكون العراق حديقة خلفية للبيت الايراني، وقد حققت أمريكا لهما هذا الهدف بعد غزوها للعراق في 2003 .

- إن الأسس المذهبية هي محرك إنتاج السياسات في الإسلام السياسي، ولهذا حين قال محمد مرسي لشيمون بيريز في رسالته له (عزيزي وصديقي العظيم) والتي ختمها بـ (صديقك الوفي) وحين قام أردوغان بالتطبيع مع إسرائيل، لا أحد من مستنسخي الخلافة والداعين لها اعترض، بل ابتلعوها وبلعوا عليها ريق انتهازيتهم، وحين تحول الشيطان الأكبر إلى ملاك أكبر، لا أحد من معممي ولاية الفقيه احتج على هذه القفزة البهلوانية داخل السيرك الثوري.

- تركيا تستدعي سلطنتها كإيران تماما التي تستدعي امبراطوريتها .. الطربوش الذي يريد لمن يلبسه أن يتهنّدم بالكرباج والعمامة التي تريد لمن يلبسها أن يتسيّد بالخرافة .. إنهما البلاء الأزلي الذي أبتلينا به .