الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.(أرشيف)
الثلاثاء 17 يناير 2017 / 14:32

كيف يمكن لترامب أن يدمّر أجهزة الاستخبارات الأمريكية؟

بعدما غرّد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، مهاجماً مصداقية مدير سي آي أي جون برينان، رأى الباحث في الأمن القومي كريستوفر ماكموردو أنّ الملياردير الجمهوري سيشكل خطراً كبيراً على أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

حتى لو لم يذهب ترامب باتجاه إعادة هيكلة المنظمات الاستخبارية "بأي طريقة ذات معنى" سيبقى مشكوكاً إلى حد بعيد بأن يقبل الرئيس على استخدام المواد التي تقدمها الوكالات المختلفة

وكان برينان انتقد يوم الأحد ترامب، لمقارنته هذه الوكالات بتلك التي كانت موجودة في ألمانيا النازية، مطالباً إياه بضبط "الكلام والتغريد" الذي يمكن أن يؤثر على الأمن القومي. فردّ ترامب بتغريدة يوم أمس الإثنين كاتباً فيها "هل كان هذا مسرّب الأخبار المزيّفة؟".

وكتب ماكموردو مقالاً في صحيفة غارديان البريطانية يشير خلاله إلى الخلاف الذي يتعاظم بين ترامب والمؤسسات الاستخبارية في واشنطن. وبدا الصحافي واثقاً من وجود تداعيات "خطيرة" لا على عمليات الأجهزة اليومية وحسب، بل أيضاً على الحكم السليم و"المنطقي". فالأخير يستند إلى علاقة فعّالة بين من يهتمّ بفهم العالم ومن يهتمّ بأخذ القرارات على ضوء ذلك الفهم ومتطلباته.

معايير العمل الاستخباري

بالنسبة إلى ماكموردو، من "الآمن" القول إنّ الملف الذي حمله المجتمع الأمني إلى ترامب والذي يشير إلى احتمال امتلاك روسيا فضائح عنه لابتزازه، لم تحسّن العلاقة بين الأخير والوكالات الأمنية. لذلك قام الرئيس المنتخب وفريقه باتهام الوكالات بالتآمر في نشر "الأخبار الملفّقة". ويؤكد الصحافي أهمية حاجة رجال الاستخبارات المهنيين للالتزام بمعايير عملهم التي توجب عليهم أن يكونوا أهلاً للثقة التي يضعها صنّاع القرار بين أيديهم. وركيزة العمل الاستخباري تقوم اليوم على تحليل وتقويم المعلومات عوضاً عن جمعها.

ليست كل معلومة اِخباراً

في عهد "وفرة" المعلومات يبدو جمعها "أقل إثارة للتحدّي" من مهمة استخلاص القيمة منها لأهداف صناعة القرار. ويتابع ماكموردو فكرته المرتكزة إلى كون المعلومات لا تصبح استخباراً إلّا بعد تحليلها وتقويمها وإصدار الأحكام الأمنية بحقها والتي يحتاج إليها السياسيّون. وفي حين أنّ مهنية المخابرات في الدوائر الحكومية أدّت إلى تطوير تقنيات التحليل والتقويم، راح عالم الشركات الاستخبارية يتجه صوب أفق أقل تعقيداً حيث بات الخط الفاصل بين "الاستخبار" و "المعلومة" أكثر ضبابية.

"مفاجئ"
من هنا، يشرح ماكموردو أنّ التقارير التي وصلت إلى ترامب "لا تشكّل منتجاً استخبارياً" وإنّما هي أقرب إلى تقديم معلومة قد تكون أو لا تكون صحيحة. وبذلك، كان "مفاجئاً" كيف أنّ ملخصاً من صفحتين والذي لم يصل إلى ما تفرضه المعايير الطبيعية للتقارير الاستخبارية أدرِج ضمن تقارير حكومية مصنّفة عليا. انطلاقاً ممّا طرحه الكاتب، سيقدّم ملف ترامب تحديات "غير مسبوقة" لمنظمات المخابرات الأمريكية على صعيد النشاطات والمعرفة.

معنوياتهم ستعاني

المدير العام السابق للسي آي أي مايك موريل حذّر عبر قناة سي بي أس الأسبوع الماضي من أنّ معنويات العاملين في هذا المجال ستعاني إذا تبيّن أن ترامب سيستمرّ في تجاهل ما يفعلونه. ومن غير المرجّح أن يعمد ترامب إلى الاستثمار في المجتمع الاستخباري، بل على العكس من ذلك، تسري أحاديث عن كون الإدارة المقبلة عازمة على إضعاف تأثير منصب مدير مكتب المخابرات القومية. ومن المفترض أن يعمل الأخير كمستشار أساسي للرئيس حول هذه المسائل، خصوصاً بعد الإعلان عن القرصنة الروسية.

التأثير السلبي لترامب

وحتى لو لم يذهب ترامب باتجاه إعادة هيكلة المنظمات الاستخبارية "بأي طريقة ذات معنى" سيبقى مشكوكاً إلى حد بعيد بأن يقبل الرئيس على استخدام المواد التي تقدمها الوكالات المختلفة. وبالنسبة إلى تحذير موريل، إنّ وجود رئيس لا يقدّر منتج أو عمل أجهزة الاستخبار قد يعرّض واشنطن إلى خطر تجنيد المصادر خصوصاً من قبل أولئك المدفوعين بحسّ وطني كبير. وبالتالي سيقدم الرئيس المقبل القليل لدفع العملاء إلى تحمّل المخاطر لتأمين المعلومات المهمّة.

70 سنة في خطر
وهنالك مخاطر أيضاً مرتبطة بوضعية التعاطي مع نوع المعرفة الموجودة لدى الأجهزة الأمنية بحسب الكاتب الذي يستشهد بكلام سابق لترامب يقول فيه إنّه "يعلم أكثر من الجنرالات عن خطر داعش". سنة 1949 قام الأكاديمي الأمريكي شيرمان كَنْتْ بإدخال مفهوم "الاستخبارات الاستراتيجية" التي قضت بـ "تأمين الحقيقة للسلطة" ونشر التفكير المبني على الأدلّة وتقديم مقاربات تشكل تحدياً للمسلّمات التي يعتقد بها الموجودون في السلطة. وأصبح هذا النموذج الأساس الذي ارتكزت إليه الاستخبارات في العالم الغربي لحوالي 70 سنة. "ربّما يواجه الآن أقسى اختبار له" منذ ذلك الحين.