الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
الجمعة 3 فبراير 2017 / 19:58

الشرق الأوسط.. هل ينجح ترامب حيث فشل أوباما؟

بهذا المشهد سيعاد تشكيل خارطة التحالفات في الشرق الأوسط على قاعدة التوازن الأمريكي بين "العرب وإسرائيل" على غرار السياسة التي اتبعتها تقريباً معظم "الإدارات الجمهورية"

لم ينجح أوباما خلال فترة رئاسته الثانية في تكريس نظريته تجاه الشرق الأوسط والمتمثلة بتراجع أهمية هذه المنطقة من العالم في حسابات السياسة الخارجية وفي الحسابات الاقتصادية لواشنطن كونها أصبحت ساحة للفوضى والحرائق.

حاول الرئيس الأمريكي السابق ترويج "عقيدة أوباما" للجمهور الأمريكي عبر لقائه الشهير مع الصحافي جيفري غولدبرغ في "ذا أتلانتيك" في محاولة منه لتبرير تراجع الدور الأمريكي في منطقة تعد تاريخياً من بين المناطق الاكثر أهمية لأمريكا، إلا أن تلك المقابلة التي شرح فيها عقيدته "الانسحابية" أظهرته بصورة المهزوم وتسببت له بالعديد من الانتقادات والفتور في العلاقة بين إدارته والدول الفاعلة في المنطقة وتحديداً مع الحلفاء العرب (دول الخليج العربي والأردن ومصر)، ومن بين أكثر النقاط الخلافية التي أظهرت التباين العميق بين محور الاعتدال العربي المشار إليه وأوباما هي علاقة الإدارة الديمقراطية مع النظام الإيراني والتساهل غير المسبوق معه والذي ساهم في إنجاز الاتفاق النووي الذي نظر له "المعتدلون العرب" على أنه واحد من أخطر التحديات التي تهدد أمنهم القومي.

في المقابل، أظهر الرئيس ترامب وبسرعة قياسية اهتمامه في الشرق الأوسط وبخاصة مع الحلفاء التقليدين أي دول "الاعتدال العربي السنية" حيث التقى الملك عبد الله الثاني كأول زعيم في العالم، وأجرى اتصالات هاتفية مطولة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفي الإطار ذاته أبدى استعداده لإعادة الدفء للعلاقات مع تل أبيب والتي تضررت كثيراً بسبب غياب التفاهم بين أوباما ونتانياهو وليس بسبب ضعف دعم أوباما لإسرائيل كما يعتقد الكثير من المحللين والمراقبين، حيث كانت إداراته أكثر إدارة أمريكية سخاء مع إسرائيل منذ عهد الرئيس ترومان، فقد وافقت إدارة أوباما في سبتمبر الماضي على تقديم حزمة مساعدات عسكرية غير مسبوقة لإسرائيل خلال السنوات العشر المقبلة تقدر بـ 38 مليار دولار والتي تعد الأكبر لمثل هذا النوع من الصفقات في التاريخ الأمريكي.

كما أن الاحصائيات تشير إلى ان 71 % من اليهود الأمريكيين صوتوا لهيلارى كلينتون وأبدوا تخوفهم من "أفكار ترامب اليمينية".

بهذا المشهد سيعاد تشكيل خارطة التحالفات في الشرق الأوسط على قاعدة التوازن الأمريكي بين "العرب وإسرائيل" على غرار السياسة التي اتبعتها تقريباً معظم "الإدارات الجمهورية"، وسيتضح من خلال اللقاء المرتقب بين ترامب ونتانياهو في منتصف الشهر الجاري مدى التوافق بين الرجلين ورؤيتهم لثلاث قضايا ساخنة وهي، موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية، وموضوع السياسية الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، أما القضية الثالثة فهي إيران وكيفية التعامل معها.

الملف الإيراني ليس ملفاً خلافياً بينما يشكل ملف كل من نقل السفارة والاستيطان قضايا خلافية وعميقة، فإدارة ترامب لا تستطيع في الملفين المشار إليهما إرضاء الطرفين إلا في حال إبقاء كل شيء على ما هو عليه، وتحديداً موضوع نقل السفارة الذي يعتقد الكثير من المراقبين أنه ملف قادر على تأجيج الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على غرار ما حدث عام 2001 بعد زيارة شارون للمسجد الأقصى وما رافق تلك الزيارة من مواجهات فجرت "الانتفاضة الثانية".

تعمل دول الاعتدال العربي على تعظيم "التفاهمات السياسية والاقتصادية" مع إدارة أوباما لتكون بمثابة قيود على إدارة ترامب "البراغماتية" وتحد من انحيازها واندفاعها نحو اسرائيل، وهي سياسة سبق أن نجحت إلى حد كبير مع جورج بوش الأب وكلينتون وجورج بوش الابن إلا أنها فشلت مع إدارة أوباما.