الإثنين 5 ديسمبر 2016 / 18:37

سابع فتح.. حضر الضيوف وغاب أهل البيت

بدأنا اليوم فصلاً جديداً من فصول المأساة الفلسطينية، حيث تصبح المقاومة خروجاً عن القانون، ويصير المقاومون في نظر السلطة وعيون مخبريها أشراراً يؤكد الرئيس أنه سيقطع أيديهم

انتهى مهرجان الولاء للرئيس والذي أقيم تحت عنوان مضلل هو "المؤتمر العام السابع لحركة فتح"، وشهدت قاعة الشهيد أحمد الشقيري في مبنى المقاطعة في رام الله أكبر نوبة تصفيق في التاريخ الفلسطيني، حين كان الرئيس الأوحد يلقي خطابه التاريخي الذي أكد فيه على الالتزام بالثوابت الأوسلوية، وشدد على المضي في طريق المفاوضات التسووية والتنسيق الأمني المقدس والتطبيع مع إسرائيل.

نقلت كاميرات التلفزة التي سمح لها بالدخول إلى القاعة، ومنها قنوات التلفزيون الإسرائيلي، وقائع المهرجان وحماسة المشاركين فيه، ولم تكن تعرف أن الكثيرين من أصحاب الأكف الملتهبة الذين حملوا بطاقات تصويت بكلمة "نعم"، ليسوا من ذوي الأحقية في المشاركة بمؤتمر عام لفتح، وأن بعضهم ليسوا أعضاء في الحركة أصلاً، بل تم إلحاقهم بفتح في الأيام الأخيرة السابقة للمهرجان، لكي يكون التصفيق مسموعاً، ولكي يكتمل الكومبارس الضروري للمشهد المطلوب في إخراج هذه اللحظة المخجلة.

كانت الدهشة واضحة على وجوه فتحاويين أصلاء شاركوا في المهرجان بهدف إعطائه بعض الثقل وبعض الجدية، وقد قمع الرئيس قلة من هؤلاء عندما طرحوا الأسئلة الصعبة، بل إن الأمن تدخل لإسكاتهم بطريقة فجة.

أما المصفقون ومعظمهم من موظفي السلطة، فقد كانوا في حالة هياج ونشوة حين اطمأنوا إلى استقرار أوضاعهم وحماية مصالحهم المرتبطة بتغييب المقاومة والثورة ضد الاحتلال لا سمح الله.

غاب عن المهرجان مئات من أبناء الحركة من أعضاء المؤتمرات الحركية السابقة، وغاب مناضلون خاضوا معارك المقاومة ببسالة، وغاب إرث الشهيد الخالد ياسر عرفات الذي غيبت صورته عن المنصة الرئيسة للمؤتمر – المهرجان.. وحضر "المستفتحون" والضيوف الفلسطينيون والعرب والأجانب، فاكتمل العقد، وأنجز المهرجان مهمته التاريخية العظيمة بالاعتراف بأبي مازن رئيساً للأبد.

بالطبع، لا ملامة على الضيوف العرب والأجانب الذين حضروا وشاركوا في المهرجان لإظهار تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، ولم يكن هؤلاء، وليس مطلوباً منهم، أن يدققوا في تفاصيل الانحراف عن المسار في هذه الحركة العظيمة. لكن شركاء السيد الرئيس في منظمة التحرير وخارج المنظمة يعرفون هذه التفاصيل، بل ويدينونها في بياناتهم وتصريحاتهم الصادرة للاستهلاك الشعبي، ورغم ذلك حضروا وشاركوا كضيوف ومراقبين في مهرجان التحول والنكوص والردة عن المشروع الوطني.

حركة حماس التي تتهم محمود عباس بالاستسلام للعدو، لم تكتف بالحضور بل أرسلت أحد قيادييها ليلقي كلمة في المهرجان باسم رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، الذي حرص على تأكيد دعوته للشراكة مع عباس. ولم يكن في ذلك ما يفاجئ العارفين، فالشراكة قائمة أصلاً بين سلطة التنسيق الأمني في رام الله وسلطة التهدئة الأمنية في غزة، ومرجعية الطرفين واحدة.

وكذلك حضر فصيل آخر كنا نظنه ملتزماً بمشروع المقاومة، وشاركت حركة الجهاد الإسلامي في مهرجان إعلان فك الارتباط مع مشروع المقاومة.

أما فصائل المنظمة وعلى رأسها الجبهتان الشعبية والديمقراطية فقد تمثلت في المهرجان أيضاً بقيادات من الصف الأول، وكان في هذه المشاركة تأكيد على الالتزام بالنهج التسووي الذي ما فتأت الجبهتان تدينانه في مواقفهما المعلنة.

انتهى المهرجان وانفض السامر، ولم يصح المشاركون بعد على وجع اللحظة، فقد بدأنا اليوم فصلاً جديداً من فصول المأساة الفلسطينية، حيث تصبح المقاومة خروجاً عن القانون، ويصير المقاومون في نظر السلطة وعيون مخبريها أشراراً يؤكد الرئيس أنه سيقطع أيديهم.

حدث كل هذا في غياب أهل البيت وحضور الضيوف وتواطؤ الشركاء وشهود الزور. لكنها لحظة عابرة لها ما بعدها، لأن الفلسطينيين عموماً والفتحاويين خصوصاً يعرفون أنها "إن ما خربت ما بتعمر".