الأربعاء 27 يوليو 2016 / 15:28

تلبية لدعاء إمام تركي... أردوغان يحصن نفسه من "الأشرار المتعلمين"!

تتزايد التساؤلات في الشارع التركي عن سبب قيام الحكومة التركية بإقالة آلاف الأكاديميين ومعلمي المدارس، وعن علاقة تلك الخطوة بالمحاولة الانقلابية الفاشلة على سلطة أردوغان.

البعض يتساءل عن سبب استهداف المعلمين الأتراك، وعلاقة بيروقراطيين وعمداء جامعات بضباط رفيعي المستوى حاولوا تنفيذ انقلاب عسكري ضد الرئيس أردوغان

وتقول مجلة ذا كونفيرزيشين الأوسترالية الإلكترونية، إن الرئيس التركي أمر عشية الانقلاب الفاشل في ١٥ يوليو( تموز) الجاري، بإغلاق أكثر من ألف مدرسة خاصة، وسحب رخصة ٢١ ألف معلم، وسرح ١٥ ألف من البيروقراطيين العاملين في مؤسسات تعليمية، وطالب قرابة ١٦٠٠ من عمداء الجامعات بالاستقالة من مناصبهم في جامعات حكومية وخاصة، كما منع أكاديميين أتراك من السفر.

استهداف المعلمين
تلك التسريحات الجماعية، جاءت، بحسب المجلة، بالتزامن مع تطهير في الجيش وجهازي الشرطة والقضاء، وهو ما أدى في خلال أسبوعين، إلى اعتقال أو تسريح حوالي ٦٠ ألف شخص.

لكن البعض يتساءل عن سبب استهداف المعلمين الأتراك، وعلاقة بيروقراطيين وعمداء جامعات بضباط رفيعي المستوى حاولوا تنفيذ انقلاب عسكري ضد الرئيس أردوغان.

وتقول ذا كونفيرزيشين إن الإجابة هي ببساطة قصيرة ومعبرة: لا شيء. لا علاقة مباشرة بين الضباط والأكاديميين.

تدبير
ولكن، تلفت المجلة، إلى أن هناك حركة غولن، المتهم بتدبير الانقلاب، والتي أنشأت عدداً كبيراً من المدارس في جميع أنحاء تركيا. ومن الصعب إحصاء عدد المؤسسات التعليمية التابعة لها، لأنها لم تنشأ باسمها، بل من خلال مؤسسات خيرية وإنسانية.

ونتيجة لذلك، تشير التقديرات إلى أن عدد المدارس الخيرية تتراوح ما بين ١٥٠ إلى ٥٠٠ في تركيا.

تبعات
واستناداً إلى تلك الأرقام، تشير ذا كونفيرزيشين إلى أن إغلاق أكثر من ألف مدرسة خاصة يبدو عدداً كبيراً، ويوحي باحتمال أن يكون له تبعات خطيرة، لأن الهدف هو إقفال كل مدارس غولن، وكل ما يرتبط بها، من جميع معالم الدولة. وفعلاً، تعهد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، باجتثاث حركة غولن" من جذورها" حسب تعبيره.

ولكن، مثل تلك العملية التطهيرية مقلقة للغاية، بحسب المجلة، وخاصة عندما تطال عمداء الجامعات.

إحكام السيطرة
وتلفت ذا كونفيرزيشين إلى أن ما يحصل يعكس أجندة أوسع لبسط سيطرة الدولة على كل جوانب الحياة في تركيا، وإسكات أي معارض، ولأن القطاع الجامعي عرف تاريخياً بكونه معقلاً لكل من الليبراليين والعلمانيين.

سجل قديم
وتكشف أحداث أخيرة أن لأردوغان سجلاً قديماً في قمع من ينتقدون الحكومة من أساتذة الجامعات. ومطلع العام الجاري، استهدف الرئيس التركي أكاديميين أتراكاً وقعوا على عريضة نظمتها مجموعة اتخذت لنفسها اسم" أكاديميين من أجل السلام"، وطالبت الحكومة بإنهاء الهجمات ضد مقاتلين أكراد.

بروباغاندا
وتشير ذا كونفيرزيشين إلى اتهام جميع الموقعين على العريضة (١١٢٨ شخصاً)، من ٨٩ جامعة بالترويج لبروباغاندا إرهابية. وقد تم التحقيق معهم جميعاً. كما تم اعتقال ٣٣ أستاذاً جامعياً، وتوجيه إنذارات تأديبية لـ ١٠٩ أكاديميين ينتمون لـ ٢٠ جامعة تركية، واعتقال أو تسريح عدد آخر منهم. وما يلفت الانتباه إلى أن عملية القمع تلك شهدت ارتفاع عدد الموقعين على نفس العريضة إلى قرابة ٥٠٠٠، مما استجلب دعماً شعبياً وعالمياً.

لا ارتباط
وتلفت المجلة إلى أنه من المؤكد أن حركة غولن هي الهدف الرئيسي من تلك الهجمة الأخيرة ضد القطاع التعليمي، على أساس شبكتها الواسعة من المدارس، فإن تسريح قرابة ٣٨ ألف من العاملين في الحقل التعليمي، واحتمال عدم ارتباط عدد كبير منهم بالحركة ( وهو أمر من الصعب التحقق منه لعدم توفر عملية انتساب رسمية)، يشير إلى تنفيذ عملية تطهير من أجل تشديد قبضة الدولة على المؤسسة التعليمية التركية.

هجوم مقنع
ونقل عن إمام دعا أثناء تشييع أحد المحتجين على الانقلاب، في حضور أردوغان، قوله: "اللهم احمنا من جميع الأشرار، وخاصة المتعلمين"، وقد ردد الحاضرون وراءه "آمين".

إن ذلك الدعاء قد يكون هجمة مقنعة ضد حركة غولن، أو ربما يعبر عن أجندة أوسع لإسكات صوت جميع المتعلمين المعارضين. كما تلازم ذلك الهجوم مع حرب مستدامة ضد وسائل الإعلام.

وبكلمات أخرى، يبدو أن أردوغان يسعى للاستجابة لذلك الدعاء، ولحماية نفسه وحزبه من المتعلمين.