الخميس 15 سبتمبر 2016 / 17:05

محمد بن زايد في الفاتيكان: كي لا يصادر المتشددون الإسلام

جزء من جهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال السنوات الأخيرة أوصل إلى هذه الزيارة المهمة التي نراها اليوم، للفاتيكان. فمساهمات سموه في مجال نشر قيم التسامح والحوار ليست عادية، وهو يواجه منذ سنوات التيارات السياسية والفكرية التي كونت رأس مالها على خطف الإسلام وخلطه ببرميل متفجر اسمه السياسة. وهذه المواجهة ليست فقط أمراً صعباً، بل هي تهدد شعبية أي زعيم يعمل في الحقل السياسي في العالم العربي.

الإسلام على المحك، والإسلام في منعطف مهم. الكثيرون حول العالم يعتقدون أنه بحاجة إلى فترة "إصلاح ديني" كالتي مرت بها المسيحية في القرنين السادس عشر والسابع عشر، والبعض مقتنع بأن ما يفعله داعش والقاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية هو بمثابة المسمار الأخير في نعش الأمل لوصول المسلمين لتفاهم وتعايش سلمي مع بقية العالم. وخلال كل هذه الأزمات التي لا تتوقف عن ضرب سمعة الإسلام، يظل مئات الملايين من المسلمين تحت سطوة حكومات مثل النظام الإيراني الذي لا يزال مصراً على تصدير مشروعه القائم على جعل الإسلام ذريعة لكل ظلم وتضييق وفحش تمارسه الحكومة الخمينية على شعبها وجيرانها. وقائمة النتائج طويلة من أول استعار نار الصراع الطائفي بين المسلمين سنة وشيعة، الى انتشار الإلحاد وترك وهجر الإسلام في إيران نفسها.

أما بالنسبة إلى غالبية المسلمين حول العالم، فإنهم في أحسن الأحوال ضائعون. مرجعيتهم غير واضحة، وبعيداً عن تحديد عنوان المرجعية: هل رسالة أي من هذه المرجعيات متصالحة مع العقل والعصر وتصلح لتمثيل أهل السنة؟

يقف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إزاء كل هذه التشوهات والصراعات موقفاً واضحاً ومختلفاً. فهو ضد استغلال الدين في ألاعيب السياسة وهذا ما دفع أحد زعماء الإخوان المسلمين في الخليج إلى التساؤل بحنق وغضب لا يخلوان طبعاً من كذب وتدليس يعبران خير تعبير عن خبث جماعته: "لماذا يقف محمد بن زايد دائما ضد الإسلام السني؟". كما أن كل منخرط في الشأن العام يدرك أن التشدد لا يمثّل فقط خطراً وجودياً على السلام والأمن العالمي، بل هو حتى في أقل حالاته دموية، عقبة أمام التنمية البشرية والاقتصادية.

وأقول للمسلمين الذي يحلمون ليل نهار بأن يدخل الإسلام في اصلاح ديني كالذي دخلت فيه المسيحية قبل مئات السنين: الإسلام ليس كالمسيحية في تاريخه وعقيدته، وقد لا يحتاج إلى المرور بما مرت تلك الديانة، وربما ما يحتاج إليه الإسلام هو أبسط بكثير مما نظن.

ليس من السهل أن نكون في موقع "بوخالد"، فمواقفه رغم أنها رائدة ومتنورة، إلا أنها بطبيعة الحال لا تلقى هوى المتشددين. لماذا؟ لأن قلوبهم وعقولهم قد امتصت الدعايات والأفكار السامة (سواء كانت إخوانية أو غيرها) التي تم بثها خلال العقود الماضية. ولذا فإن زيارة محمد بن زايد للفاتيكان في هذا التوقيت المتشنج لم تأت إلا من قائد ثابت وشجاع في مواقفه وعقيدته.