الخميس 3 نوفمبر 2016 / 18:36

رواية "عين الشرق".. دمشق كبطل يفتح النار

صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر العمل الروائي الجديد للكاتب والإعلامي السوري المقيم في ألمانيا إبراهيم الجبين، بعنوان "عين الشرق ـ هايبرثيميسيا21"، و رسم لها الغلاف الفنان يوسف عبدلكي.

وتعتبر "عين الشرق"، ثاني رواسة للكاتب، بعد "يوميات يهودي من دمشق" التي أثارت الكثير من الجدل بسبب تناولها لموضوعين اعتبرا حين صدورها في العام 2007 من المواضيع المحرمة، يهود دمشق، وعلاقة قادة تنظيم القاعدة مع الأجهزة الأمنية السورية.

وكان أبو القعقاع السوري أحد أبطال "يوميات يهودي من دمشق" اغتيل في حلب، بعد ستة أشهر من صدور الرواية، بعد أن كان مقرباً من السلطة في دمشق، وعرف عنه دوره المبكر في تصدير المجاهدين عبر الحدود السورية، وتأسيس ما بات يعرف لاحقاً بداعش.

ولا تكاد الرواية تخلو من مقاطع تعكس مناخ دمشق وشوارعها فنقرأ على لسان الراوي "ما زلتُ أمشي في دمشق، الشوارع تتغير كل لحظة أمام عينيّ، تتبدل الأزمنة، تختفي مبانٍ وأخرى تعلو شاهقة، تظهر تلالٌ، وتتدفق أنهار، وتتكسر جسور، وتمتد أخرى، تشتعل حرائق، ويندفع شجر سريع النمو. أمشي الطريق من القنوات، منحدراً نحو الحلبوني، أرصفة باعة الكتب، والجامعة القديمة، طاحون ماء هائل يرتفع في أرض منبسطة على ظهر التلة، رائحة البارود العثماني تفوح من ثكنة صارت جامعة في ما بعد، بستان مسوّر، تقف فيه الأشجار العالية، تميل مع الشمس، وتميل مع هواء بردى".

ويقول إبراهيم الجبين إن دمشق التي سمّاها الرومان "عين الشرق" تختزل المشرق كلّه، وفيها تدور كل القصص السرية، من اليومي البسيط، إلى المخططات الكبرى التي عادة ما تغيّر وجه المنطقة، وفي هذه الرواية، رصدتُ يوميات عشتُها في دمشق، ما بين الخيال والواقع، وربما بهما معاً، وقد لا أميز مرات، أيّ منهما هو الواقع، الخيال أم الواقع ذاته. مبدتئاً من مدن سورية عديدة، أشخاص قدموا من ثقافات عديدة، محملين ببضائعهم الإنسانية والوحشية معاً، فاخترقوا عوالم الفكر والأدب والفنون، مغرقين المدينة في التهتك، مواصلين رجم المجتمع السوري العريض الذي اشتهر بتعدده وبساطته وتعقيده في الوقت ذاته، وهو ذاته المجتمع الذي سمّاه النظام السوري لاحقاً "البيئة الحاضنة للإرهاب" مبرراً كل أشكال الإبادة التي طبقها على سكّانه في مدنه وأريافه".

وشخوص الرواية تعبر الأزمنة المتراكمة على الأرض السورية، ومن أبطالها ابن تيمية سجين قلعة دمشق الأبدي، والرئيس المستبد العجوز معزولاً في غيبوبته، وتركة الأميرعبدالقادر الجزائري في دمشق والعالم، كاسر وعبدالله أوجلان وسلمى المكونة من خليط من روزموند بايك ومونيكا بيلوتشي، ستناي الشركسية فتاة الليل التي تعتد بجدها المدفون في أحد جوامع دمشق، وقصص حب وكراهية، وشاعر تحول إلى بائع نحاس وشعراء آخرون ذبحهم داعش، ومظفر النواب في أصعب أيامه في دمشق قبل أن يتآكله الباركنسون، شاعر مولع بالتصوير الفوتوغرافي في طريقه من القامشلي إلى المنفى البعيد، حنا يعقوب القادم من ماردين في تركيا، مؤسس المدرسة السريانية الأولى في عامودا وحفيده الذي سيعرفه الجميع بعد سنوات، شاعر دمشقي بجناحين وشقيقه البعيد في بيروت وأصقاع الأرض، يوميات السجن وظلام لياليه وعلاقات المعتقلين بعضهم ببعض.

وتبدأ الرواية بعلاقة جمعت الراوي مع رسام عجوز في مرسمه في التكية السليمانية في دمشق، مهووس بجمع الأشياء القديمة، كان قد عمل في الشعبة الثانية (المخابرات السورية) في الخمسينيات، وأطلق بيده رصاصة الرحمة، كما يقول، على الكثيرين من معارضي السلطات التي حكمت سوريا وبلاد الشام.

ويضيف الجبين: "صور شتى ترى في رواية "عين الشرق"، وملل ونحل من مشارق الأرض ومغاربها تلامحت وجوهها في الأزقة قديمة ومحدثة، لكن البطل هو المدينة. دمشق، فهي عين الشرق".

ويقول: "كثيرون سيعرفون أنفسهم في "عين الشرق". ولربما تغيرت، أحيانا، أسماء وملامح، إلا أن اللحظة الطويلة التي سبقت انفجار الجسد السوري، لم تكن بلا مقدمات ولا أبطال ساهموا في زيادة تلك التضاريس وعورة، وكانوا من بين أسباب كتابة هذه الرواية".