مارين لوبان في نقاش مع ممثل مفتي لبنان حول الحجاب (أف ب)
مارين لوبان في نقاش مع ممثل مفتي لبنان حول الحجاب (أف ب)
الثلاثاء 21 فبراير 2017 / 19:19

مارين لوبان تبتز لبنان وتختطف "مسيحيي الشرق".. للمزايدة الانتخابية

24 - رواد سليمان

أثارت زيارة زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي والمرشحة للانتخابات الرئاسية المقبلة في مايو (أيار) إلى لبنان، ردود فعل متباينة داخلياً وخارجياً، خاصةً بعد العاصفة التي أثارتها برفض وضع غطاء رأس، قبل استقبالها من قبل المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان.

ولكن مارين لوبان التي رفضت على امتداد الزيارة الحديث إلى الصحافيين الفرنسيين، فضلاً عن الإعلام المحلي، سارعت بعد حادثة "الحجاب" إلى الإدلاء بتصريحات قوية، تحدثت فيها، عن التزامها المبدئي، ورفضها الخضوع للأمر الواقع، وفرض إرادة أي طرف مهما كان عليها، "مع تجديد التحية والتقدير للمفتي" كما جاء في تصريحاتها التي نقلتها وسائل الإعلام الفرنسية.

دراية مسبقة
ولكن الزيارة الغريبة إلى لبنان بسبب مواقف لوبان وحزبها من العالم العربي، والإسلام، والهجرة، وتجنيس الأجانب بمن فيهم اللبنانيين، دفعت الإعلام الفرنسي إلى التمعن في أهداف وأسباب الزيارة، التي حاولت المرشحة للانتخابات الرئاسية القادمة تحويلها إلى منصة للترويج السياسي الداخلي في فرنسا، بعد أن نشط حسابها على تويتر بشكل كبير في الساعات الماضية، لنقل أخبار محادثاتها مع الرئيس اللبناني عون، ورئيس حكومته الحريري، والكاردينال الراعي زعيم الطائفة المارونية، وسمير جعجع رئيس القوات اللبنانية وغيرهم من الشخصيات السياسية البارزة في بيروت.

ورغم الجهود التي بذلتها مارين لوبان، فإن زعيمة اليمين المتطرف، فشلت في الإقناع داخلياً وخارجياً حسب صحيفة لوموند الفرنسية التي خصصت حيزاً هاماً على موقعها الالكتروني لحادثة الحجاب، مُشيرةً إلى أن لوبان تعمدت افتعال الحادثة في بيروت بما أنها على علم ومعرفة مسبقة، اعتماداً على بروتوكول الزيارة الموضوع سلفاً بأن المفتي دريان، معروف بموقفه من "غطاء رأس المرأة" خاصةً أن المكان المقرر للمقابلة كان مسجد السيدة عائشة بكار في بيروت.

وأكدت الصحيفة أن المفتي أعلم رسمياً لوبان بضرورة مراعاة "البروتوكول المعتمد" وتغطية رأسها، مراعاةً للأعراف المعمول بها، ولكن زعيمة اليمين ردت، حسب تأكيدها للصحيفة بالرفض، "فاعتقدت أنهم صرفوا النظر عن موضوع الحجاب، حتى الزيارة".

ضجة وأهداف
وأوضحت الصحيفة أن لوبان تعمدت بافتعال هذه القضية، إحداث الضجة الإعلامية ليس في بيروت، لكن في باريس، أمام أنصارها ومؤيديها للظهور بمظهر المرأة الحديدية، التي لا تقبل بالتنازل عما تؤمن به على عكس "رجال الطبقة السياسية" الذين ينساقون لتلبية طلبات محادثيهم في دول الشرق المسلم أو العربي.

ابتزاز كاثوليك فرنسا

ومن جهة أخرى اتهمت صحيفة لوجورنال دو ديمانش، مارين لوبان بابتزاز اليمين الفرنسي المحافظ، والشق المتطرف منه الذي يضم القوميين الشوفينيين، والمسيحيين المتطرفين، والكاثوليك التقليديين، بزيارتها بيروت لاختطاف ورقة "مسيحيي الشرق" واللعب بها في انتخابات الرئاسة الفرنسية المقبلة.

وكشف الصحيفة أن هدف لوبان يتجاوز كثيراً مجرد الزيارة "الودية" إلى لبنان الدولة المتعددة الديانات والمذاهب والطوائف، في محاولة من مرشحة للرئاسة الفرنسية، لتشجيع التعايش الديني والثقافي والعرقي، في الشرق الأوسط وفي فرنسا، ولكن للعب ورقة المدافع عن إخوة الشرق المضطهدين، ابتداءً بلبنان.

وحسب لوجورنال دو ديمانش، فإن زيارة لبنان لا تهدف إلى التعرف على ميزة التجربة اللبنانية، التي يُفرد دستورها المسيحيين الكاثوليك بمنصب الرئاسة، ولكن لتوسيع قاعدة حضورها وقدرتها على التجنيد في الأوساط اليمينية الأكثر تطرفاً.

وحسب الصحيفة فإن لوبان تهدف بزيارتها لبنان، إلى تعزيز شعبيتها بين فرنسيي لبنان من مزدوجي الجنسية، وهي التي حققت أفضل نتيجة لها بين الفرنسيين في الخارج بمناسية انتخابات 2012 الرئاسية، بتحقيق نسبة 9% من أصوات الناخبين.

من أصل لبناني
ولكن حسابات مارين لوبان لا تتوقف حسب لوجورنال دو ديمانش عند المقيمين في بيروت، بل تتجاوز ذلك إلى الفرنسيين من أصل لبناني، الذين يمثلون بضع آلاف من الأصوات التي لا يُستهان بها، خاصةً في الأوساط المتطرفة والمتشددة.

وأضافت الصحيفة أن لوبان التي تحدثت أثناء لقائها برئيس الحكومة سعد الحريري، عن العلاقات القديمة والوثيقة بين البلدين، لم تكن تقصد بالتأكيد العلاقات الرسمية بين الدولتين، ولكنها تقصد العلاقات بين المتطرفين اليمينيين في منتصف السبعينات من القرن الماضي، بالحرب الأهلية اللبنانية، وانخراط المئات منهم، في مختلف الميليشيات المسيحية في لبنان، ويُمثل بعضهم اليوم قيادات بارزة في حزب لوبان وفي الحركات المتطرفة الكثيرة الأخرى الموالية له.

متطوعون مسيحيون
وفي هذا السياق كشفت الصحيفة عن الدور الغامض الذي لعبه ولا يزال يضطلع به واليراند دو سانت جوست، أمين المال الحالي لحزب لوبان، والمحامي السابق في الدفاع عن زعيم حزب القوات اللبنانية التاريخي سمير جعجع، أو تيبو دو لا توكناي، المستشار الجهوي في مجلس محافظة بروفونس كوت دازور الفرنسية، وعاصمتها نيس، معقل الحزب، المتطوع السابق في الحرب اللبنانية إلى جانب الميليشيات المسيحية، والمشرف على تسهيل وصول المئات من المتطوعين المسيحيين والقوميين الفرنسيين على امتداد السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، إلى معسكرات مختلف التشيكلات العسكرية اللبنانية المسيحية.

حامية مسيحيي الشرق

وبزيارتها هذه وافتعال أزمة مثل التي حصلت مع المفتي اللبناني، فإن خطاب مارين لوبان يتجاوز بيروت إلى فرنسا، وقواعد الحزب، والناخبين من اليمين المتطرف والمحافظ، والأوساط الكاثوليكية المتشددة في فرنسا، لتقديم زعيمة الحزب اليميني، حاميةً لمسيحيي الشرق، والمدافعة عنهم، ضد مواطنيهم الآخرين، من الطوائف المختلفة، ورسالة إلى لبنانيي فرنسا، أو المنحدرين من أصول لبنانية لدعم الجبهة الوطنية، مثل المحامي السابق عن أشهر مرتزق غربي في السنوات الأخيرة بوب دينار، والمنظم الرسمي لبرنامج زيارة مارين لوبان إلى بيروت عضو الحزب المتطرف وأحد مرشحي الحزب للانتخابات البلدية الماضية في باريس، إيلي حاتم القيادي الكبير في واحدة من أكثر التيارات اليمينية المتطرفة منظمة "العمل الفرنسي" المتشددة والأصولية، الموالية لحركة شارل موراس، المؤسس الأول بين 1850 و195 للحركة الموراسية، التي تشكل حزب الجبهة الوطنية من قدماء أعضائها بقيادة جان ماري لوبان، والد مارين، في 1972 لتشكل جبهة تجمع كل الحركات اليمينية المتطرفة الكثيرة التي ازدهرت في فرنسا منذ 1930، في إطار "الجبهة الوطنية".