مستوطنة اسرائيلية في الضفة الغربية.(أرشيف)
مستوطنة اسرائيلية في الضفة الغربية.(أرشيف)
الثلاثاء 17 يناير 2017 / 19:28

مخرج فلسطيني للمتاهة الإسرائيلية

معسكر دعاة خيار الضم بات مغرياً للمنادين بحل ينهي معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية ولم يعد مقتصراً على اليمين المتحمس على الدوام لابتلاع الأراضي دون أي اعتبار لسكانها

مثل دوائر ماء بحيرة يلقي فيها العابرون حجارتهم بين حين وآخر، يتسع جدل النخب السياسية والفكرية الإسرائيلية حول تصورات العلاقة المستقبلية بالضفة الغربية وقطاع غزة.

يمكن تقسيم الخطوط العريضة للسجالات الإسرائيلية التي أعقبت صدور قرار مجلس الامن 2334 ولم تنته، مع انعقاد مؤتمر باريس إلى ثلاثة اتجاهات لا تخلو من تجاوز للإطار التقليدي الذي يحكم نقاشات الإسرائيليين للقضايا المستعصية على الحل.

أكثر هذه الاتجاهات حضوراً كان الداعي الى ضم الضفة الغربية أو مناطق واسعة منها، وتكمن خطورة هذا الطرح في استمالته لأصوات يسارية كانت حتى وقت قريب مع حل الدولتين، مما يعني أن معسكر دعاة خيار الضم بات مغرياً للمنادين بحل ينهي معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولم يعد مقتصراً على اليمين المتحمس على الدوام لابتلاع الأراضي دون أي اعتبار لسكانها.

ردود الفعل على دعوات معسكر "الضم" أظهرت احتفاظ اتجاه "التسوية" المتباين في رؤيته حول ما يمكن تقديمه للفلسطينيين بحضور لا باس به في المشهد السياسي الإسرائيلي.

بين هذين الاتجاهين طفا على السطح اتجاه آخر يحذر من تبعات الضم، ولا يرى إمكانية حدوث تسوية قريبة ويدعو بوضوح إلى بقاء الاحتلال مع تحسين الظروف الإنسانية والمعيشية للفلسطينيين في الضفة الغربية.

الرأي العام الإسرائيلي لم يكن بعيداً عن هذه المناخات، حيث أظهرت الاستطلاعات أن نسبة 62% من الجمهور الإسرائيلي تؤيد استمرار الاستيطان، فيما يرغب 39% من الإسرائيليين بضم الضفة الغربية.

تفضي هذه المقدمات إلى نتائج، أبرزها اتساع رقعة يأس معسكر السلام الإسرائيلي من التوصل إلى تسوية على أساس قيام الدولتين مما يعني تراجع إمكانية رهان القيادة الفلسطينية على تفعيل هذا المعسكر بالشكل الذي يساعدها على تحويل تصوراتها الى واقع.

في المقابل لا يمكن تغييب حقيقة قلق شرائح إسرائيلية واسعة من ضم الأرض والسكان، لا سيما وأنه يعني من بين ما يعنيه تغيير التركيبة الديموغرافية لصالح الفلسطينيين وتهديد الطابع اليهودي للدولة.

انكماش احتمالات التسوية والضم يعني بشكل تلقائي زيادة إمكانية بقاء الاحتلال مع تحسينات في الأوضاع المعيشية والإنسانية، يمكن أن تشرف عليها السلطة الفلسطينية أو يقوم بها الجانب الاسرائيلي بشكل شبه مباشر، وربما من خلال فتح قنوات مع بعض أشكال التمثيل الفلسطيني وبذلك تجد إفرازات الأزمة التي يعانيها المشروع الصهيوني منذ نشوئه، حلولها في هشاشة التفكير والبنية الفلسطينيتين.

تمسك القيادة الفلسطينية بخيار الدولتين الموغل في استحالته وتجاهلها الخيارات البديلة يوفر مخارج ملائمة للمتاهة الاسرائيلية ويفوت فرصة الاستفادة من نقاط ضعف التفكير السياسي الإسرائيلي المتمثل بعضها في القلق من ذوبان فكرة يهودية الدولة في معادلات ديموغرافية جديدة تتمخض عن قيام الدولة الواحدة ولتفويت الفرص في مثل هذه الحالات نتيجة واحدة تتمثل في مضاعفة احتمالات نهب الأرض ومواصلة الاستيطان وخلق وقائع جديدة على الأرض .