الثلاثاء 29 نوفمبر 2016 / 19:05

سلام عليهم يوم يبعثون أحياء

يوم الشهيد ليس يوماً عادياً في دولة الإمارات العربية المتحدة. إنه يشكّل منعطفاً مهماً في تاريخها المعاصر. فقد أضاءت طريق البطولة بدماء شهدائها الأبرار الذين سقطوا دفاعاً عن كل ما هو إنساني من أن تدنسه غطرسة الجهل وظلامية التطرّف.

الموت حق ولكنه مأساة نتحايل عليها ونداري مواجعها وهي تأخذ ديمومتها مع كل هاجس ذكرى تحيلنا لمن فَقَدنا .. كم يكون الموت شريفاً حين يكون من أجل قضية عظيمة وهل هناك أعظم من أن يموت الانسان من أجل وطنه .. إنها اللحظة التي تتحوّل المأساة فيها الى مُباهاة والحزن الى زهو والحنين إلى رفعة .. فالوطن هو العنوان الأسمى الذي يُبنى بالدموع ويفتدى بالدماء.

إنها الذكرى الأولى لاستشهاد هذه الكوكبة من شهداء أرض الإمارات المعطاء والتي كانت وما زالت وستبقى حكاية الإماراتيين الأجمل لأنها مليئة بمآثر الآباء والأجداد الذين عبَّدوا طريقها بتعبهم ومروءاتهم لأبنائهم ولاحفادهم من بعدهم فحرسوها وصانوها وضحوا من أجلها.

كم يبدو الكلام عاجزاً أمامكم أيها الكبار موقفاً لا يضاهى وولاءً لا يدانى والذي سيكون مدعاة فخر جيل بعد جيل .. أنتم الذين انتهت حياتهم من أجل أن تبدأ حياة الآخرين.

يوم الشهيد يجب أن لا يكون يوماً للحزن والتذكُّر المفجع بقدر ما يكون يوما للتكاتف والتلاحم وشد الهمم من أجل الحفاظ على الأمانة التي هي وديعة الشهداء عند من يحفظون الودائع.

الشهداء وحدهم من يكتبون تاريخ أرضهم وهم وحدهم من ستبقى ملامح وجوههم حاضرة رغم غيابها في كل ما يبعث الحياة من حولنا.

لا يمكن لليل الجهل والتخلف أن يُعيق النهارات المضيئة كما لا يمكن للكراهية والثأرية أن تطال قامة المحبة وروح المآثر الواثبة العصية.

سلام على عبق الشهادة الذي يفوح من الشهداء .. سلام على أم أنجبت وعلى أب زرع بهم التفاني الوطن .. سلام على بياض وجوههم وبياض قلوبهم .. سلام على الشوق في العيون واللهفة في الضلوع .. سلام على صدى أصواتهم بيننا .. سلام على الرجولة والبطولة والإباء .. سلام على شهقات الأحبة وصبر الصابرين .. سلام على مطر خطاهم ورذاذ أمواجهم .. سلام على وطن سقاهم فصاروا سوره وحصن كبريائه وجنوده الحافظين العهد.

سلام عليهم يوم ولدوا
سلام عليهم يوم استشهدوا
سلام عليهم يوم يبعثون أحياءً