الخميس 28 يوليو 2016 / 15:05

سيناريو مثالي لهزيمة داعش...أي دور للشباب العربي المضطرب؟

أصرّ الصحافي الفلسطيني داود كُتّاب على ضرورة الأخذ بالاعتبار عاملاً مهماً في الحرب ضد داعش والمتطرّفين الدينيين الآخرين، موضحاً أن هذا العامل الذي يتمّ تجاهله في أوقات عدّة، هو التأثير النفسي للإنتصار والهزيمة.

فهوية الطرف الذي يُنسب له الفضل في هزيمة التنظيم، ستشكل فرقاً كبيراً في هذا المجال. ولكي تكون تلك الهزيمة نهائية، يجب أن تتطابق مع بديل موثوق به بالنسبة للشباب المضطرب الذي يتوق إلى أن يكون جزءاً من الفريق المنتصر

وقال كتاب في مقال في صحيفة غارديان البريطانية إنه منذ حكمَ المسلمون الأندلس، شهد أتباع الإسلام هزائم تاريخية، الواحدة تلو الأخرى، كان انهيار السلطنة العثمانية آخرها. وفي العصر الحديث، تكبد العرب أيضاً هزائمَ سياسية تركت فلسطين تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وتنازلَت مصر وسوريا عن أراض في حرب الستة أيام، إضافة إلى هزيمة العراق مرتين على يد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة. لذا، تشجع إيديولوجية داعش المسلمين والعرب الشباب ليعثروا في "الخلافة" الموعودة على أمل النصر والتطمين الخاطئ بعودة العصر الذهبي الضائع.

مستويان لأهمية الإنتصار
إنطلاقاً من هنا، يضيف صاحب المقالة أن هزيمة داعش مهمة على مستويين. عملياً ستنهي الهزيمة السيطرة المادية للمجموعة على الأراضي واحتمال التخطيط والتدريب على شنّ الهجمات. على مستوى نفسي، ستكون بمثابة هزيمة "إيديولوجية معوجّة". لكن هزيمة داعش مادياً وإيديولوجياً يجب ألا تُترك للإستراتيجيين العسكريين أو الجنود الغربيين. فهوية الطرف الذي يُنسب له الفضل في هزيمة التنظيم، ستشكل فرقاً كبيراً في هذا المجال. ولكي تكون تلك الهزيمة نهائية، يجب أن تتطابق مع بديل موثوق به بالنسبة للشباب المضطرب الذي يتوق إلى أن يكون جزءاً من الفريق المنتصر.

شرط "حيوي" للغرب

ويشترط كتّاب على الغرب، في حال أراد أن يؤدي دوره في صياغة المستقبل بعد نهاية داعش، ألا يدعي الفضل في هزيمة التنظيم، حتى ولو أدى دوراً محورياً في ذلك، وهذا الامتناع "حيوي" للنجاح. لكن الأهم من ذلك، يكمن في من سيملأ الفراغ الإيديولوجي لاحقاً. ويشرح الكاتب هذا الأمر من خلال الإشارة إلى الشبان الذين تظاهروا في شوارع تونس والقاهرة سنتي 2010 و2011 حيث آمن كثيرون من بينهم بأن لحظة الديموقراطية العربية قد حان موعدها. ولكن "للأسف، افتقدت العوامل الحقيقية للتغيير إلى القدرة والتنظيم" لملء الفراغ الذي تركه سقوط الرؤساء.

"سخرية" التحولات بعد انتصارات داعش
ويسلط كتّاب الضوء على "سخرية" كون الانتصارات القصيرة المدى لداعش، قد أدت إلى ظهور تيار راديكالي علماني بدأ يأخذ شكله في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذا التحول، أضاف، يحدث بمعظمه على منصات وسائل التواصل الإجتماعي، حيث يأمل هؤلاء في تحقيق ديموقراطية علمانية، لكنهم لا يتمتعون بفرص كبيرة حقيقية في ملء الفراغ الذي ستخلفه هزيمة التنظيم.

بدائل التطرّف العنفي
الحاجة الآن هي لشراكة جديدة بين قوى معتدلة في العالم العربي والناشطين في المجتمع المدني والعلمانيين. أمّا الشرط الأول لهذه الشراكة، دائماً بحسب كاتب المقال، فهو الاحترام الحقيقي للآخرين وإنهاء الخصومة. فالشراكة الناجحة يجب أن تبنى على البدائل الوحيدة للتطرف العنيف: تقاسم السلطة وعدم إقصاء أي طرف بالإضافة إلى التعددية. ومن بين الأسباب في وجود هذه الشراكة الجديدة، نشر المبادئ الديموقراطية والفصل بين الدين والدولة مع احترام المحافظين الدينيين المعتدلين الذين يؤمنون بالتغيير التدريجي، عوضاً عن ذاك الثوري. "لكن ذلك لن يكون كافياً".

مصالح الغرب "القصيرة المدى"
ويشير الكاتب إلى أن "تغذية القلب دون تغذية الجسد ستؤجل فقط جولة أخرى من المشكلة". ويلفت إلى "خطة مارشال" يجب أن تطبق كي تساعد في حل مشكلة البطالة الهائلة التي تواجه معظم الشبان العرب والمسلمين في عالم اليوم. و"كل ذلك قد يبدو مثالياً وبكل تأكيد ليس جديداً بالنسبة للغرب الذي رفض بشكل اعتيادي هكذا أفكار".

هل يفيد الإنعزال؟

ويتطرّق كتّاب إلى الخطر الأكبر الذي سيلوح في الأشهر والسنوات القادمة ويتمثل في إعادة "التركيز الانتباه الأناني" باتجاه الداخل. وأحدث الهجمات العنيفة التي وقعت في أمريكا وفرنسا وألمانيا، تظهر بوضوح أن الانعزال لن يفيد كثيراً في حل المسائل التي لا تعرف حدوداً لها.

"السيناريو المثالي"

ويعيد الكاتب التأكيد على أهمية الجهة التي يجب أن تعطى الفضل في هزيمة داعش، فيقول إنها ربما تكون بنية حكم تعددية غير إقصائية يمكنها المساعدة في بناء مصير أكثر تمثيلاً وتقدماً للشرق الأوسط. وهذا سيمنع أي انبعاث للمصيبة البشعة. تلك البنية هي "أفضل سيناريو للقضيّة" على الرغم من كونه "مثالياً".