ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.(أرشيف)
ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.(أرشيف)
الجمعة 3 فبراير 2017 / 20:04

محمد بن زايد... درس خاص جداً لكل مشغول

الأسرة تأتي في قلب أولويات الرجال العظام، الرجال الكبار، الذين يديرون ملفات تعجز عن متابعتها الحواسيب الآلية، لا ينسون أصغر التفاصيل، كأعياد ميلاد الأبناء والأحفاد

قبل أيام، كنت في مطعم جميل يطل على البحر، يحاذيه ممشى رياضي، وبينما كان المنظر والهواء العليل يحمل طاقة حلوة إلى جلستنا، وكزني صغيري أحمد وهو يبتسم، مشيراً إلى رجل وسيم الطلعة بهي الوجه، دخل إلى المحل يصحب حفيدتيه، قبل أن يدخل بعده رجال من أبنائه وأسرته، وشعرت بفرحة صغيري، وزادتها مشاعر خاصة، تتملكني، كلما رأيت الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، وتدفعني للنهوض بالسلام على سموّه والتعبير عن التقدير، ولكنّي ورفاقي هذه المرة آثرنا الاستكانة احتراماً لوقته الخاص الذي يقضيه مع أسرته، ولكن ولدي أحمد لم يتوقف عن الانبهار، وهو يشير بقلبه ووجهه ويديه وروحه كل لحظة إلى سموه، وهو يقول "بابا شوف بابا محمد".

حينما عدت إلى البيت، راقبت طفلي، وهو يصف لشقيقته وأمه كيف أن "الشيخ محمد بن زايد" توسّط أسرته كلها، وأن حفيدتيه وأبناءه كانوا يضحكون بسعادة ووالدهم يقص عليهم أعذب القصص، وكيف أن قبلاته لعياله كانت مليئة بمشاعر خاصة، وهو يحكي كيف أن أسرة سموه تطلب الطلبات بابتسامة، وأن الشيخ، كان حريصاً على توزيع الاهتمام بكل أسرته، فجأة جاء ليسألني لماذا لم يشاهد مع الشيخ محمد بن زايد رجال أمن كما اعتاد أن يرى في الأفلام مع القادة أمثاله؟ فقلت له: لأنّه عادل ومحبوب وحكيت له قصة عمر بن الخطاب الذي وجده رجل مبعوث حاكم آخر نائماً تحت ظل الشجرة، فقال له حكمت فعدلت فأمنت فنمت، ثم أضفت ضاحكاً، ثم أن برفقته (رئيس الأمن كله). وبعد الإجابة على طيف الأسئلة، تفهّمت من أقرانه وشقيقته إحساسها بالغيرة، حينما جاؤوا يسألونني العدل: لماذا لم أصحبهم لرؤية الشيخ كما رأى شقيقها "المحظوظ".

لقد كان الدرس الكامل يومها، مليئاً بالأفكار، أولها، أن الأسرة تأتي في قلب أولويات الرجال العظام، الرجال الكبار، الذين يديرون ملفات تعجز عن متابعتها الحواسيب الآلية، لا ينسون أصغر التفاصيل، كأعياد ميلاد الأبناء والأحفاد، لقد كان إلهاماً كبيراً. رسالة مسّت رفاقي وتدبرنا أوجه تقصيرنا في حياتنا العائلية، فالبعض حينما ينهمك في أبسط الأعمال، تجده يرفع لزوجته وأحفاده، "أنا مشغول"، فكان هذا الدرس مهماً.

أحياناً، أنظر إلى الصور والمناسبات، بصمت لأقرأ انطباعات الناس، وقدرتهم على التأثير، ودائماً ما تذهلني الطاقة التي يتميّز بها هذا الرجل العظيم، وليس قدرته على التأثير فحسب، بل أيضاً على إلهام الناس بأشياء جميلة، ومذهلة. أذكر أننا تعلمنا قبل سنوات أن نمارس الرياضة، بإلهام من موقف مشابه، حينما رأينا سموّه قبل أعوام يتقدم الرياضيين، ويعلن كيف للرياضة الجماعية أن تزيل الإرهاق وتمنح البلاد عافية تتمناها، ليس لأنها تخفف الأمراض فحسب، بل لأن القلوب التي تنبض مع الجماعة تقوى على رياضة الروح، فحينها أصبحت الدراجة والطواف بها في ممشاها، عادة حميدة، وجد كثيرون آثارها الباقية.

المجتمعات تبحث عن رصيد في الأخلاق، ولكي تخزّنه، تحتاج إلى قدوة، ولذلك تنفق الكثير من الأموال لخلق القدوة، أما نحن فقد خصنا الله بهذا الرجل العظيم، الذي يلهمنا دائماً، بأشياء لا تنقضي، من الخير، ولقد كان درسه هذه المرة، خاصاً جداً، فشكراً لصاحب السمو، وعلينا عزيزي القارئ أن نعتذر لكل من قصرنا في حقه، بدعوى المشغولية، ونمرّن قلوبنا على ممارسة الحب، وقضاء وقت جميل، مع أسرتنا، فأسرة سعيدة تقود لبلد مجيد.
حفظ الله هذا الرجل العظيم، وأسرته الكريمة.