الثلاثاء 23 أغسطس 2016 / 14:38

أردوغان يفكر في تجديد صداقته مع.. الأسد

قال الكاتب الشهير روبرت فيسك، في مقال للرأي بصحيفة الإندبندنت البريطانية، إن قائمة أعداء تركيا باتت في تزايد؛ بسبب استعداد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا، مؤكداً على أن أردوغان أو "السلطان"، كما أطلق عليه، يفكر في تجديد صداقته القديمة مع الرئيس السوري بشار الأسد.

قائمة الأعداء تخلو من المؤسسة الوحيدة التي دأب أردوغان على محاولة تدميرها على مدى السنوات الأربع الماضية

ويرى فيسك أن ردود فعل الحكومة التركية إزاء "مجزرة" التفجير الانتحاري، الذي راح ضحيته 50 شخصاً على الأقل من ضيوف زفاف كردي بالمدينة الحدودية غازي عنتاب يوم السبت الماضي، يكشف الكثير عن "تركيا ما بعد الانقلاب الفاشل"؛ إذ من السهل تحديد قائمة الخصوم الخارجيين ذوي الأولوية للرئيس التركي أردوغان الذي يرجح أن داعش وراء هذا التفجير؛ لاسيما أن هدفه يتناسب مع سجل التنظيم الإرهابي الشنيع.

أعداء تركيا
وينوه فيسك إلى أن محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء التركي، عمد إلى توسيع نطاق أعداء تركيا، واصفاً حادث القتل الجماعي بأنه "همجي" وأن منفذيه هم من "الجماعات الإرهابية" التي تستهدف تركيا، وهي حزب العمال الكردستاني، وداعش، وأتباع فتح الله غولن الذي يدعي أردوغان أنه كان وراء محاولة الانقلاب العسكري الفاشل التي شهدتها تركيا في منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي.

يقول فيسك: "يا لها من قائمة اغتيالات يتم التحريض ضدها بفعل وحشية المجزرة التي وقعت في حفل زفاف، وكل هؤلاء (الإرهابيين)، كما يفترض أردوغان، يجب أن يتم سحقهم من قبل قوات الجيش والشرطة التي تم تمزيقها إلى أشلاء في حملات التطهير التي أعقبت الانقلاب الفاشل".

بشار ليس من الأعداء
ويصف فيسك تلك القائمة بأنها "غريبة" وتضم العديد من التناقضات؛ إذ تضع حزب العمال الكردستاني في مكانة متساوية مع تنظيم داعش الإرهابي، بغض النظر عن أن ضحايا التفجير الانتحاري هم من الأكراد. ويلفت فيسك إلى أن الأتراك ينظرون إلى الميليشيات الشجاعة لوحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا باعتبارها جزءاً من حزب العمال الكردستاني "الإرهابي"، وذلك على الرغم من أن تلك الميليشيات ذاتها تحصل على مساعدة القوات الجوية الأمريكية في معركتها ضد داعش.

أما أكثر الأمور التي تثير الاهتمام والفضول، بحسب فيسك، فتتمثل في أن قائمة الأعداء تخلو من المؤسسة الوحيدة التي دأب أردوغان على محاولة تدميرها على مدى السنوات الأربع الماضية، وهي حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

يقول فيسك: "لا يعتقد سوى القليل من الأتراك أن لا علاقة مباشرة للنظام السوري بتفجير حفل الزفاف في غازي عنتاب، ولكن عقب رحلته القصيرة لرؤية القيصر الروسي بوتين في سان بطرسبرغ، يبدو أن السلطان أردوغان أدرك فعلاً أنه يتعين على تركيا تخفيض عدد أعدائها".

محادثات سرية بين أنقرة ودمشق
ويلفت فيسك إلى تحذيرات رموز المعارضة السورية في تركيا، بحسب تقارير، من محادثات سرية بين دمشق وأنقرة، وذلك من خلال أشخاص موثوق بهم من الطرفين، وهو ما ألمحت إليه تصريحات رئيس الوزراء التركي (قبيل محاولة الانقلاب الفاشلة وقبل اجتماع سان بطرسبرغ) والتي كان مفادها أن العلاقات مع سوريا سيتم استعادتها في يوم من الأيام.

ويشير فيسك إلى أنه من الواضح أن تقرب أردوغان الجديد من قيصر روسيا لم يكن من دون ثمن، مؤكداً أن القمة المشتركة للرئيسين ناقشت بلا ريب دعم روسيا لبشار الأسد ودور تركيا في محاولة دحر الحكومة التي تدعمها موسكو بقواتها المسلحة.

تركيا أشبه بباكستان
ويخلص فيسك إلى أن السلطان أردوغان يفكر بالفعل في تجديد صداقته القديمة مع بشار الأسد، ويضيف قائلاً: "بغض النظر عمن يحاول اتهامهم بتفجير غازي عنتاب، يجب أن يدرك أردوغان أن هذه الأعمال الوحشية، التي باتت معتادة الآن، هي النتيجة المباشرة لقراره الشخصي بتوريط نفسه في الحرب السورية".

ويرى فيسك أن أردوغان عمد إلى "مغازلة" داعش (من خلال السماح لمؤيديه عبور الحدود التركية من أجل الانضمام للتنظيم الإرهابي، وكذلك سمح لرجال الأعمال الأتراك بشراء النفط الذي استولى عليه الداعشيون)، كما جدد الحرب مع الأكراد، ونجح في النجاة من انقلاب عسكري خطط له حليفه السابق غولن، ومن ثم فإن تركيا التي يحكمها أردوغان اليوم باتت تشبه باكستان التي اتخذت دور المورد الرئيسي للمجاهدين الأفغان في مطلع الثمانينات.

ويقول فيسك في ختام مقاله: "بعد انتهاء الحرب، لن تعود سوريا أبداً إلى ما كانت عليه من قبل، ولكن تركيا أيضاً بعد انتهاء الصراعات، لن تكون أبداً كما كانت، وإنه لمن المثير أن نرى من سيكون رئيس تركيا عندما يأتي هذا اليوم".