الثلاثاء 16 أغسطس 2016 / 18:36

كيف خطّطت اليابان لإدخال التربية الأخلاقية في مناهجها الرسمية؟

أكدت صحيفة جابان تايمز، كبرى الصحف اليابانية الصادرة باللغة الإنجليزية، أنّ المجلس المركزي للتربية، وهو مجلس إستشاري لوزارة التربية اليابانية، وافق على تقرير يدعو إلى إدخال التربية الأخلاقية في المنهج الرسمي للدراسة المدرسية، لافتة إلى أنّ وزارة التربية ستعمل على التحضيرات اللازمة كي تصبح هذه المادة مشابهة من حيث أهميتها لمواد اللغة اليابانية والرياضيّات والدراسات الإجتماعية والعلوم في المدارس الإبتدائية. ومن المتوقّع أن يبدأ تدريس هذه المادة مع بداية السنة المالية 2018-2019.

الخطة الموضوعة لهذه المادة، تشير إلى أنّ الأساتذة لن يعطوا علامات رسمية للأولاد لكن سيكتبون ملاحظات لوصف ما حققه كل تلميذ في مختلف الصفوف وإلى أي مدى تطوّر كلّ واحد منهم

ولا تستبعد الصحيفة حدوث إشكاليات عدّة إزاء معاملة التعليم الأخلاقي على أنه مادة رسمية في المنهج، وذلك لأنّه يتعامل مع مواد ترتبط بشكل وثيق بطرق تفكير الأولاد ومواقفهم.

ترفيع المادّة إلى المستوى الرسمي
ولفتت الصحيفة إلى أنّ مادة التربية الأخلاقية دُرّست في المدارس لكن كمادة غير رسمية، وأن لا وجود لكتب رسمية للمادة، كما أنّ الأساتذة لا يضعون العلامات للتلامذة، وفي العادة، تعطى حصة واحدة منها أسبوعياً. لذلك، يأتي ترفيع المادة من مستوى غير رسمي إلى آخر رسمي متطلباً لاستخدام كتب رسمية واختبارات خطية تدخل في سجلّ العلامات.

إيجابيات جمّة لهذه المادة
وتكتب الصحيفة أن تقرير المجلس يشير إلى أن التربية الأخلاقية تؤدي دوراً مهماً في مساعدة التلامذة على تحقيق حياة أفضل لهم، بالإضافة إلى تأمين تنمية مستدامة للمجتمع والدولة. ولذلك السبب، يجب أن تشكل المادة جوهر التعليم المدرسي، بعد أن شكّل تعليمها بطريقة غير رسمية، "فجوات ضخمة" بين المدارس والأساتذة في مجال طريقة تعليمها. وتضيف أن أهمية هذه المادّة تكمن في معالجة مشكلة التنمّر في المدارس.

التبعية العمياء تعاكس التربية الأخلاقية
وتضمّن التقرير دعوة إلى تربية التلاميذ على تنمية القدرة لمواجهة القيم "المختلفة وأحياناً المتقابلة" من أجل "التفكير بطريقة مستقلة وللانخراط في الحوار والتعاون مع الآخرين من أجل تحسين حياة الأفراد والمجتمع". ونصّ التقرير، بحسب الصحيفة على أن "فرض قيم معيّنة على التلاميذ أو تعليمهم على التبعية العمياء لما قاله الآخرون لهم من دون التفكير بشكل مستقل، يعاكس الهدف من التربية الأخلاقية".

مشكلات متناقضة
وتسلّط الصحيفة الضوء على مشكلات قد تواجه وزارة التربية في العمل على إبراز المعايير التي ستستند إليها المادّة. فإذا كتبت معايير مفصّلة، سيكون مرجّحاً أن تصبح بعض وجهات النظر للحكّام منعكسة فيها. أمّا إذا اعتمدت معايير فضفاضة لتجنّب فرض قيم محدّدة على التلاميذ، فيمكن أن تظهر كتب تتضمن وجهات نظر متطرّفة.

أسس التقويم
وقال المجلس إن الخطة الموضوعة لهذه المادة، تشير إلى أنّ الأساتذة لن يعطوا علامات رسمية للأولاد لكن سيكتبون ملاحظات لوصف ما حققه كل تلميذ في مختلف الصفوف وإلى أي مدى تطوّر كلّ واحد منهم. وتشدّد الصحيفة على أن الهدف الرئيسي من المادة هو زرع القدرة في نفوس التلاميذ على اتّخاذ السلوك الصحيح في أي وضع معطى، والكيفية التي يجب أن يفكروا بها، وماهية القيم التي يجب أن يعتنقوها.

هل يمكن للتلاميذ أن يراوغوا؟
وتساءلت الصحيفة عن إمكانية تقييم الطلاب بطريقة منصفة في هذا النوع من المواد. إذ ترى أن قسماً من الطلاب قد يحاول أن يقدّم أفضل سلوك أمام أساتذته ويعطي الآراء التي تعجبهم، كما قد يحاول البعض أن يتطابق مع قواعد تلك الكتب من أجل الحصول على تقييم أفضل. وتنقل الصحيفة عن بعض ما جاء في التقرير لناحية اقتراح تعليم الأولاد على الأخلاق في تناقل المعلومات وفي أبحاث الطب وعلوم الأحياء، فهذه مسائل سيواجهونها في المجتمع المعاصر بحسب التقرير.

"طرق مختلفة لحبّ الوطن"
وترى جابان تايمس أن الخطوة الأخيرة لا يمكنها أن تنفصل عن تعديل القانون الأساسي للتربية الذي صدر سنة 2006 حين كان شينزو آبي رئيساً للوزراء في اليابان. فالقانون المعدل دعا إلى تربية الأطفال على احترام العادات والثقافة وحب الوطن ولغتهم الأم. وتضيف الصحيفة أنّ هنالك فرصة كبيرة في الخطة الجديدة لاتباع "نوع الوطنية التي تحبّذها الحكومة كي يُغرس في (أذهان) الأطفال". لكنّ الصحيفة تحذّر من هذا الأمر وتكتب عن "وجوب تجنّبه" مضيفة: "عوضاً عن ذلك، يجب أن يُعلّم الأولاد أنّ هناك طرقاً مختلفة للناس كي يحبّوا وطنهم".

الخطأ الذي يجب عدم تكراره
وتستذكر الصحيفة كيف ساهمت التربية الأخلاقية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عسكرة إيديولوجيا الطلاب على أساس عبادة الأمبراطور. من هنا، شدّدت على وجوب عدم تكرار الخطأ في سعي الدولة إلى تذويب المواطنين ضمن إيديولوجيا واحدة متجانسة. وعوضاً عن ذلك، يجب على اليابان، بحسب الصحيفة نفسها، أن تتّبع تربية تساعد على تنمية حسّ الإستقلالية داخل الأولاد وأن ينظروا بعين النقد إلى الأحداث والأفعال، بالإضافة إلى التعاون مع الآخرين لتطوير رفاهية المجتمع.