المفكر السعودي ابراهيم البليهي. (أرشيف)
المفكر السعودي ابراهيم البليهي. (أرشيف)
الأحد 12 فبراير 2017 / 21:08

البليهي وأيديولوجية الجهل

يرى البليهي، "أن مشكلة العربي كامنة في انغلاقه ووثوقيته، واستعلائه الكاذب؛ فالعرب يرون أنهم مركز العالم، وأن الحقائق في جانبهم واضحة

كل شيء يدعو للإيجابية في القمة العالمية للحكومات، إيجابية الفكر والسلوك والإدارة والتغيير. ومن بين كلمات رئيسية، ومداخلات وأوراق عمل، كانت هناك جلسة أرى أننا أحوج ما نكون إلى التفكير فيها، وهي جلسة "أيديولوجية الجهل" للكاتب والمفكر السعودي إبراهيم البليهي.

والبليهي مفكر يحترم العقل، ويعادي الجهل والتخلف والتطرف، ولذا فإنه يبدع في تحليل أيديولوجية الجهل، ليس يضره أنه نظر نظرة إيجابية إلى الحضارة الغربية، فهذه ليست جريمة، وإن كانت في نظر البعض "رِدَّة"، وليس يضره أن ينظر للعرب على أنهم ظاهرة معيقة لمسيرة الحضارة الإنسانية، فهو أمر يتقن تبريره لأن جل أخبارهم عنف وقتل وقصف ومذابح بالجملة ومقابر جماعية، فمن أراد أن يحاوره فليفعل، ولسنا ملزمين على أن نتفق معه. وإن كان البعض رأوا في هذا الرأي قدحا في المجتمعات الإسلامية ويستلزم رفع دعوى "حسبة".
يرى البليهي، "أن مشكلة العربي كامنة في انغلاقه ووثوقيته، واستعلائه الكاذب؛ فالعرب يرون أنهم مركز العالم، وأن الحقائق في جانبهم واضحة، وسر هذا الانتفاش الكاذب مصدره التربية الأم؛ ذلك أن البرمجة التي يخضع لها الطفل، والمعرفة التلقائية التي يتلقاها من المؤسسات ما قبل المدرسية، تجعله يتشرب جرعات كبيرة من بادئ الرأي المناقض لمقتضى العقل والواقع، لكن الأخطر من ذلك أنه يمتص أوهام الامتياز والاصطفائية".

حين كتب البليهي كتابه "وأد مقومات الابداع" فإنه دعا إلى بذل الجهد البشري لإدارك ركب الحضارة. والجهد في نظره يتمثل في تنمية التفكير العلمي، والانحياز إلى التحليل على حساب التلقين، وممارسة الإبداع على حساب الاتباع، واكتساب الدراية على حساب الرواية، واحترام الرأي الآخر، والتأكيد على لغة الحوار بين الثقافات والحضارات على أساس من الاحترام المتبادل والندية. فالاحترام المتبادل هو الوسيلة المهمة لإقامة علاقات عميقة، ورسم المستقبل الإنساني المشترك بين الشعوب وإرساء قواعد التفاهم العميق.

لقد تحدث البليهي في دبي، وقال: "إن العقل يصوغه الأسبق إليه" و "إن العلوم والتقنيات لن تجدي إذا كانت المجتمات محكومة بالموروثات الفكرية"، ولذا فإننا فعلاً بحاجة إلى عقل واعٍ لا ينتظر المستقبل بل يذهب إليه، وبحاجة أيضاً إلى أن نراجع موروثنا الفكري، ونكتسب عادات وممارسات الحوار وتقبل الرأي الآخر والانفتاح على المختلف عنا، والتعايش معه باختلافه، ومن المعيب جدا أن ندعي الثقافة والموضوعية ونبقى متعصبين لخلفيتنا الثقافية والحضارية.