قوات أمريكية في العراق.(أرشيف)
قوات أمريكية في العراق.(أرشيف)
الإثنين 23 يناير 2017 / 14:58

هل تنسحب أمريكا من النظام العالمي؟

منذ سنوات، تشهد مراكز صنع القرار الأمريكي نقاشات عما إذا كانت أمريكا ستستمر في تصدير الديمقراطية ودعم الليبرالية اللتين وفرتا عقوداً من الاستقرار والأمن في عدة مناطق حول العالم، أم أنها ستحد من تدخلها في العالم، وبخاصة في ما يتعلق بنشر قواتها العسكرية.

أوباما تعلم درساً من العراق وليبيا يقضي بوجوب عدم التدخل، عوضاً عن تعلم كيفية التدخل بصورة أفضل

وكتبت كوري شايكي، باحثة في معهد هوفر، ومشاركة مع جيم ماتيس في تحرير كتاب "محاربون ومواطنون"، بأنه خلال السنوات الثماني الأخيرة، عدلت إدارة أوباما من سياستها الخارجية عبر اتباع سياسة تقشف. فقد سعى أوباما للتقليل من انخراط أمريكا خارجياً، وابتعد عن استراتيجية التدخل من أجل الحفاظ على هيمنة ليبرالية، وأصبح أقرب إلى ما يسمى "التوازن الخارجي".

تدخل ذاتي
وترى شايكي  في مقال في مجلة فورين أفيرز أن الرئيس الجديد ترامب قد يمضي قدماً في تطبيق تلك الاستراتيجية، ويزيد عليها، وذلك تطبيقاً لما دعا إليه في حملته بتحميل دول خارجية مسؤولية حماية أمنها، والتدخل بنفسها عندما يتطلب الأمر كبح جماح قوة صاعدة.

تقشف وتوازن
وتلفت الباحثة لعدم استخدام أوباما لوصفي "تقشف وتوازن خارجي"، عند وصف استراتيجيته، ولكنه أوضح من خلال لقاءاته مع صحفيين، وعبر تصريحاته السياسية، عن اعتقاده بأنه استهل تحولاً تاريخياً بشأن انخراط واشنطن في العالم، وتحرير إدارته من فكر تقليدي اتبعته السياسة الخارجية، ما قاد الولايات المتحدة إلى مستنقع مالي وأخلاقي مكلف.

توقعات
وبالعودة لحملة ترامب، تشير شايكي لاحتمال أن يكون الرئيس الجديد أقل ميلاً لتطبيق وصفات سياسية دعا لها المفكران الأمريكيان ليبر وكوهين، وتقضي بزيادة حجم التدخل الأمريكي الخارجي.

وتتوقع الباحثة أن يسعى ترامب لتطبيق سياسات تقوم على مزيد من التقشف، والابتعاد عن تحالفات دفاعية واتفاقيات تجارية، والسماح للصين وروسيا بزيادة نفوذهما في مناطقهما، والتوقف عن المشاركة في بناء دول، وتقليل المساعي الأمريكية من أجل التأثير في سياسات محلية لدول أخرى.

خيار براغماتي
ولكن، بحسب شايكي، حالما يتسلم رؤساء السلطة، فإنهم يغيرون من توجهاتهم، ويمارسون مسؤولية السلطة، كما فعل أوباما، مثلاً، عندما طبق سياسات بوش المثيرة للجدل بشأن محاربة الإرهاب. وما يلفت الانتباه، برأي الكاتبة، كون ترامب رجلاً غير إيديولوجي، ولربما انتهى به الحال لتبني نهج أكثر تدخلاً في شؤون دول أخرى إن بدا كخيار براغماتي.

وعد أوباما
وتلفت الباحثة لوعد أوباما باتباع أمريكا لدور أكثر تواضعاً في العالم، لأنه رأى بأن ذلك يحد من خطر الإرهاب عبر إخراج الولايات المتحدة من أماكن قابلة لإنتاج متطرفين، ودعم حلفاء أمريكا في محاربة التطرف بأنفسهم. ولكن، بحسب شايكي، لم تكن النتيجة كما توقعها أوباما، لأن التقشف والتوازن الخارجي يمكن أن يؤثر فقط على السياسات الخارجية للدول المعنية، وليس له أثر على حكومات أخرى، وهو أمر يهم الولايات المتحدة لان العالم متشابك بشدة، والصراعات الداخلية تؤدي لحالة من الفوضى واللا استقرار، ينتقلان من مكان لأخر.

انسحاب
وترى الباحثة أن تخلي أوباما عن مهمة تصدير الديمقراطية وحماية الحقوق الفردية في كل مكان في العالم، قد أدى لأن يجعل دولاً أخرى مكاناً أقل أماناً. ويبدو، بحسب شايكي، أن أوباما تعلم درساً من العراق وليبيا يقضي بوجوب عدم التدخل، عوضاً عن تعلم كيفية التدخل بصورة أفضل، كما فعلت الولايات المتحدة في شمال العراق بعد حرب الخليج، وفي حرب البلقان في التسعينيات، وفي الحرب الكولومبية ضد متمردين خلال العقدين الأخيرين.

صعوبة

وتقول الكاتبة إنه من الصعب معرفة الدروس التي يرى ترامب أن واشنطن يجب أن تستقيها من تدخلاتها الأخيرة، أو كيف ستؤثر تلك الخبرات على أسلوبه في استخدام القوة الأمريكية. لقد أوحى بعض المراقبين باحتمال أن يدفع ترامب نحو مزيد من التقشف، والحد من التزامات أمريكا تجاه الناتو، أو احتمال منح روسيا حرية أكبر للتحرك في سوريا وأوروبا الشرقية.