لوحة لأسعار العملات في محل صيرفة تركي.(أرشيف)
لوحة لأسعار العملات في محل صيرفة تركي.(أرشيف)
الأربعاء 22 فبراير 2017 / 15:12

الاقتصاد التركي بخطر.. التعديلات الدستورية تنفّر المستثمرين

عقب وقوع عدة هجمات إرهابية، ومنها المجزرة التي نفذت داخل ملهى رينا الليلي في اسطنبول، ليلة رأس السنة، يقول غاريت كريفيسيش، مدير استخباراتي لدى ماكس للحلول الأمنية، وهي شركة استشارات حول المخاطر الجيو سياسية والأمنية، إن الحكومة التركية مطالبة بمعالجة عدة قضايا أمنية، ولكن هناك قطاع أهملته السلطات التركية، وهو من أكثرها تأثراً بموجة العنف التي اجتاحت تركيا. إنه الاقتصاد.

إن كان هدف المتطرفين الناشطين في تركيا زعزعة الاقتصاد التركي، فقد نجحوا. وفي حال لم تجر إصلاحات اقتصادية، فإن مواجهة تركيا لبضعة هجمات قد تؤدي لحالة ركود اقتصادي هائل

ويلفت كريفيسيش في مجلة ناشونال إنترست إلى أنه بمواصلة تركيا الاستثمار في مشاريع كبرى، كبناء ثالث مطار في اسطنبول، فإنها تهمل ارتفاع الدين القومي. ويواصل الرئيس إردوغان وصف نفسه بأنه "عدو أسعار الفائدة"، بالرغم من مواجهة البلاد لقضايا استثمارية خطيرة. فقد حدث، وبالتوازي مع هجمات المتطرفين، أن ضعفت ثقة المستهلك بالاقتصاد التركي. ولذا لا عجب في استمرار تراجع قيمة الليرة التركية في مقابل الدولار.

عامل رئيسي
ويرى كريفيسيش أن عدم الاستقرار في الحالة الأمنية التركية يعد عاملاً رئيسياً في ضعف الاستثمارات هناك. ومع صحة القول بتمكن السلطات التركية من السيطرة، إلى حد ما، على العنف الكردي في جنوب شرق البلاد، وقعت في شهر يناير( كانون الثاني) أربعة عمليات إرهابية في اسطنبول، فضلاً عن اغتيال السفير الروسي في أنقرة في نهاية عام 2016.

تلك عمليات تظهر، بحسب الباحث، التحديات الأمنية الكبيرة التي ما زالت تواجهها تركيا. ومن المؤكد أنها تمثل عاملاً رئيسياً في تردي الحالة الاقتصادية التركية.

اضطراب

ويرى كريفيسيش أن معالجة الحكومة لهذا الاضطراب الاقتصادي هو ما أدى، في الواقع، لهبوط قيمة الليرة. فقد تلقت أنقرة، بنهاية عام 2016، بيانات مقلقة بشأن ارتفاع معدل التضخم. ولكن ورغم استمرار المشكلة، لم تتحرك الحكومة لمعالجة الوضع.

وبحسب الباحث، يستطيع المصرف المركزي التركي التحرك عبر زيادة أسعار الفائدة. ومن شان خطوة كتلك أن تحفز المستثمرين الأجانب لإيداع أموالهم في البنوك التركية، وبالتالي رفع قيمة العملة المترنحة. ولكن ضغط الرئيس رجب طيب إردوغان المتواصل على المصرف المركزي أدى لشل تلك المؤسسة، خاصة مع استمرار ادعائه بأن أي ارتفاع في معدلات الفائدة سيمنع المستهلكين من الإنفاق في تركيا.

استعادة الثقة
ويرى كريفيسيش أن الحكومة التركية بحاجة لتعديل سياستها الاقتصادية. وفي حين تقوم السلطات بكل ما من شأنه لاستعادة الثقة بالجهاز الأمني الرسمي، فإن حلولاً جادة للتصدي لتراجع قيمة الليرة لن تتحقق ما لم تقدم الحكومة على إجراء إصلاح اقتصادي جاد. ولكن، بحسب الباحث، لم تظهر أنقرة استعداداً لتطبيق أية إصلاحات اقتصادية. وعوضاً عنه، ركز إردوغان على رفع صلاحيات مكتبه الشخصي عبر الدفع قدماً نحو إجراء استفتاء لأجل تحويل النظام البرلماني التركي إلى نظام رئاسي.

رد فعل

ويقول الباحث إن تمرير تلك التعديلات الدستورية لن تزيد فقط من مخاوف المستثمرين الدوليين بشأن الاستقرار السياسي في تركيا، بل ستوثر على البنك المركزي التركي، والذي سيواجه بالتأكيد رد فعل قاسياً إذا عمل خلافاً لرغبات إردوغان. وباعتقاد كريفيسيش لاحظ السياح حالة اللا استقرار التركية. فقد تراجع عدد زوار اسطنبول من الأجانب إلى قرابة 9 ملايين شخص في عام 2016، بتراجع بلغت نسبته 26% عن العام الذي سبقه. وتعد السياحة من بين أهم موارد الدخل التركي. وفيما كان ينظر إليه بوصفه أحد أكبر الاقتصادات نموا ً في العام، فقد بدأ الاقتصاد التركي بالترنح، ومستقبله لا يبشر بخير.

وبحسب الباحث، إن كان هدف المتطرفين الناشطين في تركيا زعزعة الاقتصاد التركي، فقد نجحوا. وفي حال لم تجر إصلاحات اقتصادية، فإن مواجهة تركيا لبضعة هجمات قد تؤدي لحالة ركود اقتصادي هائل.