الخميس 1 أغسطس 2013 / 22:18

في ذكرى رحيل مبدع التنمية!

إذا قدّر لك أن تمر عبر شوارع الإمارات العربية المتحدة، وأخذت طريقك نحو وسطها أو شمالها أو جنوبها ستعثر على صورٍ عفوية، للشيخ الراحل الكبير زايد بن سلطان آل نهيان سترى أن الصغير قبل الكبير يتباهى بالشيخ.

وحين استضفتُ الكاتبة والشاعرة الإماراتية ميثاء الهاملي تعجّب البعض من وصفها للشيخ زايد بـ"أبونا زايد"، وهي عبارة فيها قمة الحب والولاء لهذا الرجل الذي أسس إماراتٍ على صخر، وزرع بحار التنمية على أرضٍ كانت لعقود سبخة، غير أن يد زايد يد الخير جعلت من هذه الأرض تهتزّ وتربو، لتنبت بالخير الساحر الآسر الذي أذهل الأمم بأجمعها، إذ استطاع أن يؤسس لأحد أكبر التجمعات العملية في العالم وأكبر تعددية وتنوع للجنسيات. هكذا كان الشيخ زايد، لهذا يصفونه بالأب، كان يرشد ويعلم ويربي فهو الحكيم، وهو لا يختلف أبداً عن حكماء الأمم من كونفشيوس إلى غاندي.

الحكمة ترتسم على محياه وفي جبينه تعب السنين اللواتي خاضهنّ بعصاه وهو يحرث ويحرث من أقصى الإمارات إلى أقصاها، أسس للاتحاد مع إخوته الحُكّام الكبار الذين كانوا عضداً أميناً ومتيناً وظهراً صلباً للشيخ الراحل. وحين تأتي إلى كل إمارة تجد أن فيها من الإمارات كلها فلا تنعزل إمارة عن أخرى، بل تتكامل بالتشاكل من جهة والاختلاف العادي من جهةٍ أخرى.

أبوظبي هذه العروس الجميلة وإن قدر لكم فابحثوا عن الأفلام الوثائقية الجديدة التي توثق تطور أبوظبي ضمن رؤية سنّها زايد وأبناؤه خليفة ومحمد، فأبوظبي هي العين وهي الفؤاد وهي الوردة البنفسجية التي ما إن تراها من علوٍ إلا وتنبهر بالمشاريع الكبرى والمنتجعات والمشاريع الاقتصادية والتنموية ضمن رؤية أساسها التنمية المستدامة. وحين تمخر شوارع دبي من شارع الشيخ زايد إلى جميرا الجميلة إلى المدينة الإعلامية إلى المارينا، ترى السعادة والبهجة في هذه البلدة الآمنة الرائعة. وكذلك بقية الإمارات تنتهج هذه الرؤية والمشاريع التي نراها في الفجيرة أو غيرها أكبر مثال.

وأجدني بمناسبة رحيل هذا الكبير أستحضر أبياتاً في رثائه كتبها هادي المنصوري، ومما قال فيها:

افْتخر يا قبر وتْفاخَر وعيد ** دام زايد في وسط حضنك هناه
وافتخر يا اللحد ضمّيت الفريد ** والفخر للموت من قبل اللحاه
واحدٍ بالطيب ما مثله شهيد ** ارْتَوَتْ قاع الثرى من طيب ماه
حوّل الصحرا الجَلَدْ جنّة رغيد ** واثْمَرت درٍ تعاذق من حلاه
وقوّم العمران من طود وحديد** لين شفت ابراجها باعلى سماه
وضمّنا ضمّة حنونٍ للوليد ** وما بقى فينا جياع ولا عراه
حاكمٍ بالعدل والراي السديد** واهبنّا كل ما تملك يَداه
يا إله الكون يا الرب المجيد** نشْهِدِكْ إنِّا رضينا يا إله
فارْضَ عنّه واسكنه ربي سعيد** في جنان الخلد واكْرِم له ثواه
واغْفِر لمن صاح في نعي الفقيد **يوم جا علمه صرخ "وازايداه "

www.turki.ae