الثلاثاء 26 يوليو 2016 / 14:56

غولن رمى تركيا بين براثن أردوغان

24- زياد الأشقر

كتب باتريك كوكبرن في مقال بموقع كاونتر بانش الأمريكي أن الإنقلاب العسكري الفاشل كان بمثابة كارثة على تركيا، لكن نجاحه كان سيحمل مصيبة أكبر، لافتاً إلى أنه لو نجح الإنقلابيون في قتل أو أسر الرئيس رجب طيب أردوغان لكانت فروع أخرى في القوات المسلحة ستنضم إليهم، ما كان سيؤدي إلى حرب أهلية يطلق فيها مؤيدو أردوغان هجوماً معاكساً.

أتباع غولن هم وحدهم يملكون شبكة من الملتزمين القادرين على القيام بإنتفاضة في وحدات كثيرة من قوى الأمن

ويقول إن الكارثة تكمن حالياً في أن الأتراك سيكونون أقل قدرة على مقاومة أردوغان في طريقه إلى إحتكار السلطة. ومن خلال مقاومة الإنقلاب كزعيم لحكومة منتخبة ديموقراطياً، فإنه قد عزز شرعيته. وأكثر من ذلك، فإن كل معارضة لحكمه يمكن تصنيفها داعمة للإرهاب ويعاقب عليها.

حقوق الإنسان أضعف
ويقول أحد منتقدي أردوغان إن "حقوق الإنسان والديموقراطية سيكونان أضعف وإنهما كانا اصلاً في حالة سيئة قبل الإنقلاب". ويضيف أنه من الصعب عليه انتقاد أردوغان اليوم في الوقت الذي يواجه متآمرين عسكريين، ويبدو متأكداً من أن المحاولة الإنقلابية العسكرية نفذها أتباع للداعية فتح الله غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ 1999. فإذا تركنا جانباً الإعترافات التي ربما أدلى بها الإنقلابيون تحت الإكراه، فإن أتباع غولن هم وحدهم يملكون شبكة من الملتزمين القادرين على القيام بإنتفاضة في وحدات كثيرة من قوى الأمن".

وجهان لغولن
ويقول معلق تركي إن "فتح الله غولن لم يساعدنا، لقد قتلنا... وتركنا بشكل كامل بين أيدي أردوغان. وأوضح أن أتباع غولن يعملون بطريقتين مختلفتين: لديهم وجه عام معتدل بوجود المدارس والجامعات ووسائل الإعلام وجمعيات رجال الأعمال، لكن لديهم أيضاً منظمة سرية تكرس وقتها للسيطرة على مواقع للسلطة داخل الجيش والشرطة وأجهزة الإستخبارات. ومنذ عام 1987، تجري تحقيقات مع الحركة في شأن التسلل إلى الكليات العسكرية. وهي تقارن ب"المنظمة الكاثوليكية" (أوبوس دي)، السيئة السمعة بسبب علاقاتها مع فرانكو وحكومات يمينية أخرى، وربما التشبيه الأفضل هو بطائفة سرية بقيادة ذات كاريزما".

انقلاب استباقي
ويرى كوكبرن أن الإنقلاب حصل استباقاً من تطهير وشيك لأتباع غولن في الجيش. وينقل عن محللين كم كانت المحاولة سيئة التنظيم وكيف كان من المستحيل نجاحها.

ويروي أردوغان أن صهره إتصل به بين الساعة الرابعة والرابعة والنصف من بعد ظهر الجمعة ليبلغه أن جنوداً يقطعون الطرقات وأنهم لا يسمحون للسيارات بالوصول إلى جسر البوسفور. ويقول: "عندما سمعت الأخبار، لم أعتقد أول الأمر أن هذا ما كان يجري وإتصلت برئيس الإستخبارات فلم أجده. وإتصلت برئيس الأركان، فلم أجده، إذ لم يكونا في مكان يستطيعان منه الرد من هاتفيهما...ومن ثم حاولت الإتصال برئيس الوزراء، وأيضاً ببعض الصعوبة استطعنا التواصل".
    
ومضت أربع ساعات، حتى الساعة الثامنة مساء، قبل أن يقرر أردوغان أن يتحدث إلى وسائل الإعلام، وهذا وقت كان كافياً لقوات الإنقلابيين كي تتخلص منه.

أسوأ سياسي وأفضل جنرال
وفي خضم الحدث، لم يجد الإنقلابيون أي دعم لأن الشعب يشعر مثلما قال أحد الناشطين الأكراد "إن أسوأ سياسي هو أفضل من أفضل جنرال".

وحالياً، يتوقف كثير من مصير تركيا على المدى الذي سيذهب إليه أردوغان في اعتبار الإنقلاب هدية من السماء للتخلص من كل من لا يطيعه. ويبدو أن المؤشر واضح حتى الآن، إذ صار 60 ألفاً من الجنود والقضاة والمدعين العامين والموظفين المدنيين والمدرسين محتجزين أو معزولين من مناصبهم.