الخميس 23 فبراير 2017 / 10:11

التعديل الوزاري وأسباب للتفاؤل!

الوطن - محمد صلاح البدري

في البداية ينبغي أن أعترف أنني لست من أنصار البكاء على اللبن المسكوب، فالتوقف أمام ما حدث بالفعل لن يفيد المستقبل في شيء، والحياة تحتاج دوماً إلى جرعة من التفاؤل، لتستمر.

لم يكن التعديل الوزاري الأخير مرضياً لقطاع كبير من المراقبين للوضع السياسي في مصر، إنها الحقيقة التي ينبغي أن تقرها الحكومة، بل ربما يمكنني أن أزعم أنه قد تسبب في توزيع الشعور العام بالإحباط في نفوس الجميع في هذا الوادي الطيب، لقد أتى التعديل الذي ترقبه الجميع كطوق نجاة من أداء دون المستوى، مخيباً للآمال إلى درجة كبيرة عند المواطن البسيط، فباستثناء وجود نقاط مضيئة قليلة في تفاصيل التعديل، لم نجد تعديلاً يأخذ في الاعتبار مشاكل الحكومة الأساسية التي عانت منها في الفترة السابقة، لم نجد محاسبة للسادة الوزراء الذين اجتمعت الآراء بما فيها الحكومية، على فشلهم في إدارة الملفات العالقة في وزاراتهم!، إن تعديلاً يشمل 9 أسماء لم يكن ينبغي أن يخرج دون تغيير لوزير الصحة على سبيل المثال بعد كل الأزمات التي عانت منها الوزارة في عهده!، وتدخل الرئاسة أكثر من مرة لحل مشاكل متعددة، كان سيادته طرفاً رئيسياً فيها، ولكن يبدو أن الحكومة ترى ما لا نراه، وتخشى أن تعلن عنه للناس خوفاً من الحسد.

وربما يلعب الوقت الذي استغرقه ذلك التعديل أيضاً سبباً رئيسياً في كل تلك المشاعر السلبية نحوه، فإعلان السيد الرئيس عنه كان في الأيام الأولى من العام، وانتظره الجميع يوماً بعد يوم دون حدوثه، ومعروف بالطبع أن الوقت يرفع من سقف الطموحات، ولذا فقد أتى أقل مما ينتظره الناس!.

لكل الأسباب السابقة، فقد قررت أن أنظر للجانب المضيء من الصورة، وأتوسم الخير في تلك النقاط المضيئة التي لمحناها بين ثنايا التعديل!، بالتأكيد لم يأت الأمر في مجمله سيئاً، فوجود قامة مثل الدكتور طارق شوقي على رأس وزارة التعليم هو اختيار أكثر من جيد، الرجل يحمل مشروعاً متكاملاً للتعليم في مصر، ويحمل من السمات الشخصية ما يجعل وجوده مبشراً، خاصة عقب الفترة الماضية التي عانينا فيها جميعاً مع سيادة الوزير السابق وتسريباته!.

كما أتى انضمام وزارة الاستثمار لمهام الدكتورة سحر نصر بجانب وزارة التعاون الدولي تأكيداً على ما أثق فيه أن سيادة الوزيرة تحمل طاقات وخبرات تحتاج إلى أن يتم توظيفها واستغلالها أكثر بكثير من ملف التعاون الدولي منفرداً، فخبرتها السابقة في البنك الدولي كان ينبغي الاستفادة منها منذ البداية، والفترة المقبلة ستحمل ما يؤكد وجهة نظري، أذكر أنني وجهت سؤالاً لسيادة الوزيرة في أحد نماذج المحاكاة للحكومة ضمن فعاليات مؤتمر شرم الشيخ للشباب منذ عدة أشهر يتعلق بجذب فرص الاستثمار، فكان ردها منظماً ومنطقياً بل ومقنعاً، لذا أثق أنها ستتعامل مع الملف الأهم في هذا التوقيت بالشكل الذي يليق به.

هناك مقولة شهيرة للرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي أن ربع المواطنين سيعترضون على أي شيء تقدمه ولو كان عشاء مجانياً فاخراً، لا أعرف إن كان قد صرح بمثل هذا التصريح عن دراسة علمية ممنهجة أو أنه كان يحاول الاستخفاف بالمعارضة القوية التي ظهرت ضده أيام حكمه، ولكنني أرى وبمقاييس حيادية، أنه ربما يكون محقاً إلى حد كبير!، لن يرضى الجميع عن أداء الحكومة وإن كان مثالياً، وستظل الاعتراضات موجودة باستمرار، ولكن ينبغي أن نمتلك قريحة متفتحة إلى حد ما للتفريق بين العيوب الحقيقية التي تحتاج إلى تدخل سريع وفوري، والنقاط المضيئة التي ستضيف حتماً إلى أداء الحكومة، التي ننتظر منها الكثير سريعاً للقضاء على ذلك الجو الملبد بالتشاؤم!