آليات عسكرية تركية على الحدود مع سوريا.(أرشيف)
آليات عسكرية تركية على الحدود مع سوريا.(أرشيف)
الخميس 23 فبراير 2017 / 13:41

بعد الباب..لا استراتيجية تركية للخروج من سوريا

بعد أشهر من القتال والتقدم المكلف، بات الجيش التركي وقوات سورية معارضة متحالفة معه، في وضع جيد لاستعادة كامل مدينة الباب، شمال سوريا، من قبضة داعش.

توشك تركيا على تحقيق هدف عسكري محدود، هزيمة داعش في الباب لضمان قطع الطرق على إقامة كيان كردي موحد على طول الحدود التركية ـ السورية

وبرأي آرون ستاين، زميل بارز في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع لأتلانتيك كاونسيل، وزميله راو كومار، باحث رفيع المستوى في نفس المركز، بهذا الإنجاز تكون تركيا حققت أهدافها المحددة لعملية "درع الفرات"، في شمال محافظة حلب، وهو طرد داعش بعيداً عن الحدود التركية، ومنع قوات كردية معادية من ربط منطقتها في جنوب تركيا.

مستنقع سوري

ولكن بحسب الباحثين، ستاين وكومار، بعد الباب لن يكون أمام قادة درع الفرات مكان يتقدمون نحوه. وإن كانت مكاسب تركيا ستدوم، فقد لا يكون بإمكان قواتها أن تغادر المكان. وعند تنفيذ عملية "درع الفرات"، قد تكون تركيا رمت بنفسها في المستنقع السوري.

وباعتقاد الباحثين، ليس لدى تركيا استراتيجية واضحة للخروج من سوريا، بل مجموعة من الخيارات الضعيفة لاحتمال تصعيد عملياتها العسكرية. ويبدو أن تركيا عازمة على احتلال خطير لجزء من محافظة حلب، ما يضعف بالتالي وحدة الأراضي السورية، ويقوي خصوم أنقرة.

ماذا بعد الباب؟
ويلفت ستاين وكومار لعدم إعلان الحكومة التركية خطة لحكم المنطقة التي تسيطر عليها حالياً في شمال سوريا، أو لنقل السلطة لهيئة مدنية قادرة على توفير الخدمات في منطقة مزقتها الحرب الأهلية. وعوضاً عنه، أشار الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مؤخراً لنيته توسيع الحملة لاستهداف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ووحدات حماية الشعب (يو بي جي)، فرع لبي كي كي الكردي الذي يشن حملة ضد تركيا منذ 1984.

تحريك قوات
ويشير الباحثان لاحتمال أن يكون ذلك الاقتراح جزءاً، على ما يبدو، من مساع تركية لإنشاء منطقة آمنة بمساحة 5000 كيلومتر مربع خالية من داعش وقوات يو بي جي. وقد تضم تلك المنطقة منبج وعفرين، منطقتين محميتين جيداً من قوات كردية عند الحدود التركية ـ السورية. وبعد سقوط الباب، قد يكون لمواصلة تركيا عمليتها العسكرية تبعاته على قوات قسد التي تهاجم الرقة، معقل داعش، بدعم أمريكي. فإن هجوم تركيا على منبج، مثلاً، قد يجبر قسد على تحريك قواتها بعيداً عن ضواحي الرقة، ولربما تأخير خطة هجوم ضد المدينة.

مخاطر
وبحسب ستاين وكومار، يترتب على احتلال تركيا لأراضٍ سورية مخاطر كبيرة. فقد سمحت المصاعب التي واجهتها قوات تركية حول مدينة الباب، لقوات الجيش السوري وميليشيات حليفة، مدعومة بضربات جوية روسية، للتقدم شرق مدينة حلب. وهكذا أصبح الجيش السوري وحلفاؤه يسيطرون اليوم على هضبة مطلة على الطريق الرئيسي الرابط بين الباب والرقة، ما يعيق فعلياً أي هجوم تركي باتجاه الرقة.

اعتبارات سياسية
ومن جانب آخر، يشير ستاين وكومار، لتمكن قوات كردية، مدعومة أمريكياً، من تحصين مواقعها في الشمال السوري، ما سيصعب على القوات التركية وحلفائها من قوات المعارضة السورية، التقدم سريعاً كما حققوا في بداية عملية درع الفرات. كما ستلعب اعتبارات سياسية دورها لإعاقة تنفيذ عملية تركية عسكرية واسعة النطاق ضد يو بي جي في المنطقة، التي تربطها علاقة عمل وأهداف مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لطرد داعش من شمال سوريا.

تحديات
وبحسب الباحثين، توشك تركيا على تحقيق هدف عسكري محدود، هزيمة داعش في الباب لضمان قطع الطرق على إقامة كيان كردي موحد على طول الحدود التركية ـ السورية. ولكن ستبقى هناك تحديات تواجه تركيا في تحركها نحو مرحلة أخرى من العمليات: بناء مؤسسات. إن ذلك سيولد مجموعة أخرى من القضايا التي لا بد، من التعامل معها، لبقاء القوات التركية في سوريا في المستقبل المنظور.