الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 / 14:20

كلينتون أنجزت المهمة لكن النقاش كان دون المستوى

بعد المناظرة التلفزيونية الأولى التي جمعت المرشحين دونالد ترامب الجمهوري وهيلاري كلينتون الديموقراطية والتي استضافتها جامعة هوفسترا في نيويورك، أبدى عدد من المحللين السياسيين رأيهم بنتائج المناظرة التي أدار النقاش فيها الإعلامي ليستر هولت.

أتت كلينتون إلى المناظرة كالتلميذ الذكي في الصف ولكن المشكلة هي أنّ التلميذ الأذكى في الصف لا يفوز بالكثير من المنافسات الشعبية

ورأت جيل أبرامسون أنّ النقاش لم يكن بالمستوى المأمول عموماً، إلا أنّ أي شخص بإمكانه القول إن "الليلة كانت لهيلاري كلينتون". ويعود هذا الأمر بشكل أساسي إلى كون ترامب الذي "قاطع مدير النقاش بوقاحة" قد "أظهر نفسه غير ملائم للمنصب". فهو، "مدفوعاً كالعادة بالغرور"، قام بتحويل النقاش ليدور حول شخصه بطريقة "غير حكيمة".

وكتبت أنّ ادعاء ترامب بشأن تمتعه بمزاج رئاسي أفضل هو "عبثي"، وكان أكثر من ذلك، إدّعاؤه بأنه لم يؤيّد مطلقاً الحرب على العراق. كما "لم يكن لديه ردود موضوعية على طريقة معاملته للنساء أو التشبّث بمؤامرة التشكيك بولادة أوباما على الأراضي الأمريكية التي أهانت أوباما وذكاء الناخبين الأمريكيين".

ومع أنّ كلينتون بدت "مسرورة جداً بنفسها" مع "فشلها" بتقديم رؤية عن كيفية تغييرها للبلاد، إلا أنّها "كالعادة، أظهرت الإمرة في السياسة" وقدّمت الكثير من "التفاصيل الحسية". لكن "إن كانت نيتها ترك ترامب يخنق نفسه، فالمهمّة أنجزت".

أمريكا تطلب ذكراً غاضباً.. وساكن كهف ايضاً؟
وبدوره، تساءل ستيفن ثراشر عمّا إذا كانت شخصية ترامب "المتنمّرة" تستطيع مخاطبة رغبات وخيال الناخب الأمريكي. فترامب قاطع كلينتون وتجاهل الإعلامي ليستر هولت. لكن الناخبين بحسب رأيه كانوا لينعتوا كلينتون بـ "امرأة السوء" لو قاطعت ترامب كما قاطعها هو. وعوضاً عن ذلك، حافظت على استقامة رأسها وابتسمت، وتحدّثت "بفخر" عن أنها "مستعدة كي تكون رئيسة". وأضاف ثراسر: "أعتقد أنّ هذا الأمر جيد".

"أمريكا، على الرغم من ذلك، قد تطلب ذكراً أبيض غاضباً متنمّراً، أكثر ممّا تطيق اِمرأة واثقة".

التلميذ الأذكى لا يفوز دوماً

وأشار كريستوفر بارون إلى حدوث عكس ما توقّعه البعض عندما تكلم عن إظهار كلينتون للجانب "الألطف" منها. كما ذكر أنّها لم تلتفت تقريباً إلى خطتها كي تبرهن كيف ستكون سياساتها مختلفة عن سياسات أوباما. ودعا بارون القرّاء إلى نسيان كل الأحاديث عن ترك ترامب يكون ترامب، لأنّ هذا النقاش أوضح أنّ مستشاريها قرّروا ترك "هيلاري تكون هيلاري". لكنّ بارون اعترف أيضاً باليد العليا لكلينتون في السياسة بعد عقود من الحكم والعمل السياسي.

وفي النهاية، وصف المحلّل أداءها بأنّه "خصومي ومحاكماتي وفي بعض الأحيان مدّع للنزاهة". ورأى أنّها أتت إلى المناظرة "كالتلميذ الذكي في الصف". وأضاف: "المشكلة هي أنّ التلميذ الأذكى في الصف لا يفوز بالكثير من المنافسات الشعبية".

هذه المناظرات تُحسم بالأداء لا بالوقائع
الصحافي جايمي وينستين ذكر أنّ كلينتون قدّمت ترامب على أنّه "رجل أعمال جشع" تصرّف بقساوة مع المقاولين، كما انتقدته في مسألة عدم التصريح عن عوائد الضرائب، "مقترحةً أنّه كان يخفي شيئاً عن الجمهور". ولفت النظر إلى أنّ كلينتون أمضت الوقت تشرح لماذا تعتقد أنّ ترامب عنصري، مستشهدةً بقيادته لمؤامرة التشكيك بالولادة الأمريكية لأوباما وتعاطي منظمته التمييزي ضدّ الأمريكيين الأفارقة. "صوّرت دونالد ترامب على أنّه ميزوجيني (كاره للنساء) وقد هاجمهنّ بأكثر الطرق السطحية والوحشية".

وفشل ترامب في ردّ هجمات كلينتون بنفس "النظافة" التي وجّهت الأخيرة انتقاداتها ضدّه. وبحسب وينستين، فشل في وصف كلينتون بالشخص غير الصادق و"السياسية الفاسدة التي تناسب السجن أكثر من البيت الأبيض" كما يفعل غالباً على تويتر. وأشاد بأدائها "الانسيابي" طوال الدقائق التسعين والذي يضع جانباً، قلق البعض على صحّتها.

لكن على العكس من القلق على صحة كلينتون، لم يبدُ للكاتب أنّ القلق من مزاجية ترامب، قد تبدّد في هذه المناظرة. فقد دافع المرشح الجمهوري عن نفسه في وجه منافسته بطريقة "غاضبة وغير متناسقة". وشدّد وينستين على أنّ المناظرات تُحسم بالأداء أكثر من الوقائع أو السياسات. "بهذا المعيار، كلينتون فازت بالليلة".

وصف النساء بالخنازير والساذجات

ركّزت الصحافية لوشيا غرايفس على تعليق كلينتون الذي قالت من خلاله "الكلمات مهمة" في إشارة إلى التعصّب الجندري والخوف من الغرباء اللذين أوقع ترامب نفسه في شراكهما. ولم تنجح كلينتون بالتصويب إلى هذين العيبين في ترامب وحسب، بل اِستطاعت أيضاً إقامة "البرهان" عليهما. فحين سئل ترامب عمّا قصده بواحد أو أكثر من الأمور الجندرية التي قالها عن منافسته أجاب: "لا تبدو رئاسية".

غرايفس كتبت عن حساسية السؤال الذي ظهر كأنّه "فخ له من صنعه هو". ثمّ أضاف ترامب: "قلت إنّها لا تملك القدرة على التحمل"، قبل أن يوجّه الحديث إلى منحى آخر وهو التشكيك بطبيعة الخبرة التي تتمتع بها كلينتون. فعندها ردّت الأخيرة: "جرّب (ترامب) تحويل الأنظار عن التحمّل، لكن هذا رجل وصف النساء بالخنازير والكلاب والساذجات، ورجل قال إنّ الحمل هو غير مناسب لأصحاب العمل".

ورأت غرايفس أنّ كلينتون إستخدمت بـ"نجاح" سلاح الكلمات لدى ترامب ضدّه. ولم ترَ أيّ عيب في كون كلينتون قد هيّأت نفسها للمناظرة، كما لفتت النظر إلى أنّ المرشحة الديموقراطية قرّبت نفسها خطوة إضافية باتجاه البيت الأبيض.