انفجار قندهار (أرشيف)
انفجار قندهار (أرشيف)
الخميس 12 يناير 2017 / 09:14

يد الخير فوق الإرهاب

يونس السيد - الخليج

حين بادرت دولة الإمارات إلى إعلان عام 2017 عاماً للخير، وأتبعت ذلك بإنشاء بنك للطعام، إنما كانت تستهدف تعميم النبل والكرم الذي غرسه الأجداد وتوارثه الأبناء جيلاً بعد جيل، في داخل الوطن وخارجه، لكنها لم تكن تتوقع أن يقابل الخير بالشر ولا أن يقابل تقديم المساعدات والذهاب إلى شتى بقاع الأرض لنجدة الفقراء والمحتاجين بالإرهاب والقتل وسفك الدماء.

عملية قندهار الإرهابية، التي أودت بحياة خمسة من خيرة الدبلوماسيين، وأصابت عدداً آخر، بينهم سفير الدولة بجروح، والذين نأمل أن يمنّ الله عليهم بالشفاء التام، هي التعبير الأكثر وضوحاً عن تناقض ثنائية الخير والشر، أو عن معادلة نشر المحبة والتسامح في مواجهة البربرية والهمجية.

فالبعثة الدبلوماسية الإماراتية التي كانت في ضيافة حاكم قندهار ، حينما وقع الهجوم الإرهابي، كانت مكلفة بتنفيذ مشاريع إنسانية وتعليمية وتنموية في أفغانستان، البلد الذي عانى ويلات الحروب على مدى عقود، وفقد معظم مقومات بنيته التحتية ومؤسساته الخدمية، وأصبح سكانه بحاجة إلى كل أنواع المساعدات.

بعثة الإمارات كانت تترجم القيم السامية التي أرادت الدولة أن تنشرها في كل مكان، قيم الخير والمحبة والسلام، وهي قيم لا شك في أنها تصيب الإرهاب في مقتل، لأنها ليست نقيضه فحسب، بل بديله أيضاً، وبالتالي يسعى الإرهاب بكل ما أوتي من قوة إلى اغتيالها، ولكن هيهات، هيهات أن يستطيع اغتيالها، لأن الفكرة أكبر وأسمى من الإرهاب الأعمى، ولأن الحق سينتصر في النهاية لا محالة.

ولطالما حذّرت الإمارات من آفة الإرهاب، ودعت مراراً وتكراراً إلى عمل جماعي وتعاون دولي للقضاء عليه، ولم تتردد لحظة في التقدم إلى الصفوف الأولى لمحاربته، لكن لا يزال هناك ثغرات كثيرة يستطيع الإرهاب أن يتسلل منها، ولا يزال العمل الجماعي الدولي بحاجة إلى تطوير وسائله وأدائه في محاربة الإرهاب، بدءاً من تجفيف منابع تمويله، وضرب قواعده المباشرة وملاحقته في كل مكان، والعمل على تفكيك حواضنه، بتوفير البدائل الحقيقية عبر نشر الوعي وثقافة المحبة والسلام والتسامح، وإلغاء السياسات العنصرية والتمييزية في بعض المجتمعات، وتقديم المساعدات للمجتمعات الفقيرة، ومحاولة النهوض بها كي لا تظل عرضة سهلة لتسلل الإرهابيين إلى صفوفها تحت وطأة الحاجة والفقر أو الاضطهاد والتمييز.

الإمارات تدرك أن الخير والإرهاب لا يلتقيان، بل إنهما متناقضان جذرياً، ولكنها كانت وستظل منحازة إلى الخير، الذي دفعت ثمنه من دماء خيرة أبنائها، وهي لن تسمح للإرهاب بأن ينتصر أو يعرقل مسيرتها، ولهذا فإنها ستمضي قدماً في نشر أياديها البيضاء في كل مكان، رغم كل الصعوبات والتحديات، لأنها منبع الخير وأهل الخير والأمل المرتجى.