سفينة غيرانية في الخليج.(أرشيف)
سفينة غيرانية في الخليج.(أرشيف)
الإثنين 20 فبراير 2017 / 15:14

أيهما أخطر.. إلغاء الاتفاق النووي مع إيران أم الحفاظ عليه؟

كتب نائب وزير الخارجية السابق في إدارة أوباما، أنتوني بلينكن في نيويورك تايمز، أن انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاتفاق النووي الإيراني خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أخيراَ مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وقوله إن "صفقة إيران هي أحد أسوأ الصفقات التي تم إبرامها على الإطلاق" يتماشى مع موقفه السابق الذي يعتبر هذا الاتفاق "كارثياً" و"وصمة عار"، ومن ثم فإن إلغاء هذا الاتفاق سيكون على قائمة أولوياته كرئيس.

ربما يدفع ذلك أيضاً الحرس الثوري لإطلاق العنان للميليشيات الشيعية لمهاجمة القوات الأمريكية في العراق أو ملاحقة السفن الأمريكية في الخليج، أو إغلاق مضيق هرمز التي تعبر من خلاله 25% من تدفقات النفط في العالم

ومع ذلك، فإن اللافت للنظر بالنسبة للكاتب أن كبار المسؤولين في إدارة ترامب أكدوا خلال الأسبوع الماضي لمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، التزام الرئيس ترامب بتنفيذ الاتفاق النووي بشكل كامل، وهو الأمر الذي جرى تأكيده أيضاً لوسائل الإعلام في محاولة لاحتواء خطاب الجنرال مايكل فلين الشديد اللهجة بشأن إيران، وذلك قبل استقالته من منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي.

صفقة جيدة

ويرى الكاتب أن تهديد ترامب ربما يخفى وراءه ادراكاً متزايداً داخل الإدارة الجديدة أن الصفقة التي تم إبرامها مع إيران "جيدة" وتصب في مصلحة أمن الولايات المتحدة وحلفائها؛ إذ تعزز وتؤكد التزام إيران بعدم الحصول على السلاح النووي وذلك بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، كما تفرض قيوداً قوية على قدرة إيران على جمع مخزون من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، فضلاً عن أن الاتفاق النووي يشمل نظاماً للتفتيش أكثر صرامة من غيره، وعلاوة على ذلك فإن المقابل الذي تحصل عليه إيران لقاء ذلك هو من أموالها الخاصة.

وبحسب آدم زوبين، الذي كان حتى وقت قريب المشرف على عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، فإن إيران استعادت حوالي 50 مليار دولار من الأموال المجمدة (وليس 150 مليار دولار كما يزعم البعض)، ويقلّ هذا المبلغ بصورة كبيرة عن احتياجات إيران التي تتجاوز 500 مليار دولار لتلبية المستحقات الاقتصادية مثل رواتب موظفي الحكومة والمعاشات والديون والاستثمار في البنية التحتية ودعم عملتها.

إعادة التفاوض
ويحذر كاتب المقال إدارة ترامب من القيام بأي تراجع واضح عن تنفيذ الاتفاق النووي؛ حيث أن الهجوم المباشر من خلال الانسحاب الأمريكي الأحادي من الاتفاق قد يفرق بين الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين والروس والصينيين (الأطراف الشريكة في الاتفاق النووي)، ومن ثم فإن مثل هذا التصرف سيقود إلى عزلة الولايات المتحدة بدلاً من إيران. وبدلاً من ذلك، يتصور بعض المستشارين المعارضين أنه يمكن إلغاء الاتفاق النووي من خلال وسائل أخرى.

ويوضح الكاتب أن إحدى تلك الوسائل تتمثل في المطالبة "بصفقة أفضل"؛ إذ تساعد انتقادات ترامب على ترسيخ فكرة إعادة التفاوض الذي ربما يركز على زيادة فرص الوصول إلى مواقع عسكرية أو فرض بعض القيود على برنامج إيران النووي وكذلك اختبارات إيران للصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية التي لا يشملها الاتفاق ولا تزال خاضعة للمعاقبة بموجب قرار مجلس الأمن.

ولكن بالنظر إلى الجهد المبذول للتوصل إلى الاتفاق النووي وتعقيداته، فإنه من غير المرجح، برأي الكاتب، أن تدعم الأطراف الأخرى التي وقعت على الاتفاق مبدأ إعادة التفاوض، باستثناء إذا قدمت الإدارة الأمريكية المزيد من المنافع الاقتصادية لإيران في مقابل موافقتها على فرض قيود إضافية على برنامجها النووي، ولكن من غير المعقول أن تكون إدارة ترامب على استعداد لمنح إيران أي شيء.

