السبت 26 نوفمبر 2016 / 17:33

ترامب والخليج: فرص في الأفق

بعد 8 أعوام من رئاسة باراك أوباما، بكل ما حملته وتحمله من تركة مختلطة تبدو في غالبها غير متوافقة مع مصالح دول الخليج، يأتي وصول الجمهوري دونالد ترامب للبيت الأبيض كنفحة هواء طازجة بالنسبة للعديد من الخبراء والمراقبين لأوضاع العلاقات بين القوى الكبرى الوحيدة في العالم ودول الخليج العربية.

لكن إن عدنا 8 سنوات للوراء، سنرى أن قلة من الرؤساء الأمريكيين تمتعوا بنفس حفاوة الترحيب ونفس جو التفاؤل الذي شعر به الخليجيون تجاه أوباما وبالذات بعد خطاب أوباما الشهير في الأزهر. ولكن الطريقة التي أدار بها أوباما الأحداث المزلزلة التي هزت المنطقة، دفعت الكثيرين للاعتقاد بأن أوباما سيترك شرق أوسط أسوء مما كان عليه الحال في 2009.

قضيتان فوق كل شيء آخر تمثلان بالنسبة لمنتقدي أوباما من العرب، التركة السيئة التي سيتركها أوباما وراءه. الأولى هي قراره بالرجوع عن تهديده بالتدخل العسكري في سوريا عندما استخدم النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد شعبه في 2013، والقضية الأخرى هي الصفقة النووية المثيرة للجدل مع إيران.

وقد يقول المدافعون عن سياسة أوباما الخارجية إنه استطاع فيما بعد أن ينتزع السلاح الكيماوي من النظام السوري بدون أن يطلق رصاصة أمريكية واحدة، وقد يقولون إنه استطاع إيقاف ولو مؤقتاً مسيرة نظام الجمهورية الإسلامية نحو الحصول على قنبلة نووية. ولكن الحقيقة الصادمة العارية لسكان الشرق الأوسط هي أن الدم السوري لا يزال ينزف بكثافة. حيث بلغت حصيلة القتلى 400 ألف. ولا تزال إيران حتى اللحظة تساعد منظمات تصنفها غالبية دول العالم بما فيها الولايات المتحدة، منظمات إرهابية عابرة للحدود تهدد الأمن الدولي. بل إنه في نفس اللحظة التي وقع فيها وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الصفقة النووية، كان سياسيو طهران جنرالات الحرس الثوري يتبجحون علناً بنجاحهم في بناء إمبراطورية فارسية جديدة تضم تحت سيطرتها ٤ عواصم عربية.

طبعا لا تتوقف أخطاء إدارة أوباما في المنطقة العربية على ملفي سوريا وإيران، بل تمتد أيضاً لليمن وليبيا. إذن ما الذي يستطيع الرئيس دونالد ترامب فعله ليصحح تركة سلفه؟ أو لكي يكون مساره مختلفاً على الأقل؟

يقول الأمير تركي الفيصل وهو من أكثر الأصوات الخليجية موثوقية في المجال الجيوسياسي "ليس من المطلوب من ترامب أن يمزق الصفقة النووية مع إيران"، يكمل الأمير قائلاً "لكن على القاطن الجديد للمكتب البيضاوي أن يتأمل في الأفعال الكارثية التي يمارسها النظام الإيراني بتدخله في الشأن العربي ودعم المنظمات الإرهابية".

ولا تتوقف القائمة عند صفقة إيران، بل يأتي قانون "جاستا" في مقدمة الأولويات التي يتوجب على ترامب أن يعالجها بحذر ليبث روحاً جديدة مع حلفائه الخليجيين. "جاستا" الذي وقف ضده أوباما بقوة ولكن تم تمريره من قبل الكونغرس، يصنع في المستقبل احتمالات خلاف عديدة بين واشنطن والخليج وهو ما يجب تجنبه. ولا شك أن على الرئيس الأمريكي الجديد أن يتذكر أن فترة الانتخابات بكل ما يرافقها من شعارات ووعود شعبوية قد انتهت، وأن دول الخليج ومعها الدول العربية والإسلامية لا تستطيع أن تتقبل المظاهر المحتملة للتمييز والعنصرية ضد المسلمين في داخل أمريكا أو خارجها.