الإثنين 17 أكتوبر 2016 / 18:30

النباتات في عالم المُعجزات

عندما فكّر باكستر -مجرد فكرة- في إحراق إحدى النباتات ظهرت خطوط فُجائية على الجهاز مما لم يدع مجالاً للشك أن النباتات قد تستطيع قراءة أفكارنا بل وتستجيب لهأ

ألف عالم النباتات الكبير "كليف باكستر" كتاباً مُلهماً سمّاه (حياة النبات الغامضة)، وقد لاقى هذا الكتاب رواجاً عظيماً في وقته وفتح صفحة جديدة في تاريخ العلم. فقد أثبت باكستر -عبر جهاز "بوليغراف"- أن النباتات تستجيب للإنفعالات كما يستجيب البشر، بل قد تمتلك حواساً أرقى من حواس الإنسان وعواطف أرقى من عواطفنا، فعندما فكّر باكستر -مجرد فكرة- في إحراق إحدى النباتات ظهرت خطوط فُجائية على الجهاز مما لم يدع مجالاً للشك أن النباتات قد تستطيع قراءة أفكارنا بل وتستجيب لها، وأثبتت تجارب أخرى أن النباتات قد تظهر طمأنينة لبعض الأشخاص وتظهر عدم الارتياح لأشخاص آخرين... فجّر ذلك فتحاً علمياً حيث فتح الباب لزيادة إنتاج الثمار عبر الحديث الإيجابي مع النباتات أو تشغيل الموسيقى، فهي تطرب كما يطرب بنو البشر.

التقط هذه الحقائق العظيمة الاستاذ عبدالرزاق نوفل في كتابه (صُنع الله)، وربط أبحاث "باكستر" عن النباتات بما نُقل من التراث من أن النخلة طأطأت رأسها وأحنت هامتها لتقبل يد رسول الله عليه السلام، وبعد وفاته تغير شكل عسفها وتقوست عروقها وتهدلت أوراقها وسمع الصحابة أنينها، فالنبات يحتفظ لنفسه بطاقة كهرومغناطيسية، لها مجالات تتفاعل مع من حولها، والنبات مثلنا يحس وينفعل ويحزن ويأسف ويفرح ويتخوف ويفكر ويغمى عليه، وفي ذلك رد على من أنكر معجزة الرسول عليه السلام.

لا تستغرب إن رأيت الفقرتين المذكورتين أعلاه في أحد برودكاستات "الوتس أب" بدون الكلام المذكور أدناه، فجميع عناصر الانتشار الشعبي متوافرة في هذا الكلام، فهناك معجزة دينية، وهناك اسم عالم أعجمي، وهناك اسم جهاز علمي، وهناك كلام عاطفي يُفتت القلوب المُتحجرة، وأخيراً، هناك كاتب مسلم يعمل على إثبات صحة المعجزة بأبحاث غير المسلمين من باب (من فمك أُدينك)، وكذلك يعمل على تسكين قلوب المؤمنين الذين قد يكون راودهم الشك في إيمانهم.

عند البحث في الكلام المذكور أعلاه، والذي نقله الدكتور عبدالمحسن صالح في كتابه (الإنسان الحائر بين العلم والخرافة)، فإننا نجد أن عالم النباتات الكبير "كليف باكستر" ليس إلا ضابط شرطة أمريكي انحصر عمله في تسجيل الانفعالات النفسية أثناء استجواب المتهمين بواسطة أجهزة كشف الكذب "بوليغراف" plolygraph، فليس هو عالم نباتات ولا هو يعرف في هذا العلم شيئاً، كل ما صنعه أنه سجل نتائج أبحاثه في النباتات على نفس منوال جهاز ال "بوليغراف" ... وبسبب جاذبية فكرته عند الناس قرر المجتمع العلمي أن يواجهه ويعيد تجاربه بنفس المعايير التي استخدمها، والتي أشرف عليها عالم نباتات حقيقي من جامعة "كورنيل"، ففشلت التجارب فشلاً ذريعاً وظهر زيف كل ما صنعه باكستر والذي ما زالت ارتدادات أبحاثه تصلنا بين الفينة والأخرى...فأبسط وسيلة تدحض هذه النتائج هو أن يُعَرِّض المهتمين بالزراعة محاصيلهم للموسيقى ليروا كيف سيؤثر ذلك على إنتاجها؟

ما قد يمنع الناس من فحص الحقائق من حولهم هو أنهم جُبلوا على حب الإيجابيات والتحيز لها في مقابل غض الطرف عن السلبيات وعدم الاكتراث بها، فهم يُفضلون سماع النتائج المُفعمة بالمحبة والطاقة الإيجابية، ويميلون إلى تصديق الأمور التي تُعزز قناعاتهم السابقة... على هذه الأوتار عزف كل من بحث عن أوهام يبيعها على الناس، إنهم يريدون نشر الإيمان باستخدام الخُزعبلات والأوهام، في حين أن هذا الإيمان لم ينتشر إلا من خلال استخدام العقل منذ مهد الرسالة الأولى.