الإثنين 29 أغسطس 2016 / 14:45

وقف استخدام قاعدة همدان الإيرانية.. ماذا قال السعوديون للروس؟

ساهم تصاعد معارضة قوميين إيرانيين، فضلاً عن وجود ريبة تاريخية بين إيران وروسيا، في وقف استخدام الروس لقاعدة جوية في غرب إيران.

موسكو شعرت بإحباط عندما أعلن برلمانيون إيرانيون عن معارضتهم للتواجد العسكري الروسي في تلك القاعدة الجوية

وترى نشرة الشرق الأوسط للتحليلات السياسية، أن قرار إنهاء المهمة عكس أيضاً تفهم موسكو للموقف العربي، بحيث سيؤدي اصطفاف روسي كامل مع إيران في ما يتعلق بالأزمة السورية، للقضاء على آمالها بأن تلعب دوراً بناءً في تسوية تلك الأزمة، فضلاً عن معاداتها العرب، على جميع المستويات.

خيبة
وتشير النشرة إلى ما يعتقد، في بعض العواصم العربية، من أن موسكو شعرت بإحباط عندما أعلن برلمانيون إيرانيون عن معارضتهم للتواجد العسكري الروسي في تلك القاعدة الجوية.

احتجاج عربي وغربي
وقد لاقى استخدام روسيا لقاعدة شهيد نوجه في غرب إيران انتقادات عربية وغربية، وحتى من داخل إيران. فقد انتقد وزير الدفاع الإيراني روسيا، قبيل ساعات من تعليق موسكو لغاراتها من تلك القاعدة، قائلاً إن "إعلان موسكو عن استخدامها للقاعدة لضرب داعش يعد نوعاً من الاستعراض غير النبيل".

رسالة عربية
وتقول النشرة إن الرسالة العربية لروسيا جاءت أيضاً عبر محادثات أجراها في الرياض نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، قبل ساعات من قرار موسكو تعليق عملياتها الجوية من شهيد نوجه.

وقد لمس بوغدانوف الغضب السعودي من الخطوة الروسية، عندما قام في ٢١ أغسطس( آب) بزيارة سريعة إلى المملكة السعودية حيث التقى بالملك سلمان وابنه، الأمير محمد بن سلمان. وقد أكدت المملكة العربية السعودية على أن انطلاق طائرات روسية من إيران لقصف سوريا، سينهي أية آمال بدور مستقبلي لموسكو في حل الأزمة السورية، أو للتنسيق مع اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط في جميع المجالات، بما فيها الطاقة.

دعوة إيرانية
وتلفت نشرة الشرق الأوسط إلى أن موسكو وجدت حجتها في الانسحاب من تلك القاعدة، بعد صدور احتجاجات في طهران على تواجدها هناك، وذلك بالرغم من أن استخدامها جاء تلبية لدعوة إيرانية.

ويعكس السجال في طهران الخلاف بين المواقف المرنة نسبياً لوزارة الخارجية الإيرانية، ومعسكر المتشددين الذين تستند مواقفهم إلى مزيج من التشدد الديني والتطرف القومي.

وفي استجابة للانتقادات الشعبية لوزير الدفاع الإيراني وحكومته للسماح لروسيا باستخدام القاعدة، قال باهرام قاسمي، المتحدث باسم وزير الخارجية، إن الغارات" تمت عبر تفاهم متبادل وبترخيص إيراني".

قرار مفاجئ
ورغم ذلك، ترى النشرة أن قرار موسكو المفاجئ لن يكون له أثر بعيد المدى على التحالف والتعاون الناشئين بين موسكو وطهران. إنه مجرد رسالة من موسكو إلى طهران للتأكيد على حدود صبرها إزاء معارضة فصائل إيرانية، متناحرة فيما بينها، لتواجدها هناك. وتعكس العلاقات بين البلدين أشبه ما يكون بزواج مصلحة جيو استراتيجي.

استفادة اقتصادية

ويقول بعض المحللين إن التحالف بين روسيا وإيران قام لتحقيق فائدة اقتصادية وتجارية بين البلدين، خاصة بعد رفع العقوبات الغربية عن طهران، وارتفاع مستوى التبادل التجاري مع موسكو بنسبة ٧٠٪ في الآونة الأخيرة، فضلاً عن إمكانية تزعم موسكو لمجموعة من المنتجين الأعضاء في أوبك، ومنهم إيران.

ولكن، من جانب آخر، يقول محللون اقتصاديون أنه كان بمقدور موسكو أن تحصد مكاسب أكبر إن هي تخلت عن إيران وسوريا، بعدما قدمت لها دول خليجية عروضاً أفضل في مجالي التجارة والطاقة.

تساؤلات

وعند هذه النقطة، تدور تساؤلات حول ما يدعو بوتين لبناء جسور مع طهران، وبذل أقصى ما عنده لدعم بشار الأسد، ولو على حساب علاقاته مع العرب.

وتجيب النشرة بأنه يجب أن لا ننسى كيف شاهد العالم، قبل أيام قليلة، بوتين وهو يصافح أردوغان في الكرملين. وقد أعقب تلك الزيارة تطور مهم تمثل بزيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أنقرة. من ثم وردتنا أنباء عن انطلاق قاذفات روسية من قاعدة عسكرية في إيران لقصف قوات معارضة سورية، من بينها مجموعات دربتها وسلحتها أمريكا. وبعد ذلك صدرت تصريحات تشير لاحتمال اتباع نهج جديد في التعامل مع الحرب السورية.

بين الإقناع والسلاح
وتقول نشرة الشرق الأوسط إنه من السهل فهم العلاقات المفاهيمية بين قوة السلاح والقوة الناعمة (الاقناع). إنها تقوم على إظهار التصميم دون تعريض القدرات الحقيقية لاختبار خطر. ويلعب بوتين بهذا الكرت ببراعة وبأقل التكلفة، من أجل تصوير نفسه كزعيم لقوة تستطيع تحقيق أشياء كثيرة. وعلى هذا الأساس، يجعل بوتين من الكرملين قوة يحسب لها خصومه ألف حساب، ولا يواجهونه. ومن يقفون على الحياد، سيفكرون بالتوجه إلى موسكو. وأما الأصدقاء، سيتذكرون دوماً بما يستطيع الكرملين تقديمه لهم، شرط أن يسارعوا إليه لتقديم فروض الطاعة والتضحيات.

خلافات جوهرية
لا شك، بحسب النشرة، أن الخلافات بين روسيا وإيران جوهرية، كما هي بين تركيا وروسيا. ولن تسمح تلك الخلافات بإنشاء تحالفات تكتيكية بين موسكو وطهران وأنقرة في الشرق الأوسط. وعوضاً عنه سيقوم نوع من التنسيق والبحث عن أرضية مشتركة لتسوية أزمات إقليمية. وهذا ما يتم صياغته حالياً.