مناصرون للرئيس التركي يحملون صورة له في إحدى التجمعات (أرشيف)
مناصرون للرئيس التركي يحملون صورة له في إحدى التجمعات (أرشيف)
الجمعة 26 أغسطس 2016 / 15:03

أردوغان يضرب العلمانيين ويدعم المتشددين

24 - إعداد: ميسون جحا

من خلال مطاردته وتسريحه لعشرات الأساتذة الجامعيين في تركيا، يعمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتفريغ المؤسسات العلمية في بلاده من العلمانيين، ويتعمد استبدالهم بمحافظين.

وفي لقائهما مع عدد من مدرسي الجامعات الهاربين من الاعتقال والملاحقة بسبب اتهامهم بالتعاون مع رجل الدين، فتح الله غولن، المطلوب لتركيا لاتهامه بتدبير الانقلاب الفاشل ليلة ١٥يوليو (تموز) الأخير، وضح جون باركينسون، مدير مكتب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في اسطنبول، وزميله الصحفي التركي عمر بكر، عدداً من النقاط بشأن هذه القضية.

هروب سريع
يصف المراسلان كيف أسرعت نيل موتلر، أستاذة جامعية في اسطنبول، للامساك بابنتها الصغيرة، وحمل حقيبة سفر صغيرة، والتوجه نحو أقرب سفينة، نقلتها إلى اليونان.

تمكنت موتلر، أستاذة في قسم علم الاجتماع في جامعة نيسانتاسي في اسطنبول، من الهروب قبل قليل من شن عملية مطاردة قوية ضد أمثالها من العلمانيين الأتراك.

وقالت  "كانت السلطات قد بدأت لتوها في التحقيق مع زملائي ممن تواجدوا في مطارات تركية".


فرصة ذهبية
وفي مساء ذات اليوم، احتفل أساتذة جامعات في مدينة قونية، عرفت قديماً باسم قلعة الإسلام، بفشل الانقلاب كفرصة لإعادة تشكيل الهيئة العلمية التركية. وقال سيدات غومس، محاضر في جامعة نجم الدين أربكان، في قونية، والمسماة باسم المرشد السياسي للرئيس رجب طيب أردوغان "إن النخب العلمية ينظرون إلى العالم بعدسات غربية، وهم لا يفكرون حقيقة بما يريده ويحتاج إليه الشعب التركي. وربما يمثل الوضع الحالي فرصة ذهبية لتركيا لكي تصيغ دستوراً جديداً يقضي أيضاً بأصلاح نظام التعليم الجامعي".


ملاحقة شاملة
ويلفت باركينسون وبكر إلى أن عملية الملاحقة المستمرة منذ فشل الانقلاب الأخير في تركيا، كانت سريعة وشاملة، واكتسحت الجيش والقضاء والجامعات التركية. وقد أعلنت الحكومة حالة الطوارئ، وقالت إنها احتجزت أكثر من ٤٠ ألف شخص. وتمضي الحكومة التركية أيضاً في مطاردة كل المشتبه بانتمائهم لحركة فتح الله غولن، رغم تبرؤ الرجل من تدبيره للمحاولة الانقلابية.


بين ليلة وضحاها
ويقول المراسلان إن المدرسين الأتراك أصبحوا، بين ليلة وضحاها، من المشبوهين. وسرحت وزارة التعليم أكثر من 27 ألف من العاملين في المدارس، وأجبر مجلس التعليم العالي جميع عمداء الجامعات، وعددهم 1577، على الاستقالة، مع الإعلان عن أن من ليس لهم علاقة بمدبري الانقلاب، سوف يعودون إلى وظائفهم. كما طلبت هيئة التفتيش على الجامعات من مسؤولي كل جامعة تقديم قائمة بأسماء المشتبه بصلاتهم بغولن، وعلقت أعمال 4225 أستاذاً جامعياً. كما أغلقت 15 جامعة مرتبطة بغولن، وكأنها مسارح لجرائم.

حملة سابقة
ولكن، كما يقول باركينسون وبكر، بدأت حملة التخلص من بعض الأكاديميين، والذين تعتبرهم حكومة الرئيس أردوغان خطراً عليها، قبل المحاولة الانقلابية، حيث أعدت قوائم بأسماء من سيتم تسريحهم.

وتعكس التشنجات داخل المؤسسات الأكاديمية التركية آخر، وربما أشد المراحل تحولاً في الانقسام الجاري، والقديم العهد، بين النخبة المدنية والمحافظين الإسلاميين في الداخل التركي، ما يسرع بنقل تركيا من حليف قوي للغرب إلى قوة إقليمية طموحة.


دمج
ويبدو، برأي المراسلين، أن حملة التطهير الجارية في الجامعات والمعاهد العلمية، مكنت حلفاء أردوغان من تحقيق هدفهم في سحب ميزان القوة بعيداً عن الأبراج العاجية المتشبعة بالفكر الغربي في اسطنبول وأنقره، لصالح ما يسميه مناصرو الحزب الحاكم "أكاديميو تركيا الجديدة"، والذين يدعون لإجراء عملية دمج بين النهج الإسلامي والقومية المتأصلة بالماضي العثماني.

شكوك
واشتبهت الحكومة التركية ببرنامج فولبرايت لتعليم اللغة الإنجليزية، التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، وألغت بعد فشل الانقلاب، مِنَح جان مونيه التعليمية المقدمة من الاتحاد الأوروبي.

وفي هذا السياق، قال مدير مبادرة إصلاح التعليم في جامعة سابانجي في اسطنبول باتوهان آيداغول، بأن هذه التحولات قد تقضي على جهد مؤسساتي ربط تركيا بحلفائها الغربيين، وتؤثر على مكانة تركيا كقوة اقتصادية عالمية ناشئة.


نفي
ولكن، كما ينقل باركينسون وعمر عن مسؤول رفيع في الحكومة التركية قوله، بأنه لا صحة للمخاوف بأن رؤية أردوغان تتضارب مع المصالح التركية، وقال "لدى تركيا مدارس وجامعات متميزة. ومن المؤكد أننا نرغب بأن يكون لدينا أفضل المناهج التعليمية".

ورفض مجلس التعليم الأعلى التركي التعليق على حملة القمع الجارية ضد مدرسي المعاهد والجامعات. وقال قادة الحزب الحاكم بأن تلك العملية تلاقي تأييداً واسعاً من المجتمع التركي.