الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 / 20:23

محللون: روسيا تتبنى خيار "الحرب الشاملة" في سوريا

تبذل روسيا أقصى طاقتها لمساعدة النظام السوري على استعادة سيطرته على مدينة حلب، ما يؤشر إلى أنها اختارت الحل العسكري، بهدف ممارسة ضغط على الولايات المتحدة والمعارضة السورية، بعد تعثر المفاوضات حول الهدنة مع واشنطن، وفق محللين.

ويقول الباحث المتخصص في الشؤون السورية في جامعة أدنبره، توماس بييريه: "كانت المفاوضات مع الأمريكيين بمثابة غطاء لكسب الوقت وتحضير المرحلة التالية من العمليات العسكرية. بالنسبة إلى الفريق الموالي (النظام وحلفاؤه)، تكمن الدبلوماسية بمواصلة الحرب إنما بوسائل أخرى".

ويضيف أن الأمر "يتعلق بمنح الرئيس السوري بشار الأسد نصراً حاسماً والقضاء على أي بديل من خلال حرمان المعارضة ما تعتبره عاصمتها".

ويتابع "طرد الفصائل من حلب يعيدها إلى صفوف الانتفاضة الهامشية".

وتمكن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، بعد جولات تفاوض عديدة من بدء العمل بهدنة في سوريا وضعت قيد التطبيق في 12 سبتمبر(أيلول)، لكنها استمرت أسبوعاً واحداً فقط.

وتضمن اتفاق الهدنة الذي تم برعاية روسية وأمريكية، إلى جانب وقف إطلاق النار، إيصال مساعدات إنسانية تحديداً إلى مدينة حلب في شمال سوريا، حيث يعاني السكان من ظروف معيشية صعبة، جراء حصار مطبق تفرضه قوات النظام.

كما نص على أن تقدم الفصائل المعارضة على فك ارتباطها عن جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً). وأدى عدم تطبيق هذين البندين الأخيرين إلى الإطاحة مجدداً بوقف إطلاق النار.

وتنفذ الطائرات الروسية الموجودة في سوريا غارات كثيفة منذ الخميس على الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب، بوتيرة غير مسبوقة منذ بدء تدخلها العسكري قبل عام.

ويرى الباحث المتخصص في الشؤون الروسية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن ايغور سوتياغين أن موسكو "تريد القضاء على جيب رئيسي لمقاومة الفصائل المعارضة".

بعد ذلك، لن يبقى من مناطق المعارضة إلا محافظة إدلب (شمال غرب) وبعض الجيوب الأخرى الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة، وبينها جبهة فتح الشام، بحسب قوله.

وإذا كانت موسكو شكلت منذ بداية النزاع منتصف مارس(آذار) 2011 الداعم الأبرز للرئيس السوري في مواجهة الفصائل المعارضة ودول الغرب وبلدان الخليج، في الميدان كما في الأمم المتحدة، فإن العلاقة الثنائية لم تكن وثيقة بقدر ما هي عليه اليوم. إذ أن موسكو وبعد كثير من التردد، تبنت خيار القوة في حلب، وهو ما كان النظام يريده منذ فترة طويلة.

ويقول مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية، بسام أبو عبد الله: "أصبحت روسيا أكثر اقتناعاً برأي الحكومة السورية"، موضحاً أنها "سابقاً كانت تركز على الحل السياسي ودخلت في حوار مع الخليج ومع الولايات المتحدة وبلدان أخرى، لكن تبين أن هذا الأمر غير ممكن".

ويرى أستاذ العلوم السياسية والباحث الروسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، الكسي مالاشينكو، أن "تحقيق انتصار في حلب يضع السلطات السورية في موقع قوة قبل "المفاوضات المقبلة" التي يأمل الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا باستئنافها".

ويقول الباحث المتخصص في الشؤون السورية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى فابريس بالانش أنه "من دون حلب" لا يمكن للأسد أن يكون رئيساً قوياً مضيفاً "حتى يتمكن من الحكم فعلياً يحتاج إلى حلب". وحينها بإمكانه القول إن "المدن الرئيسية في البلاد باتت تحت سيطرته، أي دمشق وحلب وحماة وحمص التي استعادت قواته السيطرة عليها في 2014".

ويقول المحلل الروسي المتخصص في السياسة الخارجية فيودور لوكيانوف: "يود الروس والسوريون السيطرة بالكامل على حلب وبعدها فقط التفاوض مع المعارضة"، معتبراً ان حلب "تلعب دوراً محورياً".

وبعيداً من معركة حلب، يبدو أن التعاون بين موسكو ودمشق يستجيب لمصالح على المدى الطويل. ويقول مالاشينكو في هذا الصدد "لا يمكن للأسد الحصول على شيء من دون موسكو، وتدرك روسيا بدورها أنها، من دون الأسد، ستُطرد من الشرق الأوسط"، مضيفاً "أنها صداقة قسرية".