اجراءات أمنية في القاهرة ,(أرشيف)
اجراءات أمنية في القاهرة ,(أرشيف)
الجمعة 13 يناير 2017 / 17:09

كيف تصمد مصر أمام الإرهاب!

صر بوقفتها هذه لا تمثل فقط ذاتها، ولكنها تمثل البعد الأخلاقي لثقافتنا العربية والإسلامية في نسختها الحضارية

كثيرون يتحدثون عن تحديات أمام الاقتصاد المصري، وعن الإنجازات والتعثر، وضرورة إعادة ترتيب الأوراق لمواجهة الفساد، وتجاوز العثرات، وفي معرض حديثهم يشيرون إلى أن التقدم في المجال الاقتصادي جيد ولكنه أبطأ مما يمكن أن يحقق الرفاه التام خلال 5 سنوات فقط، مما قد يستدعي أن تستمر الإدارة الحالية لفترة انتخابية أخرى، لتحقيق أهدافها الاقتصادية التي تجعل المواطن المصري، باختصار مرتاحاً. ولكن هل الصورة عند هؤلاء الذين يقدمون اقتراحات صباح مساء، كاملة؟

مشكلة بعض الناقدين أنهم ينظرون إلى زاوية واحدة ويقدمون حولها نظرياتهم وتجلياتهم الفكرية، وهم يظنون أنهم يلمون بكل فصول القصة وكل زوايا الصورة. آسف أقصد وهم يجزمون، لذلك تجد الواحد منهم وهو يقرأ أرقامه ومعادلاته لا يتسامح إذا تحققت نسبة نمو 12٪ بدلاً عن 19٪ ويعتبر أن ذلك تقصير فادح، وإذا تقلّص العجز بنسبة 30٪ بدلاً عن 40٪ فإنها الكارثة بالنسبة له. فما الذي لا يراه هؤلاء!

في الحالة المصرية فإن الملفات وإن بدت مفصولة، فهي متصلة، بشكل كبير، الاقتصاد يرتبط بالعلاقات الدولية بمعامل الإنتاج، ولكنه في الوقت نفسه يرتبط بالتحديات التي يحاول الإرهابيون إثارتها، من يصدق أن في مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة تعرضت لـ1165 عملية إرهابية وكما علق الإعلامي المصري عمرو أديب على التفجير الذي نفذ بكمين المطافئ بالعريش، قائلاً "نتعرض للإرهاب خلال السنوات الثلاثة الماضية بمعدل عملية كل يوم، متسائلاً "البلد دي واقفة إزاي؟".

حينما ننظر لأحداث كبيرة أثرت على السياحة المصرية والاستثمار الخارجي وغيره، وننظر لهذا الكم من العمليات ونرى رغم ذلك تدفق الأموال نحو مصر والاستثمار العالمي الكبير والإيمان بما تقوم به الدولة المصرية نرى أن ثمة عبقرية مصرية تتجاوز التحديات التي تدمر كل الدول في العالم، وأن هناك سر يمد هذه القيادة بهذا العزم. فجميعنا يدري أن عملية إرهابية واحدة أدخلت بعض الدول في دوامة من التردي فما بالك بأكثر من ألف عملية، ولازالت مصر العظيمة تقاوم.

الشعب المصري اليوم يدرك رغم التحديات أن ما تواجهه مصر لا يمكن حصره في مشاكل دقيق أو سكر أو حتى كهرباء، فما تواجهه مصر هو تحدٍ لقدرتها على الحفاظ على استقلال رؤيتها ورفض الخضوع لإملاء أجنبي أو إخونجي، فمصر قررت أن تتصدى عن كرامتها، ولهذا ثمن كبير ولكنها عازمة على مواجهته بمعية الدول الشقيقة، أتدرون لماذا؟

لأن مصر بوقفتها هذه لا تمثل فقط ذاتها، ولكنها تمثل البعد الأخلاقي لثقافتنا العربية والإسلامية في نسختها الحضارية، فحينما يستطيع الاقتصاد أن يصمد في هكذا ظروف، وحينما تستطيع الدولة أن تتماسك بل وتتحلى بأخلاقيات رائعة مترفعة ندرك أن مصر هي حصن العرب. وأن الإرهاب سيتم عقره في ساحة الأزهر الشريف، وبيد جيش مصر، الذي يحتضنه الشعب العربي الكبير.

انظروا بتفاؤل لما تحققه الدول، كفوا عن النظر إلى الجانب الأسود فحسب، انظروا لكل المعطيات قبل أن تصدروا الأحكام، لأن الصورة الكاملة تجعلكم تشعرون بالحقيقة المبهجة، وهي أننا نتقدم في طريق تصاعدي، وسنصل إلى هدفنا مهما كانت التحديات، وكما قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي: سنقتسم اللقمة. ثم إن كل هذا سيدونه التاريخ العظيم الذي ستفخر به أجيالنا، أن بلاد العرب قهرت المخططات ووقفت برغم العمليات التخريبية التي مارسها المتآمرون.