سلوك إيران البغيض

ويقول الكاتب: "ثمة نهج آخر يرتكز على زيادة الضغط على إيران في المجالات غير النووية، وهو ما سيقود إلى أزمة من شأنها أن تعطي للمعارضين المتشددين داخل طهران سبباً لإلغاء الاتفاق النووي، وبذلك تتخلص واشنطن من مأزق الانسحاب الأحادي. ولا شك في أن السلوك الإيراني بغيض؛ فعلاوة على تجارب الصواريخ الباليستية، يدعم نظام الملالي المتمردين الحوثيين في اليمن بالأسلحة المدمرة، إضافة إلى مضايقة الشحن في الخليج، والحفاظ على بقاء نظام بشار الأسد في سوريا، ودعم حزب الله وحماس وكذلك الميليشيات الشيعية العنيفة في العراق، فضلاً عن قمع الشعب الإيراني داخل البلاد".

عقيدة أوباما
ويلفت الكاتب إلى أن إدارة أوباما كانت واضحة في أن الاتفاق النووي لا يمنح إيران جواز المرور للقيام بأنشطتها العدوانية، ولذلك فقد حافظ الاتفاق على بقاء سلسلة طويلة من العقوبات المحلية والدولية غير النووية، والاستمرار في فرضها، جنباً إلى جنب مع تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي مع الحلفاء في دول الخليج. ولكن عقيدة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما خلصت أيضاً إلى أن التصدي لتلك الأنشطة العدوانية الشريرة التي تمارسها إيران سيكون أكثر خطورة وصعوبة إذا ما تمت المواجهة تحت مظلة نووية إيرانية، ومن ثم فإنه كان حريصاً على وضع ضغط إضافي من أجل الحفاظ على وجود الشركاء الدوليين ومنع انحراف الاتفاق النووي عن مساره.

الحرس الثوري الإيراني
ويشير الكاتب إلى أن إدارة ترامب بمقدورها إعادة فرض العقوبات المرفوعة بموجب الاتفاق النووي بسبب المبررات غير النووية، الأمر الذي سوف تعتبره طهران انتهاكاً للاتفاق، أو يمكنها أيضاً إدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وبالفعل أوردت تقارير أن هذه الخطوة قيد النظر.

ويُعد الحرس الثوري الحامي الرسمي للثورة الإيرانية؛ حيث يضم 100 ألف جندي موزعين على الأقسام الجوية والبحرية والبرية، ويلعب دوراً كبيراً في الاقتصاد الإيراني، وفيلق القدس هو ذراعه العسكري الدولي الذي يدعم القوات الشيعية التي تحارب بالوكالة عن طهران. وكانت الإدارتان السابقتان لبوش وأوباما قد اعتبرت "إيران دولة راعية للإرهاب" وفرضت عقوبات على قادة الحرس الثوري الإيراني وعدد من المؤسسات الإيرانية ذات الصلة بالحرس الثوري، ولكن لم يصل الأمر إلى اعتبار الحرس الثوري ذاته منظمة إرهابية لأن ردود الأفعال السلبية المتوقعة كانت تفوق الفوائد.

ويضيف الكاتب: "من شأن التحدي المباشر لقوات الحرس الثوري الإيراني أن يقود على الأرجح إلى قيام القادة بالضغط على إيران للانسحاب من الاتفاق النووي، إضافة إلى تقويض فرص إعادة انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أبرم الاتفاق سعياً إلى تحقيق الاعتدال لسلوك إيران الدولي. وربما يدفع ذلك أيضاً الحرس الثوري لإطلاق العنان للميليشيات الشيعية لمهاجمة القوات الأمريكية في العراق أو ملاحقة السفن الأمريكية في الخليج، أو إغلاق مضيق هرمز التي تعبر من خلاله 25% من تدفقات النفط في العالم". ويختتم الكاتب قائلاً إن "أيا من تلك الإجراءات كفيل بأن يسفر عن تفاق الأمر إلى صراع كامل، وبخاصة في ظل غياب قناة إدارة الأزمة الفعالة التي أنشأها وزير الخارجية السابق جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وفي هذه الحالة ربما تكون خسارة الاتفاق النووي أقل شيء في اهتماماتنا".