الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وكتابه الأخضر (أرشيف)
الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وكتابه الأخضر (أرشيف)
الخميس 20 أكتوبر 2016 / 15:04

"الكتاب الأخضر" للقذافي.. من دستور غير معلن إلى مجلد محظور

اختفى أثر "الكتاب الأخضر" الذي حل لأكثر من ثلاثة عقود مكان الدستور، في ليبيا بعد 5 سنوات على مقتل مؤلفه الزعيم السابق معمر القذافي، وأصبحت حيازته تعرض صاحبها إلى خطر فعلي.

وفي مكتبته الواقعة في حي الأندلس الراقي في شمال العاصمة طرابلس، يجلس عبد السلام خلف مكتبه وإلى جانبه مجموعة من البطاقات البريدية التي كتب على بعضها عبارات مأخوذة من "الكتاب الأخضر".

وتقول إحدى هذه العبارات "الغاية النهائية للإنسان هي أن يعيش حراً سعيداً وهذا هو الهدف النهائي للكتاب الأخضر".

ويؤكد عبد السلام وهو يشير إلى البطاقات أنها كل ما تبقى من حقبة "الكتاب الأخضر"، ويقول لوكالة فرانس برس "أرفض حتى أن اسمع باسم هذا الكتاب، ليست لدينا أي نسخ منه وقطعنا علاقتنا به منذ زمن".

ويتابع صاحب المكتبة "لو وضعت نسخة منه في مكتبتي اليوم لبيعها لأحرقت المكتبة فوراً، لا أحد هنا يؤيد نظام القذافي، لكن حيازة هذا الكتاب المشؤوم، ولو حتى لمجرد اقتنائه، قد تؤدي إلى عواقب وخيمة".

أما أحمد الذي يعمل صحافياً في مؤسسة إعلامية محلية يقول "تخلصت منها كلها حديثاً من دون أن يدرك أحد آنني كنت امتلكها، لا اريد أن أعرض حياتي أو حياة أحد ابنائي للخطر".

وكان "الكتاب الأخضر" للقذافي قد صدر في سبتمبر (أيلول) 1976 طارحاً فيه ما قدمها على أنها "نظرية عالمية ثالثة" ترفض الماركسية والرأسمالية.

وسرعان ما أصبحت أفكار الكتاب المؤلف من ثلاثة أجزاء، سياسية واقتصادية واجتماعية، في كل شارع وفي كل بيت.

ويشير أحمد بسخرية إلى أن "معظمنا لم يقرأه ولم نفهم غالبية ما جاء فيه من افكار كانت تفرض علينا بشكل ممنهج، لكننا أجبرنا على حفظ مقاطع منه، وعلى تمجيده على اعتبار أنه عصارة أفكار معمر، ويا لها من أفكار!".

بداية، ادخل الزعيم السابق الذي قتل في انتفاضة شعبية في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، الكتاب إلى مناهج التعليم وأصبح لزاماً تدريسه من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية ضمن مادة "الفكر الجماهيري".

وفي الشارع، انتشرت افكار "الكتاب الأخضر" عبر لوحات إعلانية ومجسمات كونكريتية ضخمة، وفرض على أصحاب المحلات التجارية مهما كانت طبيعة تجارتها استخدام مقتطفات من الكتاب في اللافتات التي تحمل اسم المحل، وبينها "شركاء لا إجراء".

وقبيل نشرة الاخبار الرئيسية عند الساعة التاسعة من كل مساء، كانت تبث على شاشات التلفزيون الليبي ولعقود مقتطفات من "الكتاب الأخضر" لها علاقة بطبيعة الاخبار التي كانت على وشك أن تعلن.

اليوم وبعد 5 سنوات من مقتل القذافي، انحصرت ذكرى "الكتاب الأخضر" ببعض البطاقات البريدية ورسوم الغرافيتي.

ففي شمال العاصمة طرابلس، تنتشر على جدران محاذية للشاطئ رسوم تسخر من القذافي ومن كتابه من بينها رسم "للكتاب الأخضر" فوق سلة للقمامة كتبت اسفله عبارة "الكتاب الأحمق".

وعلى جدار اخر في منطقة قريبة، رسم للقذافي وهو يحمل كتابه قرب عبارة "انت وكتابك إلى الجحيم".

مع بداية انتفاضة 2011، جعل الليبيون "الكتاب الأخضر" رمزاً لتمردهم على نظام قمعي حكمهم بيد من حديد طيلة أكثر من 4 عقود، فاحرقوا الاف النسخ من الكتاب في الشرق أولاً، ثم انتقلوا إلى تدمير مجسمات الكتاب في الغرب والجنوب.

ورغم الذكريات السيئة التي يثيرها هذا الكتاب، إلا أن بعض الليبيين لا يزالون يحتفظون به لمجرد اقتنائه كقطعة تذكارية.

وتقول مها التي تعمل موظفة استقبال في مكتب سفريات في طرابلس "جمعت كل النسخ التي كانت عائلتي تمتلكها وخبأتها في مكان سري، لا أريد أن اتعرض لخطر الملاحقة، لكنني لا أريد أيضاً أن أفقد هذه الذكرى".

وتضيف "يجب المحافظة على هذا الكتاب لأنه شاهد على حقبة من تاريخ ليبيا رغم أنها حقبة أليمة".