الأربعاء 26 أكتوبر 2016 / 14:56

المعاناة الإنسانية في سوريا لا تهدد قوة أمريكا!

24- زياد الأشقر

كتب ستيفن م. وولت في مجلة فورين بوليسي الأمريكية أنه بينما تستمر المجزرة في سوريا من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق، من المفاجئ جداً أن أناساً كثيرين يضاعفون جهودهم من أجل حمل الولايات المتحدة "على فعل شيء".

الرسالة الضمنية هي أنه إذا لم تبادر الولايات المتحدة إلى الفعل، فإن التزامها حيال عدم تكرار هذه المجازر، سيكون أجوف، كما أن القرار بالبقاء بعيداً هي علامة أخرى مقلقة على الإنحدار الأمريكي

واستخدمت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون (التي من المرجح أن تكون الرئيسة المقبلة للولايات المتحدة) حملتها الإنتخابية للترويج لاقتراحها إقامة منطقة حظر طيران (أو شيئاً مماثلاً)، بينما يواصل سرب من السياسيين والنقاد وجماعات أخرى الافتراض بأن إخفاق الولايات المتحدة في معالجة الأمر يعتبر إشارة أخرى إلى تراجع "إرادتها" وتدني مصداقيتها.

الذاكرة الاستراتيجية
وكتب غريغ جيف صحيفة الواشنطن بوست إن كل التشكيك في السياسة الخارجية يتركز حول فكرة ضرورة إيجاد رد أمريكي أقوى، مما يفترض أن فقدان الذاكرة الاستراتيجية قد وصل إلى مستويات وبائية. والرسالة الضمنية هي أنه إذا لم تبادر الولايات المتحدة إلى الفعل، فإن التزامها حيال عدم تكرار هذه المجازر، سيكون أجوف، كما أن القرار بالبقاء بعيداً هي علامة أخرى مقلقة على الإنحدار الأمريكي.

متفقون على الغاية ومختلفون على الوسيلة

ويقول وولت: "لا أعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تتورط بعمق في الحرب الأهلية السورية المأسوية. (ولننس كيف أن الولايات المتحدة قد تورطت في النزاع بطرق عدة منذ البداية). لكنني أعترف أن ثمة بدائل متماسكة لموقفي. فأنا أحترم أولئك الذين يعتقدون أن الإعتبارات الإنسانية الأوسع يجب أن تسمو فوق المصالح الوطنية الضيقة، وأن الولايات المتحدة يجب ان تفعل ما هو ضروري لوضع حد للقتال وإنقاذ حياة الاف السوريين الأبرياء. وإننا متفقون على الغايات-إنقاذ الأرواح- لكننا مختلفون حول ما إذا كان يجب إرسال أسلحة أو جنود إلى المعركة بما يحقق الهدف بثمن مقبول أو إبقاء الباب مفتوحاً أمام استمرار النزيف وتطرف أوسع".

ويضيف: "تحديداً لم أجد أن أياً من مؤيدي التدخل قد وضع برنامج عمل محدداً لنظام سياسي لما بعد الحرب الأهلية أو طريق معقول للوصول إلى هناك. إن الولايات المتحدة ملتزمة تفكيك نظام بشار الأسدج (لأسباب ليس من الصعوبة بمكان فهمها)، لكننا نفتقد أي إشارة جدية إلى من سيخلفه. وليس ثمة حاجة للقول إن هذا كان الخطا الرئيسي عندما غزونا العراق وعندما ساعدنا في إطاحة معمر القذافي في ليبيا: إن التخلص من الأشخاص السيئين والتابعين لهم كان الجزء الأسهل، لكن لم تكن لدينا أدنى فكرة حيال من يجب أن يخلفهم".

قوة أمريكا
ويلفت وولت إلى أن "أكثر ما يثير احتجاجي، هو محاولة إخافة الأمريكيين من الإقدام على فعل شيء من خلال افتراض أن قوة البلاد وصورتها وسمعتها هي في الميزان إذا ما امتنعنا عن ذلك. إن هذا الافتراض لا يصمد أمام أقل تدقيق، والشيء الوحيد الذي يمنحه أي اعتبار هو تكراره المتواصل".

ويخلص إلى أن المرء يمكنه أن يقدم قضية متماسكة حول التدخل في سوريا، إستناداً إلى الهدف الجدير بأن يخفف المعاناة الإنسانية. لكن يجب أن نرفض الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة يجب أن تتدخل لأن أمنها وإزدهارها أو أن سمعتها معرضة للخطر. إن الأمر ليس كذلك.