جانب من إحدى جلسات مناقشات جنيف بالشأن السوري (أرشيف /  غيتي)
جانب من إحدى جلسات مناقشات جنيف بالشأن السوري (أرشيف / غيتي)
الثلاثاء 21 فبراير 2017 / 21:01

المفاوضون السوريون في جنيف: الجعفري في مواجهة الحريري وصبرا

يقود الدبلوماسي المخضرم بشار الجعفري وفد الحكومة السورية إلى مفاوضات جنيف، فيما اختارت المعارضة طبيب القلب نصر الحريري، العضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية رئيساً لوفدها، والمحامي محمد صبرا كبيراً للمفاوضين.

يشكل الجعفري (61 عاماً) أبرز وجوه الدبلوماسية السورية، ما يفسر إطلاق تسمية "أسد الدبلوماسية" عليه في دمشق، على حد تعبير صحافي مطلع في العاصمة السورية.

ترأس الجعفري كل وفود الحكومة السورية إلى جنيف وهو المتحدث الوحيد باسمها. ولطالما كان مدافعاً شرساً عن جرائم النظام السوري منذ اندلاع النزاع في العام 2011.


في أروقة الأمم المتحدة كما على المنابر الدولية، استمات في نفي كل التهم الموجهة إلى حكومته خصوصاً تلك المتعلقة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وأبرزها الهجوم بالأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية في ريف دمشق في العام 2013، ما تسبب بمقتل المئات.

ويعرف الجعفري بدهائه الدبلوماسي وحنكته بعدما تمرس طويلاً في السلك الدبلوماسي منذ التحاقه في العام 1980 بوزارة الخارجية السورية. وشغل أول منصب له خارج البلاد في باريس كملحق دبلوماسي وتدرج في مناصب عدة حتى تعيينه منذ العام 2006، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك.


وقال دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي في وقت سابق إن "تحليلات الجعفري غير القابلة للنقاش حول الوضع في سوريا تجعل من الصعب التحاور معه".

وأضاف: "أداؤه المثير للجدل في مجلس الأمن لا يساعد على تغيير النظرة إليه على اعتبار أنه متحدث باسم الأسد أكثر منه دبلوماسي".

ويلم الجعفري المتزوج من سيدة إيرانية، بلغات عدة بينها الفرنسية والإنكليزية والفارسية، انطلاقاً من خلفيته الأكاديمية وشهاداته، وبينها دبلوم دراسات عليا في الترجمة والتعريب ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة السوربون في باريس.

وانطلاقاً من مكانته لدى النظام السوري الذي يتعرض منذ العام 2011 لانتقادات الدول الغربية والمنظمات الحقوقية، قيدت الولايات المتحدة منذ مارس (آذار) العام 2014 حركته، فلم يعد يحق له التحرك سوى في قطر لا يتجاوز 40 كيلومتراً حول مدينة نيويورك.

وإذا كانت مشاركة الوفد السوري في جولات التفاوض السابقة تمت وسط ضغوط دولية قوية، روسية وأمريكية تحديداً، إلا أن الجعفري يتوجه هذه المرة إلى جنيف على وقع سلسلة انتصارات ميدانية حققها النظام وميليشياته، كان آخرها السيطرة على مدينة حلب في ديسمبر (كانون الأول)، في ضربة قاضية للفصائل المعارضة.


في المقلب الآخر، شارك الحريري (40 عاماً) في جولات المفاوضات الأخيرة في جنيف في عداد الوفد الاستشاري. ويقول عارفوه إنه على اطلاع عن كثب على ملفات التفاوض كافة.

والحريري طبيب قلب يتحدر من مدينة درعا (جنوب) التي شهدت أولى التظاهرات السلمية ضد نظام الأسد في مارس (آذار) 2011، قبل تحولها إلى نزاع دام تسبب بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية.

وشكلت انطلاقة الحركة الاحتجاجية ضد النظام نقطة تحول في مسيرة الحريري الذي كان قد تنقل قبل ذلك في وظائف عدة أبرزها رئاسة قسم الأطباء في مستشفيات في درعا ودمشق. ومنذ العام 2011، انخرط في النشاطات الإغاثية والطبية خصوصاً في درعا ثم الأردن، وانضم إلى عضوية الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.

يتقن الحريري اللغة الانكليزية تحدثاً وكتابة. وفي مواجهة الجعفري، لا تبدو مهمته سهلة، على الرغم من أنه معروف بهدوئه ودقته وقدرته على تحمل الضغوط، كما يقول عارفوه.

ويقول قيادي في الائتلاف "لديه قدرات حوارية، ويتمتع بذكاء حاد وحيوية مطلقة".

ويصفه أحد الناشطين المعارضين بأنه "دبلوماسي جداً لكنه يكون أحياناً أشبه بكتلة نار متنقلة".


لا يختلف محمد صبرا، المحامي ورجل القانون المتمرس، في طباعه عن الحريري. وليست المرة الأولى التي يذهب فيها إلى جنيف، إذ كان من ضمن الوفد التقني في العام 2014 وفي عداد الوفد المفاوض العام الماضي، وهو بالتالي مطلع على النقاشات التي تمت تحت سقف الأمم المتحدة.

وسبق لصبرا أن تولى مهمات استشارية وقانونية عدة داخل الائتلاف المعارض وشغل منصب المستشار القانوني لأكثر من رئيس فيه. كما أشرف على صياغة وثائق قانونية عدة صادرة عن الائتلاف انطلاقاً من خلفيته الأكاديمية، إذ يحمل شهادة دبلوم في الدراسات المعمقة في القانون العام، وهو متخصص في القانون الخاص.

في نهاية العام 2014، استقال صبرا من الهيئة القانونية للائتلاف، بعد مشاركته في تأسيس حزب "الجمهورية" المعارض في أبريل (نيسان) من العام ذاته في اسطنبول.

ويقيم صبرا في دولة الإمارات العريبة، وهو مقل في ظهوره الإعلامي.

ويخلف صبرا في منصبه ككبير المفاوضين محمد علوش، القيادي البارز في جيش الاسلام، فصيل معارض نافذ في ريف دمشق، والذي لطالما وصفه الجعفري بـ"الإرهابي"، رافضاً التحاور معه.