الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الثلاثاء 17 يناير 2017 / 13:58

الغرب تجاهل حساسيات روسية...بوتين يثأر

بعد مرور 25 عاماً على انهيار الاتحاد السوفييتي، باتت رغبة روسيا في تحقيق الندية مع الولايات المتحدة، تسيطر على فكر زعماء الكرملين، وعلى جميع نواحي الحياة فيها.

بوتين سعى لإحياء قيم تقليدية روسية، وخاصة الوطنية والافتخار بدولة قادرة على تحقيق إنجازات كبرى"، ومن ثم عمل على استعادة مكانة روسيا "كقوة عظمى"

هذا الرأي توصلت إليه كريستينا سبوهر، باحثة في جامعة سكول أوف أيكونوميكس في لندن، وديفيد رينولدز، باحث في جامعة كامبريدج، وهما مؤلفا كتاب" تجاوز الحرب الباردة".

لقاء مرتقب
وكتب الباحثان في مجلة نيوستيتمان، أن روسيا تتطلع بلهفة إلى لقاء مرتقب بين بوتين وترامب. فهل يذوّب الرئيس الأمريكي المقبل جليد حرب باردة جديدة؟ وهل سيتجاهل ذكر الأزمتين في أوكرانيا وسوريا، كما يتصور فلاديمير بوتين؟

أوهام؟
وترى سبوهر ورينولدز أن الغزل المتبادل بين ترامب وبوتين يأتي في لحظة حساسة بالنسبة للكرملين، أي بعد 25 عاماً على انهيار الاتحاد السوفييتي في عيد الميلاد 1991، وقبل قليل من الاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لقيام الثورة الروسية. فهل كانت الآمال بقيام نظام عالمي جديد عند نهاية الحرب الباردة مجرد أوهام؟ وهل انحرف ميخائيل غورباتشوف عن نهج الثورة؟ أم أن بوتين يسير اليوم عكس تيار فترة ما بعد الحرب البادرة؟ أم انتهى الحال إلى عالم تسوده الفوضى؟

نظام عالمي جديد
ويقول الباحثان إن عبارة" نظام عالمي جديد" التي أطلقها الرئيس السابق جورج بوش تبدو طوباوية، وحتى أنها أبعد مما وصفه الخبير فرانسيس فوكوياما ب "نهاية التاريخ".

إعادة رسم حدود
ولكن الباحثين يشيران إلى ضرورة تذكر أن عدداً من قضايا الحرب الباردة الكبرى حُلت سملياً بين زعماء الدول. فقد تم خفض الترسانات النووية، وفق معاهدة واشنطن لعام 1987، ما أبطل توترات الحرب الباردة والمخاوف من احتمال وقوع حرب عالمية ثالثة. ومن ثم جاء توحيد ألمانيا، وانفصال دول حلف وارسو عن الاتحاد السوفييتي، عبر ثورات سلمية ليعيدا رسم حدود أوروبا.

روح تعاون
كل ذلك تم عبر روح من التعاون بعيدة تماماً عن تحولات كبرى حصلت في التاريخ الأوروبي، كما جرى في 1815 و1871 و1918 و1945.
ووسط كل ذلك الحماس، لم يكن مستغرباً أن يتحدث الناس عن فجر جديد. وقد تمثل ذلك بقيام شراكة فاعلة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، خلال حرب الخليج الأولى، حيث اتفق بوش وغورباتشوف على مجموعة من القيم الديمقراطية والعالمية الراسخة في القانون الدولي والتعاون في ظل الأمم المتحدة.

افتراض
وقد افترض العالم الجديد بقاء الاتحاد السوفييتي رغم مواجهته لمشاكل اقتصادية وسياسية متصاعدة. ولم يتوقع أحد انهياره السريع، في النصف الثاني من عام 1991. وهكذا مضت دول أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وصولاً لأوكرانيا ودول البلطيق، كل في طريقها. ولم يبق سوى دولة ضعيفة، الاتحاد الروسي.

توسع
كما يلفت سبوهر ورينولدز إلى أن النظام العالمي الجديد كان مختلفاً عن الخطاب الذي قيل بشأنه. وتوسعت مؤسسات غربية، كحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، لكي تضم مناطق كانت تابعة سابقاً للاتحاد السوفييتي، ما أثار حفيظة موسكو، رغم تظاهرها بأن الاتحاد الأوروبي لا يشكل تهديداً لأمنها، بل يعتبر مشروعاً سياسياً ـ اقتصادياً.
إخفاق
ولكن، يقول الباحثان، أخفق يلتسين، بعد تسلمه السلطة من غورباتشوف، في خلق روسيا الجديدة على أنقاض الشيوعية الروسية. وسرعان ما تفكك الاقتصاد الموجه، وارتفع معدل التضخم، وتراجع حجم الدخل القومي بما يشبه ما عانت منه أمريكا وألمانيا في بداية ثلاثينيات القرن الماضي.
وفيما استطاع يلتسين الصمود أكثر من ثماني سنوات، رتب لخروجه من السلطة بداعي المرض، وسلم الرئاسة لرئيس وزرائه آنذاك، فلاديمير بوتين.

كتاب مغلق
ويلفت الباحثان إلى اعتبار بوتين لعهد غورباتشوف بمثابة كتاب مغلق، إذ لم يعايش لحظات مؤلمة لسياسات إصلاحية طبقها آخر زعيم سوفييتي، لأنه كان يشغل مهمة استخباراتية، من عام 1985 ـ 1990 في ألمانيا الشرقية سابقاً. وقد اعتبر بوتين إصلاحات غورباتشوف بمثابة عملية تخريب لامبراطورية عظمى.

تغييرات إيجابية
وتلفت سبوهر ورينولدز لتبني بوتين لما وصف بـ "تغييرات إيجابية"، وخاصة لترخيصه بحرية التعبير والسماح لمواطنيه بالسفر إلى أي مكان.
ولكن بوتين سعى لإحياء قيم تقليدية روسية، وخاصة الوطنية والافتخار بدولة قادرة على تحقيق إنجازات كبرى"، ومن ثم عمل على استعادة مكانة روسيا "كقوة عظمى".

احتجاحات داخلية
لكن، بحسب الباحثين، هددت احتجاجات محلية وحركات الربيع العربي أمل بوتين باستعادة روسيا لمكانتها في العالم، فسارع لاستعراض قوته في أوكرانيا ومن ثم في سوريا، من أجل التصدي لتدخلات الغرب في كلا المنطقتين.

أسباب الخلاف

وعند التطرق لأسباب الخلاف بين روسيا والغرب، يقول الباحثان إن الغرب أخفق في إدراك حساسية روسيا حيال انهيار الاتحاد السوفييتي، فضلاً عن عدم اعترافه بروسيا كقوة أورآسيوية كبرى. كما أدت سلبية إدارة أوباما تجاه ما يجري في سوريا، لتدخله هناك، وتسببه بكارثة إنسانية، وخاصة في حلب، مع تأكيد مكانة روسيا في شرق المتوسط ، والشرق الأوسط عامة